
ازدواجية المعايير القيمية ظاهرة موجودة منذ القدم ، لكنها تعمقت مع تحول المجتمعات الي تسليع الاشياء كل الاشياء واخرها تسليع الانسان ، بالضرورة تعرضت المرأة وتتعرض الي اكير عملية تسليع شهدها الانسان المعاصر والاسباب لذلك كثيرة جدا يمكن مناقشتها في مساحة اخري .
البديهي ان القيمة الاخلاقية لا تفقد مركزيتها بغض النظر عن الظروف والملابسات التي تحيط بها تظل إما خيرا او شرا ، علم الاجتماع الحديث لا يعرف مصطلح خيرا اريد به شرا او شرًا ارُيد به خير .لذلك تظل المجتمعات تستخدم ادواتها في الفرز والانتخاب حتي تصل الي ما يُعرف بقيم المجتمع !
ومن اهم ادوات الانتخاب هو الصراع الذي يقوم ( تقوم ) به بعض الفئات التي تري انها مظلومة او مضطهدة وفق القيم السائدة وتطالب بإحلال قيم ومفاهيم جديدة لانصافها وبالتالي للوصول الي مجتمع شبه معافي يسعي للارتقاء درجة في سُلم الانسانية .
ما يعُطل مثل هكذا مشاريع اسباب كثيرة جدا منها مدي اتساع المسافة ما بين القيم الجديدة وثوابت المجتمع المعني بالتغيير .
الشاهد الان ان اكثر ما تعاني منه مجتمعاتنا هي موقفها من قضايا النوع علي وجه العموم وقضايا المجتمع بما يخص النساء علي الاخص .
هنالك عدة فرق فاعلة في هذا المشهد ، اصحاب امتياز يقاتلون من اجل الحفاظ علي امتيازاتهم المكتسبة بالميراث وهم علي استعداد للدفاع عنها واستخدام كل الوسائل من دين واعراف وتقاليد وفريق آخر يصارع في الاتجاه المعاكس متسلحا بالحقوق الانسانية الطبيعية والمبدأ القيمي الذي يعتقد بثباته ، وفريق ثالث يحسب نفسه مع المطالبين بالحقوق والمدافعين عنها ، لكنه في حقيقية الامر اكثر خصما وتعطيلا للقضية من الفريق الاول ، لما يقدمه من صور انتهازية تنعكس علي الجميع بالسلبية .
المتاجرين بقضايا النوع تفضحهم بعض المواقف وهم يظنون انهم في مأمن من الانكشاف ، مدي اتساق المرء مع ما ينادي به من افكار وقيم هي المحدد الرئيس بين صاحب المبدأ والمتاجر !!
فالذين يؤثر فيهم مثلا لون او جنس او حزب الضحية او الجاني لاتخاذ موقف منها لايمكن تسميتهم الا بالتجار الذين يتكسبون من الظُلم لتحقيق اهدافهم الذاتية ، الخطورة انهم الاكثر ضجيجا ، يملاون الاسافير مدعين السعي والنضال من اجل الحقوق الكلية وخاصة قضايا النساء ، وتأثير ذلك ان كثيرين من اصحاب الامتياز يزدادون تطرفا وكثيرين من اصحاب المواقف التي كانت يمكن ان تلين بالنظر الي هؤلاء يجدون ان الصحيح هو الاستمرار في الظلم ( لانه ليس ظلما طالما يوجد من يبرر ويطبل ويجد الاعذار) لو فهموا انهم خصم اشتد فتكا واستكانوا الي ما تحصلوا عليه من مكانة لقدموا خدمة كبيرة جدا لقضايا النوع عموما وقضية المجتمع والنساء علي وجه الخصوص .
محمد صالح