أهم الأخبار والمقالات

السلام (الحلو) وعجز القادرين على التمام!

بثينة تروس

أن اتفاق المبادئ بين الحكومة الانتقالية والحركة الشعبية شمال بقيادة القائد الأستاذ عبد العزيز الحلو،  ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان يمثل نصراً لأنسان السودان في جميع البلاد، وأملاً في السلام المستدام والتحول الديموقراطي، وتوجهاً نحو اهداف ثورته في الحرية والسلام والعدالة، وتخصيصا نصراً عزيزاً لتلك النسوة والأمهات واطفالهن من الذين كان نصيبهن ابان الحروب في جبال النوبة وكردفان، القتل والتشريد والاغتصابات، يحتمون بكهوف الجبال، والمغارات، يصارعون الجوع والامراض، وقصف المولوتوف، والبراميل الحارقة، والأسلحة المحرمة دولياً في حكم الاسلامويين الفاشل.

والذي زان اتفاقية المبادئ قطعها الطريق امام الهوس الديني، والعبث بالأديان ما بين شرائع (مدغمسة) تمتهن كرامة الانسان، وحروب جهادية، وكهانة علماء السلطان، وبنود الاتفاقية تتيح وتحترم حرية الأديان والمعتقدات، وتوطن لحقوق الانسان والمواطنة التي يكفلها الدستور، لقد اكدت جميع بنود الاتفاقية بجلاء على ان هذا البلد السوداني عظمته في تنوعه الديني، والثقافي، والعرقي الاثني، وبهذه الاتفاقية تطوي البلاد صحائف النعرات العنصرية والتهميش البغيض الذي اجاد استخدامها الاخوان المسلمين لثلاث عقود.  لكن ما يسترعي الانتباه، ويثير الدهشة وسط هذا الترحاب المتفائل، (دغمسة) بنود قوانين الأحوال الشخصية في المادة 2-4 (يجب ان تستند قوانين الأحوال الشخصية على الدين والعرف والمعتقدات بطريقة لا تتعارض مع الحقوق الأساسية) انتهت.. وهي فقرة ارجعتنا لذاكرة قوانين سبتمبر1983 التي عجزت الأحزاب عن الغائها بتفسيرات تشابه الفقرة أعلاه في اعلان المبادئ! وظلت تلك القوانين سيفاً مسلطاً على رقاب السودانيين طوال عهود الظلام الإسلاموي بحجة انها قوانين الشريعة الإسلامية، بقوانينها جلد الشباب الشيوخ، وتم قطع الايدي والارجل من خلاف للسارقين من الفقراء والنازحين من أبناء الهامش. واليوم هل عاب قوانين الأحوال الشخصية غير مفارقتها لحقوق الانسان؟!

وعدم احترامها للمرأة، وهل يجهل القائد الحلو وصناع المبادرة ان قوانين الأحوال الشخصية لا يمكن ان ترقي لمستوي بنود تلك المعاهدة التي نظرت في فصل الدين عن الدولة، والعلمانية كحل جذري لازمة الحكم، ثم ارتدت لتضع جميع شأن النساء حريتهن، تقدمهن، وشراكتهن في السياسة والتنمية، تحت رحمة الفقهاء والمهووسين من رجال الدين! هل يجهلون ان تلك القوانين متخلفة حتى عن بعض الجوانب المستنيرة المشرقة في الشريعة الإسلامية نفسها!  وانه لا توجد دولتين في بلاد العرب او المسلمين، تتطابق فيها مفاهيم قوانين الأحوال الشخصية، مع انها جميعاً تستند في مرجعيتها لقوانين الشريعة الاسلامية!

وان من أبرز قصور قوانين الأحوال الشخصية تمييزها بين الرجل والمرأة، فهي لا توجد فيها مساواة امام القانون، وشهادة المرأة بالنصف من الرجل ولو كانت رئيسة قضاء!! خل عنك ان تدين بدين غير الإسلام! وفيها الرجل يحق له الزواج بأربعة، يتزوجها قاصر ان شاء متجاوزاً لقوانين الطفل والسن القانونية للزواج، فيكون نصيب المرأة في زوجها ربع رجل، يطلقها ويستردها الي عصمته متي شاء وكيف شاء، يعلقها، ويطلبها في بيت الطاعة، بل يحق له ضربها وتعنيفها بنص قراني محكم!

