مقالات وآراء سياسية

من هم الذين يعرقلون عمل بعثة يونيتامس في السودان !!

يوسف آدم
بعد أن تقدم السيد رئيس الوزراء عبدالله حمدون في يناير 2020 كممثل لحكومة السودان بطلب رسمي من الأمم المتحدة لدعم حكومة الفترة الإنتقالية في البلاد ببعثة سياسية تحت الفصل السادس، من أجل تحقيق السلام الشامل في البلاد ودعم التحول الديمقراطي لتشمل ولايتها كامل أراضي السودان، إلا أن خطابها تمت إحالتها إلى مجلس الأمن، وفي مارس 2020 طلب مجلس الأمن من رئيس الوزراء بإرسال طلب جديد للأمين العام للأمم المتحدة للحصول على ولاية مجلس الأمن لإنشاء بعثة سياسية تكحت البند السادس. بعد إعادة إرسال الطلب، عقد مجلس الأمن جلسة طارئة بذات الشأن، وناقش الحالة في السودان، وأجاز خلالها القرار رقم 2524 الخاص بإنشاء بعثة جديدة لمساعدة حكومة الفترة الإنتقالية في البلاد “UNITAMS”، وقد تقدم بمشروع القرار كل من بريطانيا وألمانيا في يونيو 2020م. وبحسب مشروع القرار قد حدد بأن تبدأ مهام البعثة في الأول من يناير لعام 2021 لمدة 12 شهر قابلة للتمديد، إلا أنها تأخرت كثيرًا عن التقويم الزمني المحدد لها بسبب جائحة كورونا والخلافات بين المكون العسكري والمدني في مهام البعثة وسنتعرف عليها لاحقًا.

وتهدف عمل بعثة الأمم المتحدة في السودان إلى حماية المدنيين في مناطق النزاع “دارفور، النيل الأزرق وجبال النوبة”، وتقديم المساعدة القانونية والمشورة السياسية لحكومة الفترة الإنتقالية في البلاد، دعم تعزيز السلام وتقديم المساعدة للتحول الديمقراطي في البلاد بنهاية الفترة الإنتقالية وسيادة حكم القانون. إضافة إلى دعم تعبئة المساعدة الاقتصادية، الإنمائية والإنسانية في البلاد.

وتهدف مهام البعثة أيضًا إلى إحلال مكان البعثة المشتركة بين الأمم المتحدة والإتحاد الإفريقي في دارفور المنتهي ولايته في 31 أكتوبر من لعام 2020، مع بقاء شرطة البعثة والمكوني العسكري لها، إلا أنه مددت فترة بعثة UNAMID لعدة أشهر نظرًا لطبيعة الحالة في دارفور وتأثير تداعيات جائحة فيروس كورونا.
وفي فبراير 2021 وصل إلى الخرطوم السيد “فولكر بيرتس” لتولي مهام الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان ورئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الفترة الإنتقالية في البلاد، وبعد وصوله أجرى عدة مقابلات وإجتماعات مع شركاء الفترة الإنتقالية في السودان وبعض أطراف الصراع في البلاد.
وبالرغم من وجود رئيس البعثة في البلاد لأكثر من شهرين إلا أن الخلافات في مصفوفة مهام عملها حالت دون تحقيق أهداف البعثة حتى هذه اللحظة.

وحذر اليوم السيد “فلوكر بيريتس” رئيس بعثة “يونيتامس” في السودان خلال مؤتمره الصحفي بمقر البعثة بالخرطوم من إنقسام في مجلس الأمن بشأن مهمة عمل البعثة، وحذر من كثرة الجيوش في البلاد وعدم توصل الحكومة على دمج وتسريح الجيوش والمليشيات المسلحة، حيث قال “الوصول إلى سودان مستقر لايمكن أن يتحقق في ظل وجود ثلاثة جيوش” حيث يقصد بهما القوات المسلحة، جيوش قوى الكفاح المسلح ومليشيات الدعم السريع؛ وفي إعتقادي الآخيرة هي الأخطر على عملية التبادل السلمي للسلطة في البلاد، بسط الأمن وسيادة حكم القانون. وخيب السيد فلوكر ظن الكثيرون في حل مشاكل السودان وأقر بوجود صعوبات قد تواجه عمل البعثة حيث قال إن هنالك مشاكل يمتد تاريخها إلى مئات السنين مما يتطلب تضافر الجهود لحلها، وهنا يتفق بشكل كبير مع من يظنون بأن مشاكل وأزمات السودان موروثة عبر الحقب التاريخية القديمة فهنالك أصحاب الإمتيازات التاريخية مازالوا يسيطرون على الوضع ويظنون بأنهم الأسياد وما تبقى هم الطبقة الخادمة لهم.

واليوم أيضًا قالت مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن إنها تشعر بالقلق بشأن وضعية البعثة الأممية الجديدة “يونيتامس” في السودان بسبب عدم توقيع السودان على الوثيقة الخاصة بعمل البعثة في السودان حتى هذه اللحظة، وصعدت لهجتها تجاه الحكومة الإنتقالية في البلاد لتماطلها في تكوين المجلس التشريعي التي تضمن الإنتقال السلمي للسلطة في البلاد. ومطالبة الحكومة وشركاءها بحماية المدنيين في مناطق الصراعات والإسراع بإكتمال هياكل السلطة الإنتقالية والمضي قدمًا في تحقيق السلام الشامل.

وهنالك جهات داخل أجهزة السلطة الإنتقالية في البلاد ينتمون للنظام المقبور لهم أجندة خاصة فيبثون الشائعات حول مهام عمل البعثة، ويخشون من جرائمهم التي إرتكبوها في مناطق الصراعات “دارفور، جبال النوبة والنيل الأزرق” ويسعون لتعطيل عملها وعدم توفيق أوضاعها في البلاد، وهؤلاء هم شخصيات نافذة داخل المكون العسكري “لجنة أمن المخلوع” وهم لديهم الولاء للنظام البائد ودائمًا مايتحدثون بأن عمل البعثة قد تمس سيادة البلاد، وبالرغم من علمهم التام بمهام عمل البعثة وأهدافها إلا إنهم بسعون لعرقلة عمل البعثة.

فإذا لم يتدخل رئيس الوزراء، أطراف العملية السلمية في البلاد والقوى الثورية الفاعلة في تسهيل مهمام عمل البعثة دون تقيدها كما يحدث الآن، فسيفشل مهمام البعثة وستنتهي المدة الأولى دون إحراز أي تقدم في عملية تحقيق السلام وإعادة ما دمرتها الحرب، وبلادنا ستواجه مشكلة كبيرة تجاه الإنتقال السلمي للسلطة وربما قد يطمع العسكر في السلطة ويقومون بفض الشراكة مع المدنيين بحجة فشل الحكومة الإنتقالية، كما حذر منها الكثيرون.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..