
دارفور هذا الجزأ الفريد من السودان وهو غني عن التعريف بماضيه، ولكن حاضره اليوم يحيطه الكثير من الغموض ، عانت ولايات دارفور بشكل أخص من ويلات الحروب بمستويات مختلفة ونتج عن هذه الظروف أوضاعاً كارثية عاشها الإنسان بكل تفاصيلها.
نتيجة لتلك الظروف تبدلت الكثير من المفاهيم والقيم لدى غالبية السكان وحلت قناعات جديدة أطّرت لحالة من الإنقسام والتشرزم بين مكونات الإقليم.
لا نريد الخوض مطلقاً في أسباب هذا الإنقسام ومن يقف وراءه ويدعمه، وسنركز حديثنا حول مآلات هذا التشظي وخطورته على مستقبل الإقليم وأهله.
إن المتتبع لوجهات نظر المثقفين من أبناء الإقليم يلحظ بوضوح مستوى الخطاب السياسي الذي لا يخلو من الغبن والتحريض بشكل يخرج أحيانا عن اللياقة وما تقتضيه الحنكة السياسية لتنصب في مجرى الكراهية والبغض للآخر وغياب الرؤية الجامعة لمختلف وجهات النظر.
صحيح أن المجتمع في دارفور لم يتخطى بعد مرحلة العشائرية والقبائلية، ولكن المؤسف أن المثقفين من أبناء دارفور هم من يرفدون سيل القبلية ، يغذون استمرارها وينعشون فيها الحياة كلما ضعفت.
لعل هذه الأحاسيس البغيضة تجاه الآخر ظلت مكبوتة لسنوات مضت ولم تفلح كل الظروف لخلق حالة من التوافق بين المكونات القبلية في دارفور ، فتصاعدت وتيرة التناحر عندما نحت الدولة منحىً مغايراًً يوم تخلت عن الحياد المطلوب في أي دولة قومية وتحالفت صراحةً مع بعض الكيانات القبلية ضد أخرى.
كان يجدر بالمثقفين من أبناء دارفور أن يلتزموا الموضوعية لإدانة ذلك التصرف واعتباره جريمة في حق أهل دارفور ويعملون معا لإحداث التعافي وتفويت الفرصة على كل من يريد اللعب على هذه التناقضات، ولكن هيهات…. أصبح المثقفون هم من يصبون الزيت على النار وانقسم المجتمع بشكل واضح إلى نحن وهم، فهل مازال الوقت كافياً لنبني جسور الثقة التي تمهد للعيش معاً كشركاء، أم أن الآفاق قد سُدت ولم يتبقى لنا سوى الخراب والشقاء؟
الأمل يحدوني بإمكانية تجاوز هذه الظروف الحرجة إذا ما فكرنا بعمق في فداحة عواقب الإستمرار فيما نحن فيه.
فيا ترى من سيقود دارفور في المرحلة المقبلة؟