أخبار مختارة
غياب المشروع القومي الحديث.. قيادة فاقدة الصلاحية

د. حيدر إبراهيم علي
لم يكن السودان محظوظاً أو موفقاً في إنتاج قيادات قومية ملهمة بعد الاستقلال تلتف حولها الجماهير مقتنعة بمشروع قومي يهدف لنهضة البلد حديث الاستقلال. حظيت الهند بنهرو وتونس بالحبيب بورقيبة ولكن السودان كان منقسماً في ثنائية قاتلة لازمته حتى اليوم. وكان الانقسام بين الاتحاديين والاستقلاليين ولكل فئة الطائفية التي تحتضنها وتدعمها: الختمية والأنصار وجاءت أحزابها التي قادت الحركة الوطنية بلا برنامج قومي بل حشدت الجماهير تحت شعارات عاطفية خاوية من أي مضمون يدعو للوحدة الوطنية أو يبشر بالتنمية العادلة.
واكتفت تلك الاحزاب بشعار مثل: الاستقلال أو الموت الزؤوام مقابل عاشت وحدة وادي النيل تحت التاج المصري. وعجزت كل القوى السياسية المنتخبة شعبياً عن وضع دستور دائم للبلاد وظلت البلاد منذ الاستقلال تحكم بدستور مؤقت كما ان السودان عاش ثلاث فترات انتقالية وليست واحدة نهائية استهل السودانيون تقرير المصير بالعنف السياسي المبكر والذي لازم التطور السياسي حتى اليوم. ففي اغسطس 1955 كان التمرد في الجنوب وقبلها في أول مارس 1954 هاجم الأنصار موكب زيارة الرئيس المصري اللواء محمد نجيب. وبعد الاستقلال في أقل من شهرين كانت حوادث عنبر جودة في 19 فبراير 1956 في صدام دموي بين الشرطة والمزارعين العزل المطالبين بحقوقهم راح ضحيته أكثر من مائتي مزارع أو عشرون دستة من البشر كما دعاهم الشاعر صلاح أحمد إبراهيم.
كانت الطائفية تدرك تماماً أنها صاحبة الأغلبية بين بسطاء الشعب السوداني ولكنها قبلت تكتيكياً التحالف مع الخريجين في فترة فجر الاستقلال. بدأت الخلافات وصراع القوى داخل الحزب الوطني الاتحادي الأقل محافظة من (حزب الأمة). وكان أول اختبار لحكومة الأزهري ولتحديد ميزان القوى عندما طرح صوت ثقة في حكومة الأزهري الأولى في 10 /11 /1955 وتم اسقاط الحكومة وبمنتهى الاستهتار أعيد انتخابه في 15 /11 /1955 فقد تحول ثلاثة نواب من حزبه مرة إلى المعارضة ثم عادوا خلال أيام إلى تأييده نتيجة التصويت كانت (45/49). ويكتب محمد أبو القاسم حاج حمد: ” لم يكن الانذار كافياً فيما يبدو غير أنه أوضح للسيد علي موازين القوى بينه وبين الاتحاديين. فكان لقاء السيدين في أكتوبر 1955 تمهيداً لحكومة ائتلافية في 2/12 / 1955″ (كتاب السودان المازق التاريخي وآفاق المستقبل- الطبعة الثانية 1996- ص144) وسماه “ائتلاف النقيضين- الختمية والأنصار، ولكنه الوضع الصحيح فقد تلاقت مصالح الطائفية وحاول بعض الاتحاديين الفكاك نهائياً من قبضة الطائفية أو كما قال يحيى الفضلي: ” مصرع القداسة على اعتاب السياسة) ولكنهم عادوا إلى بيت الطاعة بعد حين لتستمر دورة ديكتاتورية الطائفية تعقبها ديكتاتورية العسكر طوال تاريخ السودان السياسي الحديث.
تجسد غياب المشروع القومي وتهافت القيادة حين قام رئيس الوزراء المنتخب بتسليم السلطة للجيش في 17 /11 /1958م بعد أقل من ثلاث سنوات من الاستقلال ليدشن الاستعمار الجديد الذي نرزح تحت وطأته حتى اليوم.
وعلى الضفة الأخرى عجزت القوى الحديثة عن إدارة معركتها السياسية والفكرية بكفاءة واقتدار. فكانت الأحزاب العقائدية – الأخوان والشيوعيون والقوميون- مجرد صدى باهت لأيديولوجيات عابرة للقطرية، وغير مرتبطة بتحليل الواقع وايجاد الحلول العملية للمشكلات المحلية فقد ظلت تحلم بالأممية أو الامة الاسلامية أو أمة عربية واحد ذات رسالة خالدة. واخفقت القوى الحديثة تماماً في توحيد مكوناتها أو المبادرة بطرح مشروع وطني يمثل الحد الادنى للرؤى المتباينة وغرقت في مستنقع الخلافات الثانوية وأحلام العصافير.
لا أدري هل تعي القوى الحديثة تحديات المرحلة الانتقالية الحالية وتعتبرها الفرصة الأخيرة لها وللوطن للالتفاف حول مشروع وطني شامل يحقق الوحدة الوطنية والتنمية العادلة والسلام الدائم وليس سلام المحاصصة والمسارات؟.
“غير مرتبطة بتحليل الواقع وايجاد الحلول العملية للمشكلات المحلية فقد ظلت تحلم بالأممية أو الامة الاسلامية أو أمة عربية واحد ذات رسالة خالدة. واخفقت القوى الحديثة تماماً في توحيد مكوناتها أو المبادرة بطرح مشروع وطني يمثل الحد الادنى للرؤى المتباينة وغرقت في مستنقع الخلافات الثانوية وأحلام العصافير.”
