مقالات وآراء

رساله مستعجلة للسد /وزير العدل السودانى

عبد المنعم على التوم

السيد/ وزير العدل السودانى
لعناية الدكتور /نصر الدين عبد البارى
بعدالتحية و فائق الاحترام
الموضوع/ قانون الايجارة فى السودان!!
فى إطار الجهود المبذولة من قبل سيادتكم فى اصلاح ما افسده النظام السابق من دمار فى جميع اوجه الحياة العامة و الخاصة ، نلتمس كريم تفضلكم بوضع الموضوع المشار إليه فى وضعية التفكر و التدبر و الاصلاح  الشامل تماشيا وتنسيقا و إنسياقا فيما يصلح العدل والاقتصاد والعمل على إستقرار المجتمع و الأسر وتفصيل  القوانين العدلية  بما يخدم مصالح غالبية الشعب السودانى   .!!!
لقد درج النظام السابق فى تفصيل القوانين بما يخدم مصالح منسوبى النظام السابق من الاثرياء و التنفيذيين  وفتح المجال و اسعا امام شهوانية وشراهة تملك الاراضى و العقارات وتوجه رأس المال الخاص و الاجنبى نحو الثراء الوهمى الطفيلى حتى صارت الاراضى فى السودان هى الاغلى حول العالم وقد شاهدنا ذلك عبر ما يسمى بتحسين الاراضى الزراعية وتحويلها الى اراضى سكنية خلقت نوع من الاثرياء العاطلين المتعطلين وأتى اثرياء الخليج بأموالهم يصطادون فى هذا الماء العكر الآسن ويدمرون الاقتصاد السودانى بهذا النشاط الهدام على حساب الانشطة الاستثمارية الحقيقية – الزراعة والتجارة و الصناعة  و الخدمات – والتى كان يمكن ان توفر فرص العمل لملايين السكان !!!
وبسبب الجمع الغفير من المضاربين و الوسطاء  فى هذاالنشاط الطفيلى وحماية القوانين السودانية لهذا النشاط تعطلت دورة رأس المال الانتاجية  واصبحت العقارات  مخزن للقيمة تعيق تطور وإزدهار البلاد ومصدرا للثراء و الابتزاز و الاحتكار من قبل بعض الافراد !!!-  هذا النشاط جعل  المال دولة بين الاغنياء ، و اصبح الحصول على قطعة ارض للسكن او للنشاط التجارى التقليدى  للمواطن العادى ضربا من الاحلام و المستحيلات !!!   و اصبح الشباب و الخريجين و أصحاب الدخل المحدود فى حيرة من امرهم هائمين على وجوههم ضربا فى الارض بحثا عن ارض لا مجال للحصول عليها فى ظل هيمنة اثرياء الغفلة على مفاصل الخطط الاسكانية و الشعبية و الاستثمارية وشيدوا عليها العمارات واصبحوا اثرياء و عطالة مقنعة يركبون الفارهات من العربات ويجوبون الشوارع جيئة و ذهابا دون اى مردود إقتصادى لصالح الدولة او الشعب و إنما عبء وضغط على الاقتصاد تفرعت منه طفيليات آخرى مثل تجارة العملات بما يجنوه من ريع العقارات !!!
السيد /الوزير
إن اصل الطبائع الخلقية المحمودة فطرى وموجودة بنسب متفاوته عند الاشخاص ، لكن من هذه الطبائع ماهو قابل للتعديل و التبديل ويدخل تحت سلطان إرادة الانسان وقدرته ، لذلك فإن هذا القسم من الطبائع كان خاضعا للمسئولية وتختلف حدود المسئولية بين الاشخاص حسب القدرة على التعديل و التبديل !! ويقال عن العدل و انت سيد العارفين ( عدل الشئ يعدله عدلا اى عادله : أى وازنه)  (تعديل الشئ تقويمه ووضعه فى نصابه الصحيح)و إننا فى هذا الصدد نسأل سؤال فى غاية الاستغراب لماذا تسمح القوانين السودانية بتملك الاراضى و العقارات دون حساب ؟!!! لماذا تسمح القوانين السودانية بتملك الاجانب للاراضى و العقارات ؟!!! الإنسان يسكن فى منزل واحد أو غرفة على اكثر تقدير – لماذا يسمح له بتقويض الانتاج وتدمير الاقتصاد عن طريق المضاربات والاحتكار فى الاراضى و العقارات ؟!!!

