ترويض الراسمالية !!
أمجد هرفي
انهار الاتحاد السوفيتي السابق تحت وطاة ضربات الراسمالية الموجعة وتحت ضغط نواقص نظرية الاشتراكية العلمية التي بشر بها الاتحاد السوفيتي علي انها النظرية الاخيرة التي سوف تحكم العالم وإلي الابد ومع إنهيار الاتحاد السوفيتي انهارت أحلام وردية ورومانسية كانت تراود خيالنا المتعب عن عالم يسوده الاخاء والمساواة
واني اري ان مكمن الخلل في النظرية الشيوعية هي اجبار الناس علي الاشتراكية بقوة الدولة القهرية وليس عن طريق التربية والتدرج في تنزه النفس البشرية عن التملك رويدا رويدا الشيء الذي بشر به الاستاذ محمود محمد طه في وقت لاحق
وان كان كلام الاستاذ صحيحا فان تحقيقه يتطلب عدة قرون حتي يتقدم الانسان فيتنازل عما يملك طواعية لغيره فيتحقق كلام السيد المسيح: من اراد ان يتبعني فليبع كل ما يملك وليتبعني
ولكن كيف يعيش الانسان او كيف يتعايش مع وحش الراسمالية عدة قرون قادمة ؟
طورت الدول الراسمالية المتقدمة عدة طرق للتعايش مع الراسمالية لكبح جماحها ولكي تقلل الفوارق الطبقية هذه الفوارق التي قال عنها الاستاذ محمود ان من نتائجها ان تستنكف الطبقات الغنية من الزواج من الطبقات الفقيرة مما يزيد من التغابن الاجتماعي
و من اهم الطرق لتدخل الدولة لكبح الراسماليةهي التدخل عبر النظام الضرييي
تنقسم الضرائب الي قسمين ضرائب مباشرة و ضرائب غير مباشرة اما المباشرة فهي الضرائب التي تدفع مباشرة للدولة مثل ضريبة الدخل وضريبة الشركات وارباح الاعمال والضريبة علي التركات ومثل هذه الضرائب هي التي تركز عليها الدول المتقدمة اما في دولنا المتخلفة فيتم التركيز علي الضرائب الغير مباشرة مثل رسوم الانتاج و القيمة المضافة والجمارك وهذا النوع من الضرائب يسهل علي الخاضع له ان يحمله علي تكلفة السلعة فيتحمله المستهلك في نهاية المطاف
كما ان من ميزات الضرائب الغير مباشرة انها تصاعدية فتزيد تبعا لزيادة الارباح حتي ان ضريبة ارباح الاعمال تصل الي اكثر من ٥٠ % في البلدان المتقدمة ولكن الضرائب المباشرة تحتاج لزيادةالوعي الحكومي والشعبي كما ان طرق التهرب منها اكبر
ونحن نشتشرف مرحلة جديدة في السودان كنا نود ان نري تركيزا علي الاصلاح الضريبي وتركيزا علي الضرائب المباشرة بدلا من زيادة الضرائب الغير مباشرة والعمل علي زيادة الوعي الضريبي الشعبي والمؤسسي عبر وسائل الاعلام
ثاني الطرق التي تنتهجها الدول المتقدمة لكبح جماح الراسمالية هي نظم الضمان الصحي والاجتماعي عبر اقساط ميسرة تستقطع من راتبك شهريا لكي تعينك عند الحاجة اذا ما الم بك ظرف صحي او فقدت وظيفتك ويعتبر نظام الضمان الاجتماعي والصحي من انجع الطرق التي تشعر المواطن بالامان وبانه ليس بحوجة لتكوين ثروات باي ثمن مما يسهم مباشرة في خفض نسب الفساد فمتي نري مثل هذه النظم في سوداننا الحبيب الذي اصبح الفساد ينخر في عظامه حتي صنفنا من اكثر الدول فسادا
فهيا يا حكومة الثورة ابذلي ما في وسعك لكي نري نظاما ضريبيا متقدما يكون سندا للدولة وليس عبأ على المواطنين وهلمي يا حكومة الثورة لكي نري نظاما اجتماعيا صحيا يشعر المواطن انه في امن وامان وان له دولة ترعاه وتحميه عند الحاجة..