أكبر مشكلة في السودان هي قضية الهوية. ينقسم السودان بشكل مصطنع إلى عرب وأفارقة بينما من الواضح أن السودان ككل بلد أفريقي عرقيًا وتاريخيًا وثقافيًا. إذا لاحظت بعناية سترى أن كلا من الإسلام والعربية أصبحا أفريقيين ومحليين مع مرور الوقت.
ما لم يقبل قسم كبير من النخبة الشمالية بالواقع واعتنق الهوية الأفريقية ، الهوية الحقيقية للبلاد ، فستظل هناك دائمًا مشاكل في السودان.
مشكلتنا الحالية مع إثيوبيا وغيرها من المشاكل الداخلية هي نتيجة أزمة الهوية في السودان.
Our problem is Education of our people
Educate them and they will go right
العرب والأفارقة أبرياء من الهراء الذي نعيش فيه الآن
لا علاقة البتة بين تنازع الهوية وبين الفشل في استغلال ملايين الأفدنة المهملة
ولو برك كل السودانيون الآن واعلنوا _والمخاخيط تغطي لحاهم _أنهم عرب أو أفارقة
سيكون الحال كما هو،،الجوع لا هوية له
الاخ على تحياتى الطيبه.
تعليق ممتاز و صحيح فالهويه المصتنعه تدفع الهويه الاصيله للثوره و الإنتفاض ضد الظلم و الاستغلاليه و التكتم على ثقافه الاصل و من المعروف عبر تاريخ الإنسانيه الطويل أن الخاسر فى مثل هذه الصراعات معروف فاللغه لا تصيغ الهويه وحدها و الدين و الوجهه السياسيه و الثقافه كذلك. الهويه هى الخيار الديقراطى الوحيد الماممكن تغييره بتدخل الغير فهو محمول فى دواخل نفسيه كل شخص و يتمتع كل فرد بحريه كامله فى تحديده لا يستطيع دكتاتور او محاولات التحوير الثقافيه التحكم فيه.
فى السودان و على مر التوجهات المختلفه كانت مايو الاولى بإشتراكيتها واحه صغيره لفتره أصغر ضمت و رعت نواة تشكيل وليس تحديد الهويه السودانيه . خلاف ثوره مايو الإشتراكيه ما عرف السودان إلا سياسيين جهله طغاه ظالمين و قتله للأسف الكبير منهم النميرى بعد تعاهده مع الصادق /الترابى .كثير من السودانيين يرمون باللوم على الإنجليز فى هذا الأمر ( ياخى الخواجه أخد حبه قطن و خلى ليك البلد سمحه و مشى زمان) و ليه ما تقول الفتح التركى المصرى للسودان هو سبب البلاوى عشان هم مسلمين ما قلت ده إستعمار تركى مصرى . هنا نعرف انو بدايه البلاوى أقدم بكتير و لو تابعنا الخط ده نصل لى عمر إبن العاص الى بدى بمنهجيه فى تغيير الدين و اللغه فى بلادنا .
رحم الله الدكتور جون قرنق فالرجل كان الوحيد الذى عرف إن مشكله السودان تكمن فى هويته الموؤده و قدم أفضل الحلول لهذه المشكله قابلها الطرف الآخر بالجهاد الإسلامى و تصحيه العبوديه الكريهه لدفعه الى ترك أفكاره أو على الأقل إحداث خلافات داخل حركته ( و هذا ما حدث) لاكن ظل جون قرنق ثابت و متمسك بفكره السودان الجديد و هنا ما كان أمام المتأسلمون إلا حبك خطه لفصل الجنوب الحبيب.
أتمنى ليك يوم طيب و مرطب الاخ على.
عندما تكون مثقف – مثل حال الدكتور – وقادر على التفكير المجرد والتحليل الموضوعي – مثل حال الدكتور – يجب أن تقول الحقيقة كاملة … الحقيقة هي – والتي يعلمها الدكتور حيدر أكثر من الآخرين – أن كل المشاريع المطروحة الان للتغيير هي وصفات دقيقة للفشل وأن هذا البلد على موعد حتمي مع الإنهيار التام … بغض النظر عن نجاح مشروع حمدوك التدويلي أو مشروع العسكر والمليشيات الإرتزاقي الطفيلي أو مشروع قحط المبهم المضعضع … أو تنطعات لجان المقاومة التي لا أرجل لها تمشي عليها … النهاية واحدة وحتمية … فلنسرع هذا الحريق عل الغد يولد أفضل
كل التعليغات مشجعه وتؤكد ان هنالك جيلا جديدا اكثر نضجا من سابقة ، و المشروع القومي موجود في فكر الاستاذ محمود محمد طه ، و لكن الجيل السابق لم يكن عنده الوعي ا لفكري والحس الوجداني بمشاكل البلد والفرد البشري و يتبنى هذا المشروع ، و الآن جاء وقته
مجدي
نشكر للدكتور مقالته … لكن لوحظ أنه دائماً ما يتجاهل مشروع الحركة السعبية لتحرير السودان ورؤيتها في حل جذور الأزمة السودانية التي فشلت فيها الأحزاب الطائفية والعقائدية!!!
لا أدري لماذا يتعمد الدكتور القامة تسفيه فكر الاخرين ولا ندري ماذا يريد. مع كل الإحترام.