مقالات وآراء سياسية

الفدرالية هي الحل وليس العلمانية !!

يوسف السندي

لكي نأتي من الاخر فإن أزمة الحكم والحرب في السودان مصدرها الأساس هو التنوع الإثني في السودان، الحركات التي حملت السلاح ضد الدولة المركزية في السودان كانت تنتمي بشكل واضح وصريح إلى الاثنيات الإفريقية كما في الحركة الشعبية لتحرير السودان جنوب، والحركة الشعبية شمال وحركات دارفور، صحيح يوجد بعض المنتمين إلى هذه الحركات من الاثنية العربية ولكنهم مجرد نخب فوقية ولا يملكون امتدادات جماهيرية داخل هذه الحركات، لذلك يمكن القول أن أساس الحرب وجوهره هو الاحتجاج الاثني ضد سيطرة الاثنية العربية على السلطة والثروة في المركز.

لا اعتقد ان إعادة اسطوانة الامتيازات التاريخية والجغرافية التي مكنت الاثنية العربية من الظهور بمظهر المسيطر على الوطن سوف تجدي في إقناع الطرف الاخر، لذلك سأتجاوزها في هذا المقال وأناقش بصراحة كما هو ديدني في جميع مقالاتي السبب الرئيس الذي لا يناقشه الجميع بشكل مستقل وعملي وصريح وهو الشعور الاثني لدى الاثنيات الإفريقية بالتهميش وبأنهم مواطنين من الدرجة الثانية في السودان. ويجب أن أشير هنا إلى إن هذا الشعور موجود في كل بلاد الدنيا، ففي كل مكان في العالم هناك أقليات تشعر بأنها مضطهدة في وطنها وأنها لا تتمتع بالمواطنة كما يتمتع بها أصحاب الأغلبية المختلفين عنهم عرقيا او دينيا أو لغويا او غير ذلك، وهذا سيسهل من مهمة الاقتناع بأن هذه المشكلة منتشرة وشائعة وليست حكرا على السودان، وهي للاسف من اعقد وأصعب المشاكل التي تواجه البشرية في مشوراها نحو إحقاق العدالة وحقوق الإنسان داخل الدولة الواحدة وداخل العالم أجمع، وليس سرا ان اكثر ما يشغل منظمات الأمم المتحدة وهيئاتها في العالم هو هذا الصراع الذي تعانيه الأقليات عبر العالم.

لكي نقرب الشرح، نأخذ مثالا قريبا لحالتنا، وهو اميركا، لوقت قريب كانت الاثنية الزنجية في امريكا تعاني من الفصل العنصري، كان السود ياكلون في مطاعم منفصلة عن البيض ويركبون في مواصلات ومقاعد منفصلة، ويدرسون في مدارس منفصلة، ولا يتمتعون بالحقوق الطبيعية للمواطنين في بلادهم، وكان هذا محور نشاط القادة السود المشهورين مثل مارتن لوثر كينج ومالكوم اكس وغيرهما الذين سعووا إلى إزالة هذا التهميش وهذه الفوارق بين السود والبيض، ومن المدهش ان السود في أميركا اتبعوا الطرق المدنية في نضالهم ضد العنصرية ولم يحملوا السلاح ولم يشعلوا حربا في امريكا، وأعتقد أن استخدامهم لأسلوب النضال المدني بالتحديد هو الذي قاد إلى انتصارهم الكاسح والى تغيير القوانين برمتها في نهاية الامر واستعادتهم لحقوقهم الكاملة حتى وصل أوباما الاسود في بداية هذه الألفية لمنصب رئيس الولايات المتحدة الامريكية.

