مقالات وآراء سياسية

الطغاة سيطروا على شعب السودان ؟

محمد حسن شوربجي

هناك فن للسيطرة على الشعوب لا يمارسه سوى الطغاة والجبابره.
وقد كنا نظن أن أقلهم طغيانا وجبروتا هم نيرون وقيصر وهتلر واستالين وماوتسي تونج وعيدي امين وموغابي وبوكاسا وغيرهم.
ولكن ظهر في زماننا من هم أكثر طغيانا حيث كان البشير والقذافي وعلى صالح وبشار وحسني مبارك وغيرهم وقد قتلوا شعوبهم.
فكانت الابادات الجماعية المنتظمة في دارفور وليبيا واليمن ومصر وسوريا.
وكان الطغاة والجبابرة يستخدمون طرقا كثيرة في فن السيطرة على الشعوب.
ولكل طاغية كانت طريقته المحببه في فنون السيطرة على الشعوب
وللقيصر الروماني قيصر كانت طريقة غريبة.
فقد كان الشعب الروماني قديما يختار من يحكمه ،
فينتخب عدد من الأشخاص ليكونوا أعضاءاً في مجلس الشيوخ.
وهذا المجلس كان يقوم بالتصويت علي القرارات الهامة في الدولة و يتم إتخاذ القرار بالأغلبية.
وكان يوليوس قيصر حينها قائداً عسكرياً ناجحاً نجح في كسب حب جنوده و نجح في هزيمة شعوب الغال العدو الأزلي لروما.
فطمع في أن ينال منصب ديكتاتور روما تقديراً لإنجازاته العسكرية.
فإجتمع مجلس الشيوخ و قرر منح قيصر لقب ديكتاتور روما.
و إكتشف قيصر حينها أن لقب ديكتاتور هو لقب شرفي و أنه سيظل مجرد قائد للجيوش.
ولن يتغير النظام في روما و لن ينفرد أحدهم بالسلطة.
هنا إستغل قيصر حب جنوده له و حب الشعب له،
فحاصر مجلس الشيوخ بجنوده و إستولي علي السلطة و صار الحاكم الأوحد لروما.
وأنفق قيصر علي الشعب و علي جنوده ببذخ أحيانا بدرجة انه كان يصل للإنفاق من ماله الخاص و إطعام الشعب القمح من مزارعه الخاصة.
و كان هدفه السلطة و قد نالها،
والمشكلة أن الشعب تغاضي عن حقوقه و مصلحته الواضحة بشكل بديهي.
و في عهد الطاغية نيرون إمبراطور الأمبراطورية الرومانية أرسلت سفينة محملة بالذهب و الفضة إلي مصر لتأتي برمال لتفرش في ساحة المسارح التي تقام عليها ألعاب القتل مثل التقاتل بين العبيد، التقاتل بين البشر و الحيوانات المفترسة، عروض لحيوانات مفترسة تفترس حسناوات شابات،
وبينما هذه السفن في البحر قامت الجماهير بثورة لأن روما كانت تمر بمجاعة قويه.
لم تكن هناك حبة قمح واحدة في البلاد و ثار الدهماء في الشوارع و حطموا المدينة.
وحين وصلت السفن إلي مصر علم كبير الضباط والمسئول عن القافلة بما حدث فسأل الحاكم الروماني لمصر عما يجب أن يفعله،
هل يشتري بالمال قمحاً ليعود به لينقذ روما أم ينفذ ما أمر به قيصر و يعود بالرمال.
تعجب الحاكم من السؤال الذي لا يصح أن يصدر عن ضابط في مثل هذه المكانة الكبيرة.
وبالطبع عليه ان يعود لقيصر بأسرع ما يمكن محملاً بكل ما يمكنه من الرمال !
المرعب في الأمر أنه حين عاد بالرمال و بدأت الألعاب هدأ الشعب و إنتهت الثورة.
وإنشغل الناس في الألعاب و نسوا ما يمرون به من مجاعة.
وحينها قال جوفنال وهو أحد الشعراء الرومان أن كل ما يهم الشعب هو الخبز و العاب السيرك ، حتي الخبز صار شيئاً هامشياً هنا و المهم بالنسبة للشعب هو ألعاب السيرك فقط.
وهناك الكثير من الاستراتيجيات التي استخدمها الطغاة للسيطرة على الشعوب.
وان كان الطغاة والجبابرة قد ابتدعوا طرقا كثيرة لاذلال الشعوب والسيطرة عليها.
ففي السودان مثلا استخدم الكيزان اسلوب التجارة بالدين واستغلال المشاعر الدينيه.
فصوروا للشعب أنه لابد من الجهاد ضد الكفار وتحرير المسلمين من الكفرة والملحدين.
فكانت قصص إعلامهم الفاسد وخطرفات اسحاق احمد فضل الله والحور العين والشهيد وعرس الشهيد والغزالة التي تحدثت للمجاهدين أن اذبحوني لأنكم جوعي وقصص القرود الذين كانت ترشد المجاهدين على الألغام وقصص الشهيد الذي مات واستيقظ ليتحدث للمجاهدين وكأنه لم يمت.
وقد كان هذا الاسلوب ناجحا ومقبولا لدي شعب السودان فاستسلم الطغاة ٣٠ عاما.
وهناك اسلوب ابتدعه الإمام البدر في اليمن فقد كان الإمام يأمر الناس أن “يتقطرنوا” اي يضعون مادة القطران على وجوههم وأجسادهم للحماية من الجن ،
وقيل أن الإمام أحمد كان لديه “راديو” وكان يحكي للناس أن لديه جن يتحدثون له عبر هذه “الراديو” بما يفعل الناس وكان الناس من شدة جهلهم يصدقونه.
فكانت سيطرة الإمام علي شعب اليمن.
وهكذا كان الطغاة والجبابره.
وهكذا كانت شعوبهم.
والحمد لله اننا في السودان قد تخلصنا من سيطرة الكيزان وخداعهم المقيت للشعب.
فكم كان طغيانهم خطيرا بدرجة أن وزيرا كبيرا اقترح في زمانهم أن يستخدم الجن المسلم لحل المشكل الاقتصادي.
وهناك منهم من كان يخدع الشعب بتمكن الشركات الصينية لاكتشاف وإخراج البترول من باطن الأرض عن طريق الجن.
وحقا فلقد تعددت أساليب السيطرة على الشعوب.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..