مقالات وآراء سياسية

هل نجحت زيارات حمدوك المتكررة إما جميعها باءت بالفشل..؟

يوسف آدم

منذ إن وصل رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك إلى منصبه في 21 أغسطس من العام 2019، أجرى العديد من التغيرات في سياساته الخارجية والداخلية وأتبع نهج الزيارات “أصلك لحدي عندك”، إلا إنه مساعيه لم تكلل بالنجاح. حيث أولى زيارة له خارج البلاد إلى دولة جنوب السودان في سبتمبر أيلول 2019، وإستغرقت الزيارة يومين وتباحث خلاله سبل تعزيز التعاون التجاري بين البلدين بما فيها تجارة النفط، وحل الخلافات الحدودية بمنطقة أبيي وترسيم الحدود. إلا أن هذه الزيارة لم تعقبها حلول للقضايا الحدودية العالقة بين البلدين، وشهدت بعدها منطقة أبيي عدة خلافات، ولم تعزز تجارة النفط وأصبحت السودان بحاجة إلى النفط أكثر من أي وقت مضى.

وفي 30 سبتمبر 2019 سافر إلى فرنسا وإلتقى خلاله نظيره الفنرسي، وبعد التفرغ من الزيارة الرسمية ألتقى رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك رئيس حركة جيش تحرير السودان القائد عبدالواحد نور في فرنسا في هامش زيارته لباريس لبحث سبل تعاون فرنسا مع حكومة الفترة الإنتقالية في السودان وتقديم له الدعم الاقتصادي والسياسي والتوسط لحل الخلافات مع قوى الكفاح المسلح، إلا إن باريس لم تضع للزيارة إهتمام فإستغل الفرصة للقاء عبدالواحد نور، ووعد حمدوك عبدالواحد بمخاطبة جذور الأزمة السودانية وتحقيق السلام الشامل إلا إن السلام لم تتحقق حتى هذه اللحظة.

وفي 30 من نوفمبر 2019 زار حمدوك الولايات المتحدة الأمريكية لمدة ستة أيام، وإلتقى خلاله الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ونائبه مايك بينس وعددًا من المستشارين لبحث سبل التعاون والتنسيق الاقتصادي بين البلدين، إلا إن الجانب الأمريكي لم تضع للزيارة إهتمام. وعاد إلى البلاد وكان آمال الشعب المغلوب على أمره تعانق آفاق السماء، وإنتظرت الشعب جني ثمار الزيارة لعدة أشهر إلا إنها أصبحت عقيمة ولم تلد بعد حتى الكثير من مناصريه باتوا في أمرٍ مخجل يستحق إنحناء الرأس وكتمان عبارة “شكرًا حمدوك”، وعندما بدأت تضيق الآفاق لنتائج زياراته الخارجية وكثرة ثرثرة أعداء الداخل وإتهامه بالخيانة فقرر في 9 يناير 2020 زيارة مدينة كاودا التي تعتبر معقل الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال المعارض بقيادة عبدالعزيز الحلو، وخاطب الأهالي برفقة صديقه قائد الحركة ووعد مواطني المنطقة بتحقيق السلام الشامل وإقامة دولة العدالة والمساواة بين الناس، إلا إنه عندما عاد إلى الخرطوم تنصل عن الوعد الذي قطعه مع مواطني المنطقة، حيث شدد الحركة الشعبية على علمانية الدولة التي ترفضها حاضنة حكومة حمدوك السياسية. وعلمنة الدولة وحق تقرير المصير هما القشة التي تقسم ظهر البعير بين حكومة حمدوك والحركة الشعبية، بالرغم التقدم التي أحرزتها حمدوك مع الحلو في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بتوقيع إتفاق تمهيدي إلا أن الإتفاق رمى به حمدوك في مزبلة أدراجه التي تخبئ فيه آلاف المألفة من العهود الذي لم تُوفي بها مع من تحالف وأوكلها أمره.

وفي 13 ديسمبر 2020 توجه حمدوك إلى إثيوبيا في زيارة رسمية إستغرقت بضعة ساعات وكانت معلنة من قبل بيومين وكانت بالتزامن مع أزمة إقليم التيغراي، وعند وصوله إلى العاصمة الإثيوبية غادر نظيره الإثيوبي العاصمة إديس أبابا وذهب إلى إلتقاء قادته العسكريين في عاصمة إقليم التيغراي، مما شكك المراقبون في مستوى العلاقة بين البلدين، وإتهم نظيره الإثيوبي لاحقًا الحكومة السودانية دعم الجماعات المتمردة في إقليم التيغراي وإستغلال السودان لظروف حربهم بشن هجمات على مستوطناتهم داخل الأراضي السودانية. مما جعل طعم الزيارة لمراقيه فاشلة وأعتبرها المحللون بصب الزيت على النار.

وفي مطلع يناير 2021 توجه إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في زيارة غير رسمية كما قاله لإجراء فحوصات طبية، واجرى خلاله لقاءات مع كبار أمراء دولة الإمارات وبحث معهم فرص الإستثمار في السودان وعقد عدة صفقات مع رجال الأعمال الإماراتيين. ومن ثم عاد إلى البلاد إلا إنه لم يجد من يقوم بتنفيذ ما إتفقوا عليها، وحتى الرد المقنع لم يتحصل عليها من عمراء دولة الإمارات بالرغم من إن الإماراتيين لديهم علاقات متينة مع الشريك العسكري والمليشي لحكومة حمدوك.

وفي مطلع مارس الجاري سجل حمدوك زيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية برفقة فريق عمله الوزاري ومحافظ بنك السودان المركزي الذي تربطه علاقات متينة مع المكون العسكري وفلول النظام البائد، وإستغرقت الزيارة أربعة أيام، عقدت خلالها عدة إجتماعات بين الدولتين فضت بالتوصل إلى رؤى مشتركة، وتكليف لجان بعينها لمتابعة مصفوفة الإتفاق المشترك الخاص بسبل تعزيز التعاون بين البلدين ورفد السودان للملكة بالماشية ومقابل ذلك ضمان إستمرارية ضخ المملكة النفط للسودان، وتعتبر هذه الزيارة الأولى من نوعها في سبل التعاون مع المملكة العربية السعودية في عهد حكومة حمدوك. وعاد بعد ذلك إلى البلاد ومكث فيها بضعة ساعات وإتجه إلى جمهورية مصر العربية، وناقش من خلالها أزمة سد النهضة وتوترات الحدود السودانية مع جارتها إثيوبيا، وناقش الطرفان إيضًا تحديات تجارة الحدود بين البلدين وإمكانية ربط الدولتين بخطوط السكك الحديدية.

وزار حمدوك منذ توليه منصبه عددًا من البلدان لبحث سبل التعاون وحل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد، إلا إن كل زياراته باءت بالفشل ولم تصيب أهدافه المنشودة وتماضت الأيام وتراكمت أعدادها وصبت في بحر فشله العميق جدًا بسبب تخوفه من العسكر وإبتزازاتهم المتكررة له بداعوي التفويض وفض الشراكة في حال إستمرار فشل فريق عمله المتكرر في حل الأزمات، وزادوا معاناة المواطن بغرض الضغط على المواطن نفسه لكي يرفض حكومة الثورة من قبل شركاتهم الأمنية والجنجويدية إلا إن الشعب واعي وتنقصها الشجاعة من حكومته فقط لإعلان عرقلة دولاب العمل من قبل العسكر وفلول الدولة العميقة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..