الجنينة وعاشـق… دار اندوكة

جميلة التى لم يكن بريق عينيها يشبه كل العيون ،كان لها وقع خاص تاخذ الاحســـــاس الى دنيا سحرها…فيكفى انها سكنت احساسى الفة ، وتذوقت منها عبرها احلام صباى، بعنفوانه ولذة الحب العذرى الاول الشفيف، سكنت جميلة كل تفاصيل حياتى، كما سكنته الجنينة حنين الافئدة العاشقة فى زمن الاشواق البريئة، بين احلامنا الصغيرة، وسزاجات الطفولة الغـــضة واناشيد الصبا المتطلع الى ثورة الشباب الجامح ذلك المترع املا وصبابة….لم تكـــن الجنينة كما هى اليوم، حيث لمة الاحباب والاصحاب ،ونضارة الامانى البكر، التى لم تـــلوثها أيــادى السياسة وادران المؤامرات والاطماع ، تلك الغادة التى طالما تخضوضر…فرحة كعــــشبها النضير كم يشبه، اسمها ورسمها الجميل …ثمرات المانجو والجوافة والبرتقال اليانع نعم لم تكن الامال فيها تعرف الحدود، والمسافة والحواجز والمتاريس… ونحن نمـــرح بين وديانها وكثبانها ، نعانقها شوقا وتبادلنا محبة وعشقا، وتحرك خواطرنا الصبيانية نحو اللهو الجميل كم كانت تملاء مسامات حياتنا بعبقها واريج عطرها، كنت انظر الى الشمس فيها وهى تتسلل عبر نافذة بيتنا القديم، بين شجيرات الهجليج وزهور البرسيم ، لترســـم لوحــــة من الروعة والافتتان المنقطع النظير.. تحتضن الوادى البعيد، وتغازل اعشاب الضريسة ،وشتول البامية الممتدة الى اطراف الحقول… فى مــدينة الجنينة كان للفجر شروق فــــريد متجـــدد ،لاينسى صوت والدى وهو يوقظنا لصلاة الفجر، ثم يجلس على برش الصلاة ، ليتلوا القـــران الكريم فى خشوع وسكينة يهدهد الحوش والمكان والزمان… قـــد ينادينى بصــوته المجلجل ، ياولد ياسليمان احلب البقرات، احمل الحليب الى جدتى عائشة ام كل من يسكن الحوش الكبير….. نجلس حولها فى شبه دائرة وهى تضع شاى الصباح بنكهة نعنعاع الجنينة واريحية الاحباب تخاطرنا عيونها التى رسمت حولها السنوات خطوط زادتها وقارا… جدتى عائشة باشــواقها وحفاوتها المعهودة، وكانما تستمد سعادة جلستها المتوجة على (بنبرها ) من شقاوة نظراتنا البريئة التى تشتهى اكل الزلابية من يديها الحبيبتين ، وكم يعبر الانوف رائحة بخور التيمان المختلطة بعبق البن ، فنستنشق حلاوة الجلسة فى انتظار كوب من الشاى الممزوج بالحليب بين همسات وضحكات شقية، لنسعد بصوتها وهى تترنم لنا احيانا باغنية حفظتها عن ظهر قلب قيلت فى السلطان تاج الدين سلطان دار مساليت ذلك البطل المغوار، الذى استشـــهد فى معركة وادى دروتى، وهو رمز عظيم لاينسى لمعنى التضحيات …التى سكبت عطائها بدون حدود فداءا للدين والوطن … وتحضرنى ابيات من شاعــــرنا العملاق الفيتورى فى قصيدته عن مقتل السلطان تاج الدين…
بالسيف وبالحربة
وبايمانك قاتلت
يا فارس تسحق اعداءك
باسم بلادك ناديت
لن يحجبني عن حبك شيء
انك ملء دماي وعيني
يا دار مساليت انا حيّ
وتحرك تاج الدين
وأتت بضع رصاصات
خجلات مضطربات
اقبلن من الظلمات
فرأينا تاج الدين
يبدو كأن قد مات
وتساقط تاج الدين
لم يقو الفارس ان يرجع
لبكاء الشعب عليه
فرصاصات خمس صدئات
تسكن في عينيه
لكن احدا لم ير رايته
تسقط من كفيه
ظلت الجنينة حبيبتى عبرعيون جميلة اوربما كانت الجنينة جميلة ….هى اوهى تؤأم الروح
كنت انتظرها ، اوهى تنتظرنى …بفارغ صبر…وتحد …وقد ملاءت الاشـــواق المسافة التى بينى وبينها، لم اعلم لماذا تتسارع نبضات قلبى حين تطوف وجدانى … او المحها من بعيد وهى تخطو كاجمل غادة على وجه البسيطة، كنت اشتهى نظرة من لحظها البرىء … الملم كل الكلام ، وانسق العبارات وادبجها بينى وبين نفسى باننى ساصارحها وابــــوح لها بذلك السر المتوارى بين شغاف خواطرى … اتخيل ان كل من حولى يرى تلك الاشواق المفعمة وحبى المستتر…حتى اكـــاد اجزم ان شجر الليمون والبرتقال …. والمانجـــو كانوا حضورا يترقبوا معى ذلك المهرجان البهيج…. لا انكر اننى عشقت جميلة مــنذ ان عـــــرفت الجنينة الرافلة فى اثواب الروعة والجمال …..الى حد التميز….والكمال ….
منتصر نابلسي
[email][email protected][/email]
العزيز النابلسي كم انت شغوف بهذة الوادعة المعطاءة البشوشة الجنينة التي تنكر لها بعض بنوها نعم رغم كل الذي جري وما زال يجري وما افسدتة السياسة وانصاف المتعلمين الا انها ما زالت تحتفظ ببعض بريقها المعهود..نتمني لها دايما الازدهار … دمت سالما
you are right
التحايا لك استاذ منتصر….
لقد زرت الجنينة لأول مرة قبل ثلاث أعوام وتجولت فى أحيائها وتفرست فى المبانى والبيوت فشعرت بأن فى هذه المدينة ، بلاشك ، كانت هناك حضارة ما سادت ثم بادت …وأدركت من ملابسات أزمة دارفور أن أسباب إندثار هذه الحضارة هو إنعدام التنمية ..لأبناء دارفور ألف حق إن ثاروا فى وجه الظلم الذى دمر بلادهم وقبرها فى جوف التخلف …الطبيعة الخلابة لمدينة الجنينة ترشحها لأن تصبح أجمل المدن فى السودان قاطبة إذا أولاها أولى الأمر الإهتمام اللائق وحشدوا لها أسباب التنمية.. شكراً أستاذ منتصر فحبيبتك الجنينة تستحق كل هذه الكلمات الدافئات ويالك من محظوظ أن عشت ردحاً من عمرك تتقلب فى نعيم ومجد تلك المدينة الجميلة فى أيامها الغابرة…