وان ارادت ان تقرر في امر زواجها ليس لها من الامر شي بدون وصاية من ولي امرها، ان مفاهيم الفقهاء ورجال الدين لقضية المرأة ما بين الشريعة وقوانين الأحوال الشخصية لحوب كبير!

وتاريخ المرأة الطويل في الاستضعاف سببه فهوم رجال الدين ورجعية الفقهاء الذين عجزوا عن مسايرة التطور الإنساني، وما اكتسبته المرأة من حقوق بنضالاتها الطويلة الشاقة، ولقد اقعد بهم التطرف حتي من ان ينحازوا  للمدارس الفقهية التي تتماشي وحاضر اليوم، كمثال السادة الحنفية الذين بالرغم من انهم سابقين للمالكية والحنابلة والشافعية في أحكام المرأة  بمسافات ضوئية، الا انهم يقصرون من الحاق بما وصلت اليه البشرية  بعزيز الدم والدموع في حقوق الانسان اليوم، وعلي سبيل النماذج ان السادة الحنفية يقولون ان المرأة الرشيدة، وهو ما عليه واقعها الان، يمكنها  ان تزوج نفسها بل حتي تزوج غيرها من النساء ( قد جاء في كتاب “الأحوال الشخصية حسب المعمول به في المحاكم المصرية والسودانية” لمؤلفه معوض محمد مصطفى سرحان في صفحة 149( (وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف في ظاهر الرواية الى إثبات هذا الحق لها، فلها أن تزوج نفسها متى كان كفؤا والمهر مهر المثل، ولا اعتراض لأحد عليها، كما لها الحق في أن تزوج غيرها أيضاً)..

وهذا يخالف قوانين الأحوال الشخصية  المعمول بها حالياً فهي لا تبيح ولاية المرأة علي نفسها في الزواج!  وفي موضع اَخر يرتد الحنفية الي مصاف بقية الفقهاء في تعريف ان الزواج هو التلذذ بأدمية!

فاذا لم يكن هنالك مجال لاستمتاع الرجل بها تسقط نفقتها، وفقهاء الحنفية يجمعون كغيرهم على أنه ليس على الزوج الانفاق على زوجته اذا مرضت (ان حق الزوجة على الزوج من حيث هي زوجة يوجب عليه أن ينفق ما به قوام الحياة العامة هي حياة الصحيحة لا المريضة فلا يوجب عليه الدواء على أي حال).. صفحة 557 الجزء الرابع الفقه على المذاهب الأربعة لذلك.

هذا قيض من فيض لا يتسع له المجال الان، وكنا نظن ان اتفاق المبادئ سوف يعين علي قطع الطريق على هذه الفوضى الفقهية، والتي يتصدرها رجال الدين الأوصياء على العقول، وأننا قد استشرفنا عهد التخلص من قوانين الأحوال الشخصية التي إهانة المرأة، وجعلت منها مسخاً مشوهاً في المجتمع، وتم استخدامها سلاح لإذلال وقهر النساء باسم الدين، ولعل امر الاتفاقات الحادثة في ظل الحكومة الانتقالية قبل وبعد سلام جوبا تفتقر الي الجدية في قضايا المرأة، وتقصر عن الالتزام بالوثيقة الدستورية التي ترعي شراكة النساء في صنع الاتفاقات والقرارات، اذ لا يتسق في ظل الحكومة الانتقالية، وضع قوانين لمكافحة العنف ضد المرأة، ويتم الغاء قوانين النظام العام، بل ويتم التطبيع مع ( إسرائيل) ! ثم تعجز اتفاقية المبادئ الموقع يوم 28 مارس 2021، عجز القادرين على التمام، في المطالبة بتعديل قوانين الأحوال الشخصية، وتركها مبهمة التفاسير ومتروكة كما كانت عليه في النظام البائد ونظم الدول الدينية المتعارف عليها!

ثم ماذا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها.

[email protected]

 

‫9 تعليقات

  1. مازلت يا تروس في غيك وضلالك القديم؟؟؟؟؟؟؟؟؟ نسأل الله أن يصرف أذاك عن الأمة الإسلامية بماشاء كيف شاء.