السود في أميركا كانوا ينضالون عبر الوسائل المدنية من أجل أن يكونوا احرارا داخل وطنهم الام، لم يفكروا في الانفصال فقد كانوا مؤمنين بأن هذه البلاد بلادهم، لم يفكروا في الحرب ضد البيض فقد كانوا مؤمنين بأن البيض في نهاية الأمر بشر مثلهم وأصحاب حق في هذه البلاد ايضا، وان حكم القانون اذا ساد فإن السود والبيض أخوة، كلهم لآدم وادم من تراب. عكس ما حدث في امريكا هو ما حدث في حالة مع جنوب السودان، منذ اللحظة الأولى اتجه الاخوة الجنوبيون نحو الحرب ولم يسلكوا دروب النضال المدني من داخل السودان كما فعل مارتن لوثر كينج في امريكا، لذلك كان من الصعب أن يحدث تحولا في القوانين والدولة لمصلحة الجنوبيين بالطريقة التي حدثت في امريكا، ونتيجة لذلك أصبحت التحولات تتم عبر اتفاقيات السلام في خارج السودان، وهي للاسف طريقة لم تفلح في الوصول بالوطن إلى الوحدة، فانفصل الجنوب بكامله، ولم تحدث الوحدة كل حدثت في امريكا مع ان الأمريكيين السود عانوا من نظام فصل عنصري حقيقي وبالقانون ورغم ذلك اختاروا الوحدة على الانفصال.

نفس الحرب التي نشبت في الجنوب اندلعت في دارفور، ولا أرى سببا وجيها غير الغضب الاثني في ثنايا الحربين، لذلك اذا كان ثمة حل لازمة هذا البلد الاثنية فهو أحد اثنين تقرير المصير او الفدرالية، تقرير المصير سيمزق البلاد ويحولها لخمس دويلات على الأقل وفي ذلك إضعاف للجميع، ففي عالم يتجه نحو الوحدة، من العار والعيب ان نفكر في التباعد والتشرزم، كما أن السودان ملك لجميع أبناءه وليس حكرا على جهة او اثنية، لذلك يبقى امامنا حل وحيد وهو تطبيق النظام الفيدرالي بطريقة متكاملة، وأعني بالفدرالية ان يقسم السودان إلى أقاليم ومقاطعات فيدرالية يتميز كل إقليم او مقاطعة بالحق في إصدار تشريعات خاصة بالإقليم او المقاطعة، وهكذا سيكون متاحا للاثنيات المختلفة ان تحكم نفسها بنفسها بالقوانين التي تتواءم مع ثقافتها ودينها وتطلعاتها، ولا يصدر لها حكم من المركز ولا يفرض عليها تشريع من المركز.

اقترح في ذلك أن تسمى المناطق التي لم تنشأ فيها الحرب بالاقاليم او الولايات الفدرالية، وهي الإقليم الشمالي، الإقليم الاوسط، الإقليم الشرقي، اقليم كردفان ( ما عدا منطقة جبال النوبة)، مع تمييز المناطق التي عانت من الحرب بتقسيمها إلى مقاطعات فدرالية وهي مقاطعة النيل الأزرق الفيدرالية، مقاطعة جبال النوبة الفيدرالية، مقاطعات دارفور الفدرالية ( تقسم دارفور الى مقاطعتين او ثلاثة حسب التقسيمات الاثنية والثقافية)، هذا بالإضافة إلى تحويل العاصمة الخرطوم إلى مقاطعة فيدرالية. وهكذا سيتكون السودان من أربعة أقاليم فيدرالية وخمسة او ست مقاطعات فيدرالية، في كل إقليم او مقاطعة حكومة ومجلس تشريعي لسن القوانين الخاصة به والتي قد تكون مختلفة تماما عن قوانين الإقليم المجاور، ويحكم السودان عبر حكومة فيدرالية ويكون له جيش واحد ودستور واحد أعلى ويسمى ( جمهورية السودان الفدرالية).

