مقالات وآراء

فصل الدين عن الدولة اليوم، و ليس غداً

خليل محمد سليمان

نتيجة للصراع الأيديولوجي المفروض علينا، و اصبحت السياسة اهم ادواته لفرض الإرادة، و النفوذ بواسطة السلطة بين اليمين، و اليسار، كان لابد من شيطان ليكون مقابل للدين، و المثالية، فكانت كلمة العلمانية، التي لا يفهمها حتي السُذج الذين يعتبرون انفسهم من انصارها.
العلمانية ليست بدين، او ايديولوجيا بقدر انها منهج لإدارة الدولة يتراضى الجميع بمختلف اديانهم، و ثقافاتهم، و إنتماءاتهم ليديروا الحياة بينهم بشكل يحترم مبدأ التعايش، و المساواة في الحقوق، و الواجبات.
يجب شطب كلمة علمانية من قاموس السياسة السودانية لطالما مقصود بها إستغلال البسطاء، و إشعال الصراع، و إعتماد الشعبوية كوسيلة سهلة لبلوغ الغايات لأجل السلطة، و تحقيق المكاسب الضيقة.
إنها الدولة المدنية التي تقف بالتساوي بين جميع فئات المجتمع.
لو لم ننجز في الفترة الإنتقالية سوى ترسيخ مبدأ الدولة المدنية، و فصل الاديان عن السلطة فهذا لعمري إنجاز يستحق الشكر، و الثناء.
إحتكام الناس للقوانين المدنية التي يتراضون عليها ليست بالضرورة ان تبعدهم عن اديانهم، و معتقداتهم، فالثابت في كل دول العالم المدنية كانت الثقافة، و الطابع الديني واضح في روح الدولة، و نصوص الدساتير، و القوانين.
هناك خطأ شائع يُروج له بخبث، و منهج مقصود في ان الديمقراطية هي التي تُخاطب قضايا الدولة الكبرى مثل فصل الدين عن الدولة، و الشريعة، و…
ببساطة يمكن للديمقراطية ان تنتج تشوهات لا يمكن علاجها، فهتلر كأكبر ديكتاتور اسس لأبشع نظام شمولي علي وجه الارض جاءت به صناديق الإنتخابات و فاز حزبه بنسبة 33% كأغلبية كاسحة نال منافسيه فيها اقل من 18%.
هناك فرق بين التأسيس، و ممارسة الديمقراطية.
اكبر حضارة سادت العالم الآن لم تنتجها الديمقراطية، بل أُسست الدولة المدنية اولاً فكانت الديمقراطية جزء من الممارسة لتبادل السلطة بشكل سلمي لإدارة شئون الناس، و العمل علي رفاهيتهم بعيداً عن معتقداتهم، و اديانهم، و ثقافاتهم.
قبل ان تطأ قدماي البر الغربي حيث الكفر، و المجون، و الإنحلال، فهذه الصورة النمطية التي كانت المسيطر نتيجة الجهل، و عدم المعرفة.
تغيّرت هذه النظرة حيث وجدت الدين حاضراً بقوة في كل تفاصيل حياة الناس، فلا تخطئ العين مظاهر التدين، و توجد للمؤسسات الدينية مساحة في المجتمع تحسبها هي الغالبة علي كل شيئ.
الذي نجهله تندرج المؤسسات الدينية في الغرب ضمن مؤسسات العمل الطوعي التي توفر ما قيمته 30% من ميزانية اكبر إقتصاد في العالم هي الولايات المتحدة الامريكية.
اكثر شعوب الارض تديناً، في السلوك، و تطبيقاً لمبادئ دينهم هم الامريكان، و من يعيش في تلك البلاد يعرف ذلك تماماً.
المعلوم ان الحزب الجمهوري هو الاقرب للدين، فعندما رفع الرئيس السابق ترامب الإنجيل امام الكنيسة ليحشر الدين في المعترك السياسي بجهل، و غباء، إستنكر كل المجتمع الامريكي هذا المشهد مما دعى رئيس اركان الجيش بالإعتذار عن وجوده في المكان الخطأ.
سألت استاذة جامعية متدينة..  إلي من سيذهب صوتك في الإنتخابات؟
قالت لي : من حيث المبدأ انا جمهورية متدينة، و لكن سيذهب صوتي هذه المرة للحزب الديمقراطي لأنه الاقرب الي حياتي اليومية، و معاشي، و حياة اولادي في الصحة، و التعليم.
يجب ان لا تتعدى السلطة حياة الناس اليومية في معاشهم، و رفاهيتهم.
لو كانت العلمانية منهج للتعايش بين كل الاديان، و الثقافات في إدارة الدولة فهي إسلامية لقوله تعالى لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6) صدق الله العظيم.
للحديث بقية.

‫11 تعليقات

  1. الناس لا تختلف حول الديمقراطية او الشورى ولا تختلف حول الحكم المدنى وعدم استقلال الدين للكسب السياسى ولكن الناس لا تقبل شيء يفرض عليها بالقوة سواء كان اسلاميا او علمانيا..من أراد القبول عليه محاججة كل الاطراف من أقصى اليمين إلى اقصى اليسار حتى لا يكون الامر فوقيا وعلى الاقل من اجل ذيادة الوعى وتحجيم الاختلاف. .مافائدة تطبيق اي منهج وكثير من الناس لا يويدونه بالتاكيد لن يقود إلى الاستقرار السياسى المنشود.

