مقالات وآراء سياسية

سودانيات في المهجر… أوضاع يندى لها الجبين! (1)

محمد التجاني عمر قش

السودان وطنا اللرضو مليون ميل
بدور فرسان ملبسة بالدروع والخيل
يقنعوا عازة قبل دموعا تجري تسيل
يفرجوا الهم يزيلوا الغم ويشدوا الحيل
“يوسف البنا”

من حق أي إنسان السفر في أرض الله الواسعة، بموجب الدستور والأعراف الدولية، ويكفينا في هذا الصدد النص القرآني المحكم “ألم تكن أرض الله واسعة فتهارجوا فيها” هرباً من الظلم والاضطهاد بكل أشكاله وأنواعه، وبحثاً عن الرزق الحلال والعيش الكريم، أو طلباً للعلم والمعرفة والعلاج وغير ذلك من الأسباب المشروعة.

سابقا عرف السودانيون الهجرة إلى بريطانيا، وأمريكا، ودول أوروبا، ومصر من أجل العلم، أيام كانت البعثات متاحة للطلاب السودانيين، وكانت هنالك هجرة للأراضي المقدسة في الحجاز للحج والعمرة وزيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمجاورة في مدينته الطيبة. ومع ظهور النفط؛ خاصة أيام ما يعرف بالطفرة، في منطقة الخليج العربي وليبيا، تدافع السودانيون بأعداد مقدرة، ومن مختلف التخصصات، بما يشمل ولا يقتصر على الرعاة والمزارعين والفنيين وأستاذة الجامعات والمعلمين والمهندسين والأطباء وغيرهم وكل الأوائل قد أسهموا في تكوين سمعة طيبة للشعب السوداني لدى من تعامل معهم من أجناس الأرض.

وكانت الهجرة، حتى وقت قريب، شبه مقصورة على الرجال من السودانيين، ولكن بدأت حواء السودان تخرج إلى بلاد المهجر إما كطبيبة أو معلمة أو أستاذة جامعية أو موظفة في المجالات ذات الصلة بهذه الوظائف، وتعمل في القطاع الحكومي بشروط محددة مسبقاً بما في ذلك الرواتب ومهام الوظيفة، وفقاً لعقود عمل موثقة حتى قبل الخروج من السودان؛ ولذلك لم يكن هنالك مجال للتلاعب أو الابتزاز.

ومن جانب آخر، كانت هنالك قوانين ولوائح تمنع خروج السودانيات للعمل في المنازل أو في أي أعمال لا تليق بكرامة المرأة السودانية من حفيدات عزة ومهيرة ورابحة الكنانية ومندي بت عجبنا وتاجوج أو من الميارم اللائي كنا يلزمنا الخدور ولا يخرجن من بويتهن إلا عند الضرورة القصوى! ولكن ثمة خلل قد طرأ على الجهات المنوط بها الإشراف على تعاقدات السودانيين من رجال ونساء على حد سواء! أو كما قال أحد العالمين ببواطن الأمور هنالك شبهة فساد كبير في دوائر الهجرة في السودان بدءً بمكاتب التوظيف التي انتشرت في العاصمة الخرطوم، وصارت لها وكلاء في الوزارات والمكاتب التي تعنى بشأن العمل والهجرة فصاروا يسهلون لها الأمور بطرق أقل ما يقال عنها أنها غير مشروعة ولا أخلاقية.

هذا الخلل استقل من قبل بعض ضعاف النفوس وسماسرة العقود من أجل تحقيق مكاسب مادية دون مراعاة لكرامة المرأة السودانية وسمعة الوطن التي أسس لها أوائل المهاجرين فصرنا على لسان كل الشعوب حتى لم نعد نفتخر بسواديتنا للأسف الشديد! صحيح أن هنالك ظروف معيشية ضاغطة الآن وكل الأسر بحاجة لمن يمد لها يد العون من أبنائها وبناتها ولكن هذا كله ليس مبرراً كافياً لتعريض بناتنا لمواقف يندى لها الجبين من الإذلال والابتزاز وربما التحرش الجنسي في بعض الأحيان.