‫8 تعليقات

  1. والله لا إنت فاهم ما هي العلمانية ولا انت فاهم ما هي الفدرالية….بس خليها على الله….المهم إشالله ستك المنصورة مريم تكون رجعت من الامارات بشنطة مكربة…..دا المهم يا زول علمانية شنو وفدرالية شنو….ومما رجعت من الامارات شغالة تحذير لاثيوبيا والفشقة وما ادراك ما الفشقة | بتمهد لأسيادها الجدد المصريين ضرب سد النهضة العظيم | وطبعآ سابت حلايب للمصريين بعد ان طمأنتهم بقولها نحن السودانيين شويين ودايرين جيرانا يرسلوا لينا فائض البشر عندهم….طبعآ إنفرجت اسارير سامح شكري طربآ….علما بأن مساحة الفشقة 251 كيلو متر مربع فقط وتنتج الذرة والسمسم لا غير….وحلايب مساحتها تساوي مساحة لبنان مرتين وقريبة من مساحة دولة إسرائيل
    مساحة حلايب 20,581 كيلو متر مربع
    مساحة لبنان 10,452كيلو متر مربع
    مساحة دولة قطر 11,571 كيلو متر مربع
    مساحة دولة إسرائيل 22,145 كيلو متر مربع
    حلابيب تنتج الذهب واليورانيوم والمغنيزيوم وهي معادن تنهبها مصر وتكسب من ورائها المليارات بينما ستك ومعها برهان ماسكين في شماعة الفشقة عشان اسيادهم المصريين يجوا خاشين…علمانية شنو وفدرالية شنو نحن شعب مستعمر نبقى في الاول نتحرر

  2. مقال سطحي مليء بالمغالطات و الجهل
    اولا الاثنيات الافريقية ليست اقلية فيما يسمي السودان بل تشكل الغالبية العظمي من السودانيين و هناك سؤال عن ما يسمي الاثنية العربية في السودان و هل في السودان عرب اصلا و لكن هدا ليس محور الحديث (يقول احدهم ان بالسودان افارقة سود كالكاتب المقال الموقر مركبين مكنة عرب)
    الشيء الاخر لا يمكنك استعمال اثنية زنجية في امريكا و ان فعلت دلك تحاكم و تجرم بالقانون (لكنك في بلد هامل تكتب ما تشاء دون محاسبة) في امريكا يمكنك ان تقول امريكان من اصل افريقي او امريكي اسود و منهم هاريس نائبة الرئيس بايدن و كولن باول وديل لو كانوا في السوان امثالك كان حيقولوا عليهم حلب
    عن الفصل العنصري في امريكا نعم كان هناك فصل عنصري بالقانون و الان القانون يجرم اي فعل عنصري و لو بنظرة شفت كيف يا
    سعادة الكاتب القانون المساواة في القانون ما في قلبك احتفظ به و مت به فالعدل و ليس الحب هو الهدف مش يطلع رئيس الدولة المخبول و يقول الغرباوية لو اغتصبها سين من الناس يكون شرف ليها
    تقول ان السود في امريكا كانوا ينضالون عبر الوسائل المدنية نعم امثال مارتن لوثر اولا لمادا تعود لمقارنة لنضال السود في امريكا و حروب السودان ثم السود في امريكا اقلية و هناك من السود من كان يدعو فعلا لحمل السلاح و يمكنك ان تقرا لمالكولم X و ما رايك في حمل مانديلا و حزبه للسلاح
    ادعم اقتراح الحل الفيدرالي و لكن ليس بالطريقة الاثنية القبيحة الفجة التي دكرت والدي لم اسمع به حدث في اي دولة فالسوداني في اي منطقة يعيش فيها فهو مواطن ينتمي لتلك المنطقة لانه و حسب ما تقترح يتم ترحيل الفور من الجزيرة و كل الشماليين من دارفور و كردفان و الشرق و النيل الازرق و الجزيرة و النوبة من بورسودان و الشمالية و الجزيرة و الكل يتم ترحيلهم من الخرطوم و الفلاتة و الاقباط وحاملي الجنسية السودانية بالتجنس توديهم وين ماعارف و في اي ركن ستكون انت يا لك من قصير نظر

  3. والفدرالية دي مذكورة في اي سورة من سور القرآن الكريم؟ ومن اخرجها من مخرجي الحديث حتى لو من جحر ضب خرب؟

