الشعر

هَيْ اَقِيفِن !!

شكري عبدالقيوم

– [ هَيْ اَقِيفِنْ ] —
هَيْ اَقِيفِن
نورا فِيكِنْ ?
ما عِرِفْتِن نورا اِنْتِن !
قُولِن اِنْتِن شِنْ عِرِفْتِن
وهكذا ، حُمَّيدُ كان .لا هُوَ سكت ولا هُوَ نَطَق ، بل انطلق فأطفأَ جوعَ المقالة، والحُلم المُشْتَهى والرُؤى ، وعبرَ شَطَّ النور .. الخلاص الفجر ، بما لم يتيسَّر قولُه للنَبِيِّين القدامى ، ولا أمكنت روايتُه للمُحَدِّثينَ مُعَنْعَنا .
كانَ غرضُ الطبيعة من إظهار حُمَّيد إلى حَيِّز الوجود أن تكونَ ثروةٌ وتكونَ ثورة ،ويكونَ غيثٌ وتحنان ، ويكونَ نخلٌ وعافِيةٌ وفن ، أن تكونَ غيمة تهمي سَحَّاً وتسْكابا .ولذلك ، وهكذا فُجِعت قريحتُه بما لا يدري أحدٌ ، مستفعلٌ أو فاعِلٌ ، كُلُّ البحورِ تشابهت .
ما عِرِفْتِن نورا اِنْتِن
نورا اُخُت كُلَّ الغلابة
نورا حاحاية الشقاوة
نورا هَدَّاية الضهابة
ولذلك ، وأيضاً وهكذا ، سلكَ حُمَّيد درب المعراج إلى الحُرِيَّة ، وهَزَّ إليهِ بجذعِ أشعارٍ تسَّاقَطَ كالثمار ، فكانت النتيجة أن أبدعَ عالَماً للثائِرينَ توهُّجاً .عالَماً قصيدة يشتاقُها وجعُ الليالي الهائماتِ بلا مدار ، والمدائِنُ كي تلد كُلَّ ما نهوى ، وكنداكاتٍ وشَفَّاتة ، وأطفالاً لجيلِ الثورة ، وللوطنِ السلامَ بلا ثمن .
نورا تحلم بى عَوالِم
زي رُؤى الأطفال حَوالِم
لا عساكر لا درادر
لا محاكِم لا جرائِم
لا مظاليم لا مظالِم
حُمَّيد , عاشَ عبقريَّاً شفيف البوح .ولو كانَ يدري ما العبقريَّة لمسحها من دفتره في اللوح المحفوظ ، ولقالَ : يا قدري صبرٌ جميلٌ واللهُ المُسْتعان ، ولَمَضى إلى حيثُ يشاءُ الرُّجْعَى ، أوِ انتصبَ فينا زمناً من اللا نلتقِيهِ ، وساعتَيْنِ من الزمن .
ولانتخبت المدينةُ طريقَيْن ، هُوَ لِلَّذِي يُفْضِي إليه ، وغيرُه لِلَّذِي هُوَ للتمركُزِ واللا مستحيل .
لو كانَ صاحِبُنا يدري ما العبقريَّة ، لما ضَلَّ هكذا وما غَوَى ، وما زاغَ بصرُهُ ولا طَغَى ، ولما انزوى مثلَ ضَبٍّ ليموت في صباح الثلاثاء : 20 مارس 2012م ، تارِكاً المدينةَ قحطاً ، وتارِكاً القلوبَ تمرحُ في القفار .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..