ومن المؤسف حقاً أن يكون بعض بني جلدتنا من الذين مردوا على المداهنة والمخاتلة، هم من يستقلون مراكزهم الإدارية في بعض المؤسسات المخدمة لهؤلاء الفتيات، لإجبارهن على الإذعان لعقود وشروط عمل مجحفة ومهينة أو بالأحرى مذلة وتتعارض مع كل أنظمة العمل حتى في دول المهجر، ناهيك عن حقوق الإنسان والقوانين الدولية ذات الصلة بالعمل والتوظيف. ونتيجة لذلك تتفاجأ الفتيات عندما يجدن أنفسهن بين مطرقة الحاجة وسندان الخداع وخيار الرجعة إلى السودان صفر اليدين؛ خاصة إذا علمنا أنهن قد دفعن مبالغ طائلة من أجل الحصول على فرصة العمل تحت تأثير الإغراء وتزيين الأمور بواسطة السماسرة الذين يقبضون حقوقهم مقدماً، وربما يضعون ضمن الشروط الحصول على مرتب الشهر أو الشهرين الأولين، وطبعا كل ذلك بأوراق موقع عليها وربما يكون هنالك ضامن من أقارب الفتاة!

وعندما تصل الفتيات إلى المهجر يصبح حالهن كالأيتام على مائدة اللئام، وتضيق أمامهن الفرص والخيارات، فيلجأ بعضهن إلى ممارسات سالبة تمتهن الكرامة وتفقدهن الحياء أو حتى الشرف! والأمثلة على ذلك كثيرة لا يتسع المجال لذكرها، وربما نسكت عن بعضها حفاظاً على أسرار الناس! وهذا تذكير للأسر السودانية بأن الاغتراب لم يعد هو الخيار المجدي مالياً كما كان في السابق؛ لتغير الظروف الاقتصادية في دول المهجر، ولهذا على المجتمع السوداني والأسر السودانية الانتباه، قبل الزج ببناتهم وأبنائهم في أتون الغربة التي لا ترحم. وهذا نداء مخلص للأسر السودانية بتوخي الدقة والحذر وهم يدفعون ببناتهم إلى الهجرة، بحثاً عن تحسين الأوضاع.

ولابد من الإشارة إلى وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وما يتبع لها من مكاتب ووكالات، فهي المسؤولة عن مراجعة العقود حتى تتحقق من صحتها وسلامة الإجراءات المتبعة؛ بحيث تضمن حصول المتعاقدات على حقوقهن في بلد المهجر؛ حتى لا يتعرضن للمواقف التي أشرنا إليها. ونطرح هذا الموضوع بعد أن بلغ السيل الزبا، وللحديث بقية!

‫6 تعليقات

  1. ((وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وما يتبع لها من مكاتب ووكالات، فهي المسؤولة ..))؟
    نظام اخوانك الأنجاس هو المسؤول عن هجرة كل السودانين من الجنسين مضطرين لاجئين وباحثين عن الحياة الكريمة والكرامة والحقوق الانسانية وكافة تشوهات الثلاثين سنة الماضية وحتى اليوم آثارها ممتدة وكل المساوئ التي تعظ بشأنها هي من صنع بني كوز فاستمر في كشف مساويكم ومخازيكم الممتذة لمائة عام قادمة

  2. ((وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وما يتبع لها من مكاتب ووكالات، فهي المسؤولة ..))؟
    نظام اخوانك الأنجاس هو المسؤول عن هجرة كل السودانين من الجنسين مضطرين لاجئين وباحثين عن الحياة الكريمة والكرامة والحقوق الانسانية وكافة تشوهات الثلاثين سنة الماضية وحتى اليوم آثارها ممتدة وكل المساوئ التي تعظ بشأنها هي من صنع بني كوز فاستمر في كشف مساويكم ومخازيكم الممتذة لمائة عام قادمة

  3. إنك رجل خلوق ومهذب وتشكر على مقالك اللبق الذي يشير للخطر ومكامنها دون التجريح والتشريح والمساس بكرامة الآخرين شكرا لك مجدداا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..