مقالات وآراء

 مدنية الدولة تعني مدنية المدن

أ. غازي محي الدين عبد الله

ظاهرة  الحشود العسكرية في مدينة الخرطوم و تمركز أكثر من قوة عسكرية مدججة بكامل عداتها العسكري في الحدائق العامة بالعاصمة الخرطوم أمر محير و يشكل لغزا لكثير من المتابعين.. هذه الظاهرة التي لم يعتاد عليها سكان العاصمة ظهرت بشكل كثيف بعد التوقيع على اتفاقية سلام جوبا. نعلم ان الاتفاقية قد منحت الجبهة الثورية قدرا من السلطة في المركز لكن لا نعلم انها قد منحتهم أيضا مساحات خضراء في العاصمة تتمدد فيها جيوش الحركات و تقضي يومها في التنزه عسكريا بكامل عتادتها العسكري في حدائق الخرطوم الخضراء. الشيء المحير أيضا أن منتسبي الحركات و من شايعهم يستنكر تماما إي عتراض او إمتعاض من إنتشار هذه القوة العسكرية داخل الخرطوم بحجة أن الخرطوم عاصمة الجميع و ليست لأهل العاصمة وحدهم. لا نختلف معهم ان السودان للسودانيين و لكل سوادني الحق في حرية الحركة و التجوال في كل مدن السودان دون قيد أو شرط سوى ما يقيد بقانون. إن الإعتراض على إنتشار جيوش الحركات المسلحة داخل العاصمة لا علاقة له بحرية التجوال و لا حرية الحركة و لكن له علاقة بالقوانين و النظم التي تحدد انتشار الجيوش داخل المدن ومتى يكون ذلك. فالمبدا هو عدم شرعية انتشار هذه الجيوش داخل المدن و ليس العاصمة فقط ، فلن نرضى أيضا بانتشار جيوش الحركات أو الدعم السريع أو غيرها من قوات داخل مدينة نيالا او الفاشر او الجنينة أو اي مدينة اخرى. و الإعتراض حتى على تواجد قوات الشعب المسلحة القومية  كأفراد ووحدات داخل العاصمة امر قديم جدا و هنالك رفض كبير لوجود القيادة العامة للقوات المسلحة و بقية الأسلحة مثل المدرعات في الشجرة و سلاح الإشارة في بحري و سلاح المهندسين في أمدرمان الخ.. الخطورة الكبرى أن ينشا خلاف بين احد أفراد هذه الجيوش مع مواطن مدني فكلنا يعلم أن نتائج هكذا خلاف شلال من الدماء و ضحايا من الأبرياء المدنيين. لذلك هذه فرصة أيضا لنجدد إعتراضنا على انتشار قوات الدعم السريع داخل العاصمة و نطالب الحكومة على مستوى رئاسة مجلس الوزراء و على مستوى مجلس السيادة القيام بدورها في حفظ أمن العاصمة  و ذلك بنشر الشرطة داخل المدن و منع أي جندي التجوال داخل المدينة بزيه العسكري و سلاحه و نقل كل الوحدات العسكرية إلى خارج العاصمة على الأقل 45 كيلو متر خارج العاصمة. و على أن تذهب كل هذه الجيوش من حركات ، دعم سريع ، قوات نظامية خارج العاصمة و تتفرغ لبناء منشاءات و ثكنات لها و لوحداتها العسكرية المختلفة و مكاتب لقيادتها العامة و باستطاعاتهم انجاز ذلك خلال ستة أشهر لا غير فمعظم هذه الجيوش الجرارة من قوات نظامية وحركات مسلحة و دعم سريع الخ.. لا عمل لها و هي أشبه بعطالة مقننة ، فبدلا من التسكع في الحدائق العامة و التجوال داخل الاسواق و الإستجمام داخل مكاتب القيادة العامة الفاخرة و المكيفة عليهم أن يصلبوا طولهم و يتفرغوا لبناء مجمعات و معسكرات و مكاتب و ثكنات عسكرية خارج العاصمة الخرطوم. و على الحكومة أن تنشر قوات الشرطة في كل زواية و ركن و حينها  لن نعترض أبدا ان أبدت قوات الحركات استعدادها في الإنتشار داخل العاصمة و المدن الأخرى كقوات شرطة بزي الشرطة و بضوابط الشرطة و بمهامها وفقا لقوانينها. عليه ينبغي ان تشمل مطالبنا الثورية منذ اليوم مطلب إخلاء العاصمة من أي مظهر عسكري و الإستفادة من المباني و الاراضي الشاسعة داخل العاصمة و المدن الأخرى التي تستغلها القوات المسلحة في إدارة شؤونها و تنفيذ تدريباتها الخ. فالنصعد حملة شعبية عارمة لتحقيق هذا المطلب.

* نعم لحملة إخلاء العاصمة و المدن من أي مظهر عسكري

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..