مقالات، وأعمدة، وآراء

الهروب من الجحيم

سهير عبدالرحيم

قضيت أكثر من ثلاثة أيام منذ مطلع هذا الأسبوع وأنا في حالة تطواف على بعض المؤسسات الحكومية بغية استخراج وتوثيق بعض الأوراق الرسمية .

تطوافي كان بين مركز خدمات الجمهور بالسجانة ووحدة التعريب و الترجمة بجامعة الخرطوم ثم وزارة الخارجية ، والشاهد في الأمر أن الجولات الثلاث تطلبت مني الكثير من الاستعدادات لمجابهة ذاك الماراثون ، وعليكم بالاستعانة بتلك التوجيهات حفاظاً على وقتكم .

أولها كان الاستيقاظ مبكراً ، وهذا يعني منبه مزعج وكأنه جرس إنذار الحريق ثم تناول كوب الشاي باللبن في السيارة ثم حمل (زمزمية) بها ماء بارد بداخله شرائح ليمون تفادياً للهبوط في الدورة الدموية ، و حمل ساندوتشات أو خيار أو موز أو شيبس ، المهم أن تكون معدتك ممتلئة .

ثم شحن بطارية الهاتف بنسبة ١٠٠٪‏ و التأكد من (النت) و الإطمئنان على فاتورة شركة الإتصالات والتي صارت تخبرنا بأننا تجاوزنا السقف المسموح به لأكثر من ثلاث مرات في الشهر .

عقب ذلك التأكد من إطارات السيارة و مراجعة الوقود لأن نصف الوقود نستهلكه في الزحمة والإنتظار على الإشارات الضوئية والركض بين تلك المؤسسات ، ثم استجماع طاقتك و حيويتك و الولوج إلى تلك المؤسسات .

والشاهد في الأمر أن أية مؤسسة من تلك المؤسسات و بمجرد الدخول من بواباتها تصل إلى قناعه تامة بأن أهل السودان يحزمون حقائب الرحيل عن أرض الوطن .

الملفت للنظر أن أكثر من ٨٠٪‏ من الذين رأيتهم بستخرجون جوازات أو يوثقون شهاداتهم كانوا من فئة الشباب ….!!!

الجميع يمم وجهه صوب الهجرة ، و الجميع هارب من الجحيم ، والجميع بات على قناعة أنهم غرباء في وطنهم ….!!

الشباب وضح جلياً أن ( بطنهم طمت ) من ثورتهم التي سرقت ، و التي هبط عليها أناس لا علاقة لهم بالثورة …!!

أناس كانوا يتسكعون في القاهرة و تشاد و أديس ثم ما لبسوا أن سمعوا بأن هنالك ثورة في السودان فغسلوا وجوههم و أرتدوا بدلة من محلات الإيجار وجاءوا ليتحكموا في مصير وطن .

كنت أتمنى حقاً لو ذهب البرهان وحمدوك إلى تلك المؤسسات لعلموا حينها أن ثلث الشعب في طريقه إلى الهجرة و ثلثهم قضى نحبه و ثلثه ينتظر ، و أنهم بعد قليل سيتلفتون يمنةً و يسرى ولن يجدوا غير الكثير من السلاح و القليل من الحب .

خارج السور :
سرني المبنى الجديد لوحدة التعريب بجامعة الخرطوم ، المبنى نظيف جداً و مرتب بشكل واضح و تعامل بعض الموظفين جيد جداً و يقف على رأس المبنى شاب مهذب اسمه مهند يتعامل بإحترام مع الجميع ولكن ……

وضح جلياً أن المقاول قد (كلفت ) العمل في صالات الموظفين فالنوافذ غير مستقيمة و صالة الجمهور أعلى من مكاتبهم ، فأما أن تحني ظهرك أو تجلس على كرسي أو (تتفن في الواطة) …!!

سهير عبدالرحيم
[email protected]

* نقلاً عن الانتباهة *

‫3 تعليقات

  1. انتي مشيتي للكؤسسات دية بغرض الهجرة؟؟ طيب ما الزحمة القابلتيها من الزيك جايين لاستخراج وتوثيق بعض الأوراق الرسمية

  2. ١-
    اقتباس:
    (الملفت للنظر أن أكثر من ٨٠٪‏ من الذين رأيتهم بستخرجون جوازات أو يوثقون شهاداتهم كانوا من فئة الشباب ….!!!الجميع يمم وجهه صوب الهجرة ، و الجميع هارب من الجحيم ، والجميع بات على قناعة أنهم غرباء في وطنهم ….!!).
    ٢-
    تعليق:
    اولآ-
    المقال لا جديد فيه علي الاطلاق، هجرة السودانيين بدأت عام ١٩٧١ بعد عمليات المصادرة والتآميمات التي قام بها النميري، واشتدت الهجرة بعد حرب عام ١٩٧٣ وظهور الرخاء والطفرة الاقتصادية الهائلة في السعودية والكويت.
    ثانيآ-
    جاء في المقال “الملفت للنظر أن أكثر من ٨٠٪‏ من الذين رأيتهم بستخرجون جوازات أو يوثقون شهاداتهم كانوا من فئة الشباب ….!!!”، وين الغريب في هجرة الشباب؟!!، اغلب دول العالم خاصة الدول الضعيفة تعاني من هجرات الشباب والكوادر المتعلمة، السودان نفسه اصبح يستقبل يوميآ مئات من هجرات الشباب الاجانب، حتي وصل عدد الاجانب الي نحو (٦) مليون اغلبهم شباب يافع واطفال.
    ثالثآ:
    جاء في المقال، “قضيت أكثر من ثلاثة أيام منذ مطلع هذا الأسبوع وأنا في حالة تطواف على بعض المؤسسات الحكومية بغية استخراج وتوثيق بعض الأوراق الرسمية .”،،،ايضآ هذه المعلومة قديمة ولا جديد فيها علي اعتبار ان البيروقراطية موجودة حتي في ارقي الدول ويندر ان يخلو بلد منها!!
    رابعآ:
    ما العيب في هجرة الشباب الذي يسعي لتحسين اوضاعه واوضاع عائلته واهله اذا كان في الهجرة فؤائد ونعم؟!!، هناك احصائية غير رسمية افادت ان عدد السودانيين في الخارج اصبح اكثر من عشرة مليون ما بين مغترب ومقيم بصفة دائمة في الخارج؟!!
    خامسآ:
    افيدك علمآ، – بحكم انني اعيش في المانيا، ان فئة كبيرة من الشباب الالماني يفكرون في الهجرة للعمل في دول اوروبية، وهناك اكثر من مائة الف شاب الماني يعملون في دول امريكا اللاتينية، لا هربآ من المانيا وانما لا اكتساب خبرات ولغات.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..