سعادة السيد الوزير
هناك مواد فى قانون الايجارات تحتاج للتأمل وبعد  النظر  و العمق فى التفكير !!! وهى ربما تكون أسوأ حالا من قانون النظام العام – – مثال لذلك قانون الحاجة الماسة و أجرة المثل فهما عبارة عن سيفان مسلطان على رقاب المستأجرين  البسطاء من الناس ذوى الدخل المحدود– فقانون الحاجة الماسة يستند على القاعدة الفقهية (المالك اولى بملكه ) وهذا شئ جميل  لا خلاف عليه !!! ولكن عندما يخرج هذا المالك عن ملكه (او داره) ويذهب بطوعه و بكامل قواه العقلية و حالته المعتبرة شرعا  وقانونا ( الى سوق الله أكبر )دون تدخل الدولة فى ذلك وقيد هذه الملكية بعقد إيجار يسمح للمستأجر بالاستفادة من هذه الدار مقابل مبلغ تم الاتفاق عليه مسبقا بمعنى بأن هذا المستأجر لم يآتى عنوة أو غصبا الى هذه الدار و إنما بموافقة صاحب الدار !!! ماهو سبب تدخل الدولة ممثلة فى قضائها بتفعيل القاعدة الفقهية (المالك اولى بملكه ) وقد كان الاتفاق طواعية بين المستاجر و المؤجر لماذا لا تحترم الدولة هذا العقد و الاتفاق وتقف على مسافة واحدة بين الطرفين  فى الحياد إحتراما للعقود وأن لا يفض هذا العقد إلا بالتراضى بين الطرفين  تحقيقا للعدالة و إنصاف للضعيف حتى لا يستغل الاغنياء ضعف الضعفاء ومن العقل و المنطق و المعقول أن لا  تسخر الدولة سلطانها و الوقوف الى جانب الاثرياء (الملاك) على أقلها ، ان تقف فى موقف الحياد إحقاقا للعدل لانها اصلا لم تكن طرفا فى الموضوع ويجب ان يكون الخروج طوعا كما دخل طوعا  وليس قسرا كما تفعل الدولة الان ، و وقوفها الى جانب الملاك فيه كثير من الذلة والاهانة و الاحتقار للضعفاء و زعزعة إستقرار الاسر !!!
كذلك يشاهد اهل السودان ماسمى بقانون أجرة المثل ، والتى لا  تشبع و لا تغنى  جوع و شره الاثرياء الذين يستمدون قوتهم  من جور قانون الانقاذ  السودانى  ، الذى يلزم الضعفاء من المستأجرين  بتحمل التضخم و إنفلات سعر صرف الجنيه السودانى  ويتحمل المستأجر و اقعا لم يكن سببا فيه وصاحب الاملاك القوى العاطل يتاجر فى العملات وهو احد المتسببين فى إنهيار قوة الجنيه السودانى  بمساعدة الدولة ممثلة  فى قوانينها !!

سعادة السيد /الوزير
تعديل قانون الحاجة الماسة واجرة المثل ذات فوائد عظيمة للاقتصاد الكلى للدولة نذكر منها على سبيل المثال :-
1/ الحد من ظاهرة النشاط الطفيلى ووقف المضاربات و الوسطاء و احتكار الاثرياء  للعقارات و الاراضى .
2/ إستقرار المجتمع و الاسر من قانون جائر يعمل ضد الانسان و الانسانية  ويحمى الاسرة من الطرد و الاخلاء القسرى بالقوة الجبرية !!!
3/ الحد من إرتفاع اسعار الاراضى مما يتيح للشباب و الخريجين الاستقرار والحد من ظاهرة الاغتراب التى هدفها الاساسى إغتناء المسكن !!!
4/ الحد من نشاط العقارات الطفيلى يشجع رءوس الاموال للتوجه نحو النشاط الانتاجى الحقيقى (الزراعة و الصناعة ) مما يتيح  فرص عمل لجميع الشباب على اختلاف مستوياتهم .
5/ وقف الاستنزاف المجتمعى وإستقرار الاسعار حيث يزيد الطلب على مواد البناء وخاصة المستورد منها فى مجال نشاط العقارات الطفيلى !!!
6/بالغاء هاتين  المادتين سوف تنحسر وتقل اعداد  المتخاصمين فى اروقة المحاكم بكل درجاتها مما يخفف عبئا ثقيلا على السلطة القضائية.
7/إنحسار كم هائل من العطالة الاثرياء جراء هذا النشاط الطفيلى الاقطاعى  الهدام  المقنن  والمقنع بالقانون  !!!

نلتمس كريم تفضلك سعادة السيد الوزير بإيلاء الامر الاهمية اللازمة ووضع حدا لهذه المواد الفضفاضة التى  تخضع للهوى النفسى!! ، وذلك لاستقرار المجتمع السودانى وإن تساق القوانين بما يخدم الاقتصاد الكلى للدولة السودانية  ووضع الامور كما ينبغى لها ان تكون فى قالب العدل و الانصاف و الحياد.
تقديم/
عبدالمنعم على التوم
[email protected]
الجمعة الموافق 2 ابريل 2021

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..