  2. بغض النظر عن فهم رجال الدين للدين كما زعمتى، فان كلامك يناقض الدين، نفسه، فهل الاشكال عندك في الدين ام فى فهم نصوصه التي اوردوها مجتهدوا المذاهب الأربعة، ثم من انتي حتى تنتقدى الأئمة الأربعة، وفيهم مالك عالم المدينة الذى قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:(توشك ان تضرب اكباد الابل في طلب العلم فلا يجدون الا عالم المدينة)، ثم ان كان الفقهاء لم يفهمو هذه النصوص، فأتنا انتى بالفهم الصحيح لها، ولكن من يعرف المرجعية التي تستندى عليها فلا يستغرب منك هذا الحديث، فكل اناء بما فيه ينضح.

    1. أستاذ محمود … بعد التحية
      هل ما أوردته الكاتبة من أن الرجل إذا كان لا (يستمتع) بالمرأة فليس عليه الإنفاق عليها؟ و أنه ليس عليه الإنفاق على الزوجة المريضة؟ و ليس عليه الصرف على الدواء الذي تحتاجه؟
      إني أطرح عليك هذا السؤال و على كل من يقرأ هذا الموضوع و هو طرح الغرض منه العلم لأني أول مرة أسمع بمثل هذا الكلام الغريب، و أتمنى أن تكون الكاتبة غير أمينة قي النقل و لكن إن كان كلامها صحيحاً فهذه كارثة.

      1. مالم يقله رجال الدين كتير جدا وخطير لدرجة…
        الثلاثه ايام قبل وبعد وفاة رسولنا صلى الله عليه وسلم، كفيلة جدا بان نعيد التفكير في الاوصياء عليه عندنا،
        واذا صادفتك قصة العودة من معركة تبوك ومحاولة قتل نبينا صلى الله عليه وسلم والمشاركين فيها، لجننت من الخذلان…

    2. انت تابع ومستسلم ومذعن ، تريد ان تأكل وتشرب وتظرط وتنوم وبس ! ولو زول اجتهد واعمل عقله فهذا سبب كافِ بالنسبة ليك انك ترغي وتزبد وتجيك امهلا هلّة !

  3. خليهم يوقعوا ما يشاء من الاتفاقات فهي بكل تاكيد ستكون حبرا على ورق الا موضوع كراسي الحكم التي سيستمتعوا بها لايام قلائل فمثل الحلو لا يرجى منه خيرا لبدنا وانما هم للاسف عاهات اصابت جسد الامة ونالت منه الكثير فما هم ناضلوا من اجل شعوبهم وانما جعلوهم مطاية لتحقيق اهدافهم البغيضة فلا تحلمي بان اي اتفاقية تتم بين الرجل واي حكومة يمكن ان تسعى لتحقيق منفعة للوطن وانما هي مخاصصة اما بكاك على عدم تضمين تعديل قانون الاحوال الشخصية فهي احلام زلوط فما تم التوقيع عليه لن ينفذ منه الا توزيع المناصب

  4. لابد من من امام خامس وان طال السفر
    فالحي الذي يستنجد بالأموات باستمرار…. والذي يتكئ علي حديث الأموات ….ويعجز عن احداث قول علي قول ….وان ينشئ متنآ علي متن
    هذا العقل الذي يسرف في سرد نصوص السابقين دون ملل …وتكرارها دون اجتهاد
    سيظل عقلًا ضعيفا فقيرا ….يعيش علي فتات اجتهاد الآخرين روحيًا ودنيويًا
    هذه ليست دعوه الي قطيعه بل دعوه لاجتهاد يواكب تطور المجتمعات
    الوعي الإسلامي يجب ان يستفز استفزازا جذريا لكي ينتفض وينشئ نفسه من جديد -علي- قديم

  5. ليه كارثة؟!
    الفقه القديم الكوارث فيه كثيرة في ما يخص احكام أهل الكتاب والمرتدين والنساء والعبيد والموالي و(الكفاءة) في الزواج والمناصب إن انت قست عصرك إلى عصرهم.
    المشكلة ليست في الإسلام بل في وجواب ايجاد فقه يخاطب هذا العصر

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..