
العنوان أعلاه كان لرسالة ماجستير للكاتب السعودي أحمد الغامدي. ثم تمت طباعتها ونشرها في كتاب . الكتاب القيم قرأته قبل اكثر من عشرين عاما وبدأ أقدم من ذلك بسنوات. وهو كتاب سبق عصره. رأيت أنه عنوان يعبر عني تماما في ما يثار حول الدين والعلمانية هذه الأيام . هذا الجدل المفتعل الذي لا يخدم الدين ولا العلم. الذين يصرون على وضع الدين مقابل العلم مخطئون.لا مقابلة هنا ولا مقارنة. الدين نفسه علم. راجعوا كلمة علم ومشتقاتها المباشرة. فكروا في معانيها المضمنة في مفردات أخرى مثل إقرأ وكتب حكمة وغيرها. الحديث عن تضاد العلم والدين يستبطن جهلا يلحقه البعض بالدين بسذاجة. الدين هو أفضل العلم. والخالق علم الإنسان ما لم يكن يعلم. وعلم الرسل وخاتمهم عليهم السلام عن الخلق من الأمور ما ظل العلم يثبته بعد آلاف السنين.<br>
بعض الناس نصبوا انفسهم حماة للدين ليستأثروا بتفسيره ويحتكروه. في أوربا في القرون الوسطى فعل القساوسة ذلك . لكن أنوار العلوم وأضواء المعرفة كشفت تجار الدين (زمانذاك) هاهم تجار الدين الجدد يقلدونهم في هذا الزمان . إحتكار تفسير الدين وفق رؤى معينة لتحقيق أغراض محددة . كلما سعى العقلاء لإيقاف الحروب وحلحلة الصراعات في ربوع الوطن هاج المتاجرون بالدين. نفس الذين سكتوا عن الحق وهم يرون الحروب تقتل وتدمر وتشرد الناس. الذين يتحدثون عن العلمانية وفصل الدين عن الدولة من الطرفين يحاربون في غير معترك. اذا فكروا بعمق يكشفون إنشغالهم بما لا يخدم قضاياهم. لا يمكن ببساطة فصل الدين المغروس منذ ازمنة سحيقة في جينات السودانيين عن حياتهم اليومية. السودانيون يمارسون الدين منذ الولادة وحتى الممات. كل حركاتهم وسكناتهم وفق الدين.منذ تسمية المولود طفلا حتى وفاته جدا. يمارس حياته وفق الدين كل الوقت. لا تشغلوا الناس بهذا الجدل الشاغل عن العمل الجاد. ضيع الإسلامويون عشرات السنوات من زمن السودانيين في طرح كانوا هم أحوج الناس لتطبيقه في أنفسهم. لكنهم كانوا أول من شوهه. دعاة الدين من السياسيون يشغلون الناس بالجدال.وهم أول من ينشغل بالدنيا عن الدين. أغلب الذين يتباكون على الاسلام هم الذين استغلوه للإثراء بالباطل. وهم أنفسهم الذين يضجون بسبب فقدهم للسلطة . السلطة التي تجلب لهم الأموال وليست تلك التي تقيم الدين. لقد وقعوا الاتفاقات مع الحركة الشعبية جنوب السودان وغيرها قبل سنوات طويلة ووافقوا على فصل الدين عن الدولة لئلا يفقدوا فرص نهب موارد السودان. سنوات طويلة وهم ينهبون أموال الشعب السوداني ولا يزالون. التباكي على الدين يشغلون به الناس لصرفهم عن قضاياهم الحقيقية. حلول هذه القضايا تهدد مصالح تجار الدين. زيادة الوعي والعدل والتنمية المستدامة والتخطيط المدروس وعلاقات متوازنة مع دول العالم بدلا من معاداتها. هذا ما يجب ان ينشغل به الناس. عزلة السودان أثرى منها تجار الدين. وهم أيضا من بذر الفتن وشق الصفوف وإشعل الحروب بين أبناء وطن واحد. بالمقابل ننبه الذين يضعون بنودا في إتفاقيات السلام عن فصل الدين و علمانية الدولة. نقول لهم هذه بنود لا تقدم لكم ولا لقضاياكم. ركزوا أكثر على تأمين حياة كريمة للنازحين. العمل على قيام مشروعات كبيرة لخلق الوظائف. بناء المساكن والمدارس وتشجيع المبادرات الفردية والجماعية الواعدة. الغرق في جدل الدين والعلمانية لن يخدمخنهوم الذين انهكتهم المعاناة . إنه يحقق أجندة أخرى لأناس همهم الأكبر الدنيا وليس الدين.أخلصوا العبادة لله. مارسوا شعائركم الدينية كما فعل اجدادكم لأكثر من ألف وأربعمائة عام. لا تدعوا ضجيج هؤلاء يشغلكم عن العمل الجاد من أجل حياة كريمة لكم ولأهلكم . تذكروا ان لكل مجتهد نصيب. هكذا تبنى الأوطان. بالعمل الفاعل وليس بالضجيج الفارغ. <br>
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.
