أخبار السودان

محمية الردوم.. قريباً سرادق العزاء

* رسالة موجعة، طافت في كل مجموعات تطبيق التواصل الاجتماعي (الواتساب) يحكي فيها ود العمدة دنقس التوم، بأسى بالغ يخرج من بين كلماته ووصفه ولغته وإحساسه صادقاً وشفيفاً، يختار العمدة لتفاصيل الأسى مفردات قريبة جداً لقلب الشعب السوداني، وها هو يبتدر أساه “الأيام دي محروق شديد، بخصوص الحاصل في الردوم لدرجة الواحد ليهو يومين صلاة الصبح تفوتو، والله بس مساهر في هم الردوم”.

*رمى ود التوم سهمه الأول في خطابه، لناظر الهبانية يوسف الغالي، على شركة الجنيد، التي تتبع لآل دقلو، موضحاً حديثه أكثر للغالي “ما مستفيدين من الشركة بتاعت الجماعة ديل”. وأردف أنه “وبرحيل شقيقك صلاح الغالي ما شفنا خدمت خدمة لأهل محلية الردوم”. وواصل ود التوم “أنا عايزك تمش تجلس مع أهلنا في كفن دبي، كفيا وقوز شلال، سنقو، وحفرة النحاس، ديم بشارة، وتسمع ما تعانيه هذه القرى من الشركات الموجودة داخل محمية الردوم”..

***يطول حديث ود التوم، ولكن وكما يقول الشباب في المصطلح السائد (جاب الزيت)، إذ كشف في خطابه السرية التي أُحيطت بها زيارة عبد الرحيم دقلو القائد الثاني لقوات الدعم السريع، على متن طائرة رئاسية، نزلت في قلب محمية الردوم حيث مقر شركة الجنيد، وفي معيته ناظر الهبانية وبعض مسؤولي الشركة السودانية للموارد المعدنية يوم 5 أبريل 2021..

* لا يزال الحديث عن محمية الردوم يتصدر الأخبار ومجتمع محلية الردوم، لكنه تجاوزها الآن و(عم القرى والحضر) خاصة وأن خطاب ود العمدة، قد حمل أسراراً خطيرة، أوضحت مابدر من آل دقلو المالك الحقيقي لشركة الجنيد، الذين تبرعوا ببناء مستشفى داخل منجم أغبش، الذي يقع في قلب محمية الردوم، وبجانبه مركز للشرطة، لتختفي الحيوانات للأبد وتهاجر إلى مرتع آخر، ليحكي الوطن مع ود التوم وبذات نبرة الأسى والوجع ويردد {كانت هنا محمية الردوم}، طواها آل دقلو ومبارك أردول.

*اشتكى الأهل في محلية الردوم من وجود السيانيد والزئبق الأحمر، الذي يجري من نهر امبلشا، الذي توجد على حوافه مجموعة ضخمة من جوالات الخيش، التي يتخذها المعدنون مقاعد مريحة أمام النهر الذي كاد أن ينطق من تراكم السيانيد، وتتجرعه الماشية والسكان، خاصة في مناطق سنقو وابندولو وأم شتير بركات، قوز شلال، الحلة الجديدة، علماً بأن النهر يقترن مع نهر عادة في الردوم ليكون بحر العرب الذي يستمر جارياً حتى النيل، فهل بعد ذلك يمكن أن ننكر أو نتجاهل ارتفاع حصيلة مرض السرطان في السودان؟ الذي بلغ أرقاماً صادمة، خاصه وأن تحذيرات منظمة الصحه العالمية في العام الماضي قد أثارت أن (العالم مقبل على كارثة بسبب السرطان)، ونحن في السودان نقدم لأهلنا مرض السرطان في طبق من (ذهب)!

* أحصنة ودفارات وتراكتورات وأكثر من تكتك، والكثير من القلابات تحت خدمة شركة الجنيد، وما أكثر الأسواق داخل محمية الردوم، التي يرتادها مواطنو دول الجوار، الذين يقول عنهم أهل الردوم إنهم يتسللون خلسة بلا تأشيرة او جواز سفر، ما يعني غياب الرقابة تماماً في هذا المكان، الذي لم تحرك بركة الحكومة، حجارته، التي تقام لأجلها الطواحين في قلب المحمية، تدور الرحى صباحاً ومساء، وتدور معها أوجاع الأهل في الردوم، فيجأرون بالشكوى، ولكن لا حياة لمن تنادي، فشكواهم لن تغادر منجم أغبش!!

*طرق كثيرة تتفرع من أغبش، مروراً بسرفاية وضرابة وكفيت كنجي حتى أم حجارة غرباً من أغبش مروراً بقمبيل وغيرها، هذه الطرق ليست لدعم السياحة والاستثمار البيئي، وليست لتسهيل الوصول إلى المحمية وحيواناتها النادرة، وليست من أجل تسهيل مهام الباحثين وطلاب العلم والدراسة، وليست لحماية التنوع الحيوي، وليست من أجل استدامة الرقابة عليها، إنها الطرق التي اجتهدت شركة الجنيد في شقها داخل المحمية، لتسهيل الوصول إلى الشركة نفسها التي تمتلك الحفارات الحديثة وطلمبة للوقود أيضاً داخل المحمية.

*لم تعبث الجنيد وحدها بالثروة القومية الطبيعية في محمية الردوم، بل شاركتها الشركة السودانيه للموارد المعدنية، التي أزكم فسادها الأنوف، ما دفع المراجعة الداخلية لاستفسار منسوبيها في الشركة السودانية للموارد المعدنية، عن استلام بعض الأموال والحوافز، عندما تصدرت الأخبار (توزيع حافز 15 شهراً للعاملين بالشركة)..

* مبارك أردول، ليس له في عير (أبوعرف) ولا نفير (الغزلان) النادرة التي انقرض نصفها إن لم يكن جلها، هم أردول الأول والثاني والرابع والأخير جمع الجبايات من ساكني التايات، ولا يهم إن أصابهم المرض في مقتل، وماذا يجني الوطن من جبايات التعدين وقد ألم به المرض من ممارسات التعدين نفسه؟

* لن تعود لمحمية الردوم سيرتها القديمة، إلا بقانون صارم جداً، لاتتضمن صفحاته، المحسوبية والواسطة والمجاملة والتطويع، قانون نقي ينزل سيفاً على كل من تطأ قدمه أرض المحمية لاتخاذها مدخلاً للثراء والتجارة والتنقيب عن الذهب، قانون ملزم يسري على كل فرد في هذا المجتمع، لاتنازل فيه عن حق الوطن في صون موارده ولا تلاعب في نصوصه لترجيح كفة زيد على عبيد، ولا تهاون في تطبيق مواده علنا على كل من تسول له نفسه الالتفاف حول نصوصه، ليمارس الانتهاك والتعدي وبيع لحوم الحيوانات لهواة الصيد، مايحدث في محمية الردوم الان ، تصدر احاديث المجتمعات والمجالس و(شاي العصر)..

* ارفعوا آلياتكم عن محمية الردوم، دعونا نعيش متعة حق امتلاك الوطن لمحمية تزخر بالحيوانات النادرة، بحرية وصفاء بلا ضوضاء في مساحات كبيرة وواسعة لا تتخللها حفارات المناجم والبحث عن بريق الأصفر، لتعيش الحيوانات بلا خوف من القتل والصيد الجائر وبيع لحومها في سوق الله أكبر… فهل ستصبح محمية الردوم مقبرة الحيوان والإنسان؟

*همسة

للوقاية من فيروس كورونا.. الزم دارك..

مداميك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..