مقالات وآراء سياسية

مصادرة عربات البوكو حرام، المتضرر والمستفيد ؟

يوسف آدم

مع بداية تقنين مليشيات حرس الحدود وتغيير تسميتها إلى قوات الدعم السريع في العام 2016 برزت ظاهرة جديدة وهي السيارات الغير مقننة والدراجات النارية التي لا تحمل لوحات، وأطلقت عليها اسم البوكو حرام، وأفرزت هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع السوداني جرائم القتل، النهب والكثير من الظواهر السالبة، والجرائم المنظمة المستحدثة. وكانت هذه هي بداية صعود نجم المليشي حميدتي.
وكانت قبل العام 2017 نطاق استخدام عربات البوكو حرام محدودة في ولايات دارفور المضطربة فقط، ومحصورة وسط مليشيات الجنجويد وحدهم، وكانوا يدعو بأنها غنائم من مخلفات حربهم ضد جماعة البوكو حرام الإفريقية المصنفة عالميًا كجماعة إرهابية من قبل عدة منظمات عالمية والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.
وفي الحقيقة هذه السيارات والدرجات تم نهبها من الجماهرية الليبية أبان مشاركة مليشيات الجنجويد المسمى جزافًا بقوات الدعم السريع في حرب ليبيا كمرتزقة ممولين من دولة الإمارات العربية المتحدة لمساندة خليفة حفتر، ولكن بطبيعة حال هذه المليشيات النهب والسرقة فهم يشاركون قوات خليفة حفتر في المعارك العسكرية وعند دخولهم في أي منطقة ينهبونها ويرسلوا المسروقات إلى ذويهم وزملاءهم في السودان، ويسمونها غنائم البوكو حرام.
ولكن مع مرور الوقت وبعد عودة بعض منهم إلى السودان كانا هذه المليشيات بحاجة إلى المال، فتخلصوا من فائض حاجتهم من هذه العربات والدراجات النارية المنهوبة الغير مقننة عن طريق بيعها لمواطنيين مقربين منهم في دارفور، وهم بدورهم باعوها في الاسواق المحلية وإنتشرت في جميع أصقاع البلاد، وبذلك غزو السوق القومي بمنتجات البوكو حرام وأصبحت تجارة للكثر من السودانيون، الليبيون أنفسهم والسعوديون، حتى بات السودان مكب نفايات التخلص من السيارات الغير متطابقة للمواصفات والأوروبية التي بها خلل فني في المواصفات أو عيوب تصنيعية من شأنها تعيد تصنيع هذه السيارات.
وبعد كثرة الجرائم والأزمات من شح الوقود وإزدحام الطرق، قرر السلطات إعطاء أصحابها محلة زمنية كافية لتقنينها منعًا للجريمة والجريمة المنظمة. وفي إطار ذلك أصدر السلطات تشكيل لجنة عليا برئاسة نائب مجلس السيادة الفريق خلا محمد حمدان دقلو وعضوية آخرين لمتابعة تقنين هذه السيارات، واللجنة بدورها حددت موعد حصر هذه العربات الغير مقننة وأعطى أصحابها محلة مناسبة، ووعدهم بالمصادرة في حال عدم إكمال إجراءات هذه السيارات.
واليوم قررت اللجنة العليا لجمع السلاح والعربات غير المقننة مصادرة هذه العربات وبيعها لصالح شركة جياد لصهرها واستخدامها كحديد خردة، كما شدد اللجنة في قرارها بمصادرة الجرارات التابعة لدول الجوار التي تنقل هذه العربات إن قبض عليها داخل حدود البلاد.
وفي وقتٍ سابق إتهم مسؤولون كبار في الدولة بأن جهات نافذة تعترض قرارات اللجنة الخاص بتقنين عربات البوكو وتوقيف إستيرادها، وأن هذه الجهات تعمل هي نفسها في تجارة عربات البوكو، ومانوا يشيوا إلى قوات الدعم السريع وقائدها حميدتي.
ومصادرة عربات البوكو فيها خسائر جمة للكثيرون من التجار الذين لاتربطهم علاقات مع قائد مليشيات الجنجويد، وربما ستؤدي إلى إفقار هؤلاء التجار نهائيًا.
وبالمقابل هنالك فائدة للمواطنون في حفظ الأمن والحد من الظواهر السالبة، وتقليل الزحام المروري وعمليات الخطف والنهب الممنهجة التي تتم عبر هذه العربات غير المقننة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..