    1. قد يكون كلامك هذا مقبولا اذا كانت نسبة التعليم و الوعى فى السودان خمسين فى المئة ولكنها ليست كذلك و السواد الاعظم مستقلا من فئة محدودة و ظلت تفعل ذلك منذ نشأت هذا البلد.

    2. وما فائدة الدولة التي تقود والتي هي مثل رب الأسرة الذي يرعى يقود ويوجه.. هل أستفتت الهند وهي أكبر ديمقراطية في العالم شعبها عندما أختارت الدميقراطية والعلمانية حيث هناك البوذي والهندوسي والمسلم و و .. القول بأخذ رأي الأغلبية في هذه الحالة قول فاسد ، ماذا يفيد أخذ رأي قوم بقيوا تحت غسيل الدماغ أكثر من قرن أي من قبل الإستقلال .. وبنما الجهل وسطهم ما تزال نسبته فوق الثمانين؟ القول برأي الأغلبية أنما راي يعود بالتأكيد لجماعة الفساد الإسلامي الإخوان مسلمين البائدة ونحن الآن نحتزي بالدول العظمي التي أختارت العلمانية لوضوع فكرها وأهدافها ولا حاجة للجوء لرأي الأغلبية وحتى ترتفع نسبة التعليم بين أبناء وبنات شعبنا وعندها لكل مقام مقال.

  2. خذوا العبرة من المانيا التي فصلت الدين عن الدولة، فوصلت الي ان تكون واحدة من الدول الكبيرة في الاقتصاد والتنمية، المانيا حتي عام ١٩٤٥ بعد الحرب العالمية الثانية كانت تعيش عالة علي امريكا و”خطة المارشال”، واليوم لم تعد تحتاج الي احد لمساعدتها، بل استقبلت اكثر من اثنين مليون لاجيء يعيشون في وضع انساني لم يجدوه في بلادهم التي جاءوا منها، وهربوا من اوضاعها المزرية.

    فصل الدين عن الدولة ليس معناه الغاء الدين، ولكن الفصل يعني ان يكون الشعب هو مصدر التشريع وسن القوانين بارادة كل فرد في الشعب، هنا في المانيا تجد الاديان كل الاحترام، والكل يتمتع بكامل حريته في اداء شعائر دينه.

    نعم، والف نعم لفصل الدين عن الدولة في السودان.

      1. الي أبوعمار.
        مشكلة دولة السوداني الجنوبي ليست دينية وانما سببها تدخلات دول الجوار في الشآن الجنوبي لاكتساب وضع خاص داخل هذه الدولة الوليدة ، بل حتي السودان عادي الجنوب بسبب النفط.

      2. بنفس المنطق وبمبدأ بضاعتكم رُدت إليكم : لماذا نجحت تركيا في التنمية وهي علمانية !؟!

  3. المشكلة المخمومين من ابناء شعبنا يعتقدون بان (العلمانية) خروج عن ملة الاسلام وهذا منظور خاطيء ، 30 سنة تجار الدين كانوا يرفعون (الشريعة) ويطبقون اهواءهم اليس العلمانية افضل من النموذج الذي طبقوه والاسلام منه براء ، كل من يتباكى على الاسلام من الكيزان او المخمومين غير صادق .. وين ناس عبد الحي يوسف ومحمد الامين اسماعيل (الله الله الله) اهو البرهان اعلن علممانية الدولة وين المنابر التي كانت تبث الكراهية على شخص القراي ، الم نقل انهم غير صادقين نتحداهم يتكلموا عن الحلو او البرهان الحلو جاي جاي والدولة علمانية علمانية فقد جربنا دولة تنهب و تظلم وتقتل وتغتصب باسم الاسلام وراينا الكفار في الغرب كيف يطبقون الاسلام على اصوله (عدالة ومستاواه ورحمة) عمرنا ما شفنا دمعة ذرفت من علما تجار الدين لاطفال دارفور او جبال النوبة او اهلنا في المعسكرات لقد انستهم ملذات الدنيا معناناة الناس . علمانية علمانية علمانية لا لاتباع اصحاب الهوى والضلال لا يغرونكم اصحاب اللحا .

  4. غريبه…كنت اعتقد ان الثورة قام بها الشعب لكن من خلال تعليقات بعض الاخوه يتضح ان الشعب كان مجرد كومبارس وان من قام بالثورة هم قله من اصحاب الوعى وبالتالي يجوز لهم فرض مايرونه فى مصلحة الشعب…طيب لماذا نلوم الكيزان ان اعتقدوا فى الشعب مثل اعتقدتم….مساكين ابى وعمى لا ذالوا يدافعون عن الثورة ومادروا انهم غير محسوبين فى أهدافها.

  5. يامحمد معروف انت تقول: (القول بأخذ رأي الأغلبية في هذه الحالة قول فاسد ، ماذا يفيد أخذ رأي قوم بقيوا تحت غسيل الدماغ أكثر من قرن أي من قبل الإستقلال )
    طيب كويس اذا الشعب غير مؤهل للبت في قضاياه المصيرية فمن هو الذي يجب ان يفعل ذك نيابة عنه؟ الشيوعيون؟ الكيزان؟ العسكر؟ الخواجات؟…. مين؟ هذا يعيدنا للمربع الأول مربع الدكتاتوربة وحكم الفرد وفرض الرأي ولذلك سيأتي يوم ينقلب فيه الناس على الظلمة الذين يفرضون ارادتهم على الشعب!
    يجب أن نحتكم للشعب وهذا هو المبدأ أو ندخل في الفوضى مرة أخرى لأن ما تقوم به انت نيابة عن الشعب يفتقد للشرعية.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..