  4. بديت تفتش فى أوراق الكيزان القديمة يا سندى! نظام ” ديل ما بشبهونا أخير نتخلص منهم عشان نقدر نطبق الشريعة” نفس استراتيجية التخلص من الجنوب واضح أنك داسيها فى مقالك ده, بعدين لا توجد أى مقارنة بين وضع السود فى أمريكا و ما تسميه الاثنيات المختلفة فى السودان لان الفارق كبير بين أمريكا و السودان ان كان تاريخيا ثقافيا اجتماعيا اقتصاديا, ومعلوماتك عن ذلك قاصرة لان فى أمريكا كانت توجد تنظيمات للسود مسلحة كتنظيم الفهود السود وحتى تنظيم أمة الاسلام لديه ميليشيات مسلحة حتى يومنا هذا وهم مسلحون للدفاع عن أنفسهم كما يعطيهم الحق الدستور الامريكى, وقد قبل معظم السود التعايش مع البيض طالما أن هنالك قوانين وأسس تكفل لهم الحقوق والمساواة وهى قوانين وحقوق مبنية على أسس علمانية, فيا زول ما تشطح ساكت.

  5. كلما فتح الأستاذ السندي ابوابا للحوار حول القضايا الوطنية الكبرى متلمسا فيها الحلول غير التقليدية انبرى له الجداد الالكتروني!
    طيب انتو بدل ما تسيئوا او تنتقدوا فقط ليه ما تقدموا تحليلكم للمشكلة وحلولكم لها.. ولا بس المسألة مسألة هلال مريخ؟ طيب كبف تمشي البلد لي قدام؟!
    الجداد اليساري دا هو الوجه الاخر للعملة الكيزانية، نفس الأساليب ونفس الصراخ والعويل والصوت العالي .. ولكنها جعجع بلا طحين!!

  6. النظام الفيدرالى نظام علمانى لانه يقسم الحكومة الفدرالية الى نظام تشريعى و تنفيذى و قضائى يحتكم له الجميع دون تمييز جهوى او اثنى او دينى. https://mawdoo3.com/%D9%85%D8%A7_%D9%87%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%8A%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9
    كل نظم الحكم الحديثة وليدة للعلمانية، و لن تجد هناك اى نظام حكم ديمقراطى غير علمانى. و العلمانية هى فصل الدين عن السياسة.
    https://marebpress.org/articles.php?id=15845
    الدول الثيوقراطية دول ثبت فشلها على مر التاريخ، و هى ليست بنماذج يمكن ان يحتذى بها ابدا. نريد لسوداننا الجديد ان ينجح و يصير مثل الدول المتقدمة التى ينعم اهلها بالحرية و العدل و المساواة. الدين لله و الوطن للجميع. و من حقنا ان نعيش فى اوطاننا معززين و مكرمين.

  7. تطبيق الفدرالية التشريعية لايعني ترحيل الاثنيات المختلفة الى مناطقها الاصلية بل العكس تماما، فالمواطن الذي لايريد ان يعيش في اقليم تحكمه العلمانية ما عليه الا التوجه الى الاقليم الذى تحكمه مبادىء الشريعة الاسلامية ان اراد ذلك.كما ان هذا التنوع التشريعي يعطي فرصة كبيرة لدراسة الأيديولوجيات المختلفة ومدى معقوليتها وجدواها ومساهمتها في استقرار حياة المواطن السودانى والا فسوف يتم ركلها الى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليها.الكثير من الدول الديمقراطية تبنت نظام التنوع التشريعي وحققت استقرار سياسى ملحوظ وكل ذلك عبر الاليات الديمقراطية الراسخة وكمثال لذلك دولة الهند التى يحكمها في الوقت الراهن حزب جاناتا بهراتيا دال الهندوسي المتطرف ولكن في الوقت نفسه تجد الاشتراكية تحكم ولاية كيرالا والاحزاب الليبرالية تحكم مهراشترا والمنظمات السيخية ذات الصبغة الدينية تحكم ولاية البنجاب وهكذا…بيد انني لو سئلت عن رايي الشخصى في الموضوع لقلت بدون تردد ان افضل الشرائع واحكمها واحسنها هي الشريعة الاسلامية دون منازع ففيها تفصيل كل شيء من عليم خبير.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..