يا عمنا … لا توجد جفوة ولا توجد علاقة أصلا بين العلم والدين … السؤال نفسه لا معنى له، مثل أن تسال هل العلاقات الرومانسية أوثق من عقود الإيجار … أو كما يقول المتهكمين (أسرع الغزالة ولا حارة الشطة) …. هذه فضاءات مختلفة؛ العلم مجاله كل ما هو ملحوظ والذي يمكن الاستدلال عليه بخصائصه المادية (كل ما هو مثبت وجوده المادي في الكون) أو بالتغيرات التي يحدثها (كالكهرباء مثلا) أما الدين فمجاله وأسه وعماده الغيب، اي الذي لا يمكن الاستدلال عليه بخصائصه المادية ولا بالتغيرات التي يحدثها. كل هذه التلفيقات – التي كان رائدها د. مصطفي محمود – لن تصل الدين بالعلم ولن تجعل الدين علما … كان لويس باستور ، وهو مسيحي متدين، يقول (عندما أدخل المختبر أعلق معطف الدين على المشجب) أما جيمس فريزر صاحب (الغصن الذهبي) فقد قدم فرضية تضع الدين في مرحلة وسطى في تطور الحضارة البشرية تأتي بين السحر والشعوذات والعلم ، وفرضية فريزر لا تعني الانقطاع بل التزامن المؤقت والإحلال المتدرج والذي قد يأخذ ألوفا من السنوات وهي أيضا تؤكد أن الدين سيتراجع كلما تقدم العلم مثلما تراجع السحر (الطوطمية وآلهة الطبيعة) عندما تقدم الدين
اقبل هذا الكلام لو كان متعلقا بالديانة النصرانية واليهودية اما اذا اردت ان اربط بين العلم والاسلام فالعلاقة بينهما وثيقة ويبدو أنك لم تستقرأ جيدا نصوص الكتاب العزيز ومناهج البحث عند علماء المسلمين فهناك نصوص وفيرة جدا تدعو للعلم والمعرفة وتعطي العقل المكانة القصوى والرتبة العليا في الحكم على الاشياء بل ان اول ايات القران نزولا تدعو للقراءة والعلم والكتابة وبناء منهج جديد في الجزيرة العربية لا اقبل ان يكون الدين بالنسبة للعلم مرحلة زمنية متوسطة وفي الحقيقة هذه المسألة خطيرة جدا وتكمن خطورتها في عدم فهم التوحيد بكافة جوانبه وابعاده وعدم فهم صفات الله تعالى على حقيقتها وعدم فهي كذلك طبيعة الوحي ..
وبالمختصر فان العقل البشري محدود في قدراته وامكانياته مهما توصل الى مكتشفات واختراعات يبقى في دائرة المحدود الذي لا يتجاوز المشهود المحسوس وبلا شك هذا نقصان في المهرفة لان المعرفة اوسع من الحس التجريبي ويمثل الوحي اللامحدود الحق المطلق والحقيقة التامة الى يوم القيامة لانه يصدر عن خالق الكون الذي له ملك السموات والارض فإن العلاقة بين المحدود واللامحدود هو ان المحدود يتلقى عن عن اللامحدود جميع التوجيهات فيسير ضمن تعاليمه وحقائقه وأنواره فالله تعالى يعلم ما يصلح للبشرية فوضعه لها هذا المنهج الصالح لكل زمان ومكان وبيئة فادعاء ان الدين يأتي لمرحلة زمنية متوسطة هو في الحقيقة اتهام لله تعالى بالعجز والقصور عن ادراك حاجيات البشرية المتطورة والمتسارعة والعاجز والقاصر لا يستحق ان يكون الها حاشا لله العظيم وهو الذي بيده مقاليد السموات والارض ويعلم ما كان وما يكون وما سيكون اذن من هنا تكمن خطورة كلامك .. ادعوك الى اعادة النظر في كلامك وفهم حقيقة توحيد الله تعالى وفهم طبيعة الكينونة البشرية التي لا يستتب لها الرشاد بمنأى عن الدين في كل عصر وفي كل وقت وفي ساعة وفي كل دقيقة ..
طبعا ردي ليس على صاحب المقال انما للاخ الدنقلاوي