«فيفا» غير محصن ضد التضليل

يحمد للاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» أنه ظل حارساً لديمقراطية الحركة الرياضية في العالم، يحميها من التغول الحكومي. واستطاع بما يملكه من سلطة لحرمان البلد المعني من المشاركات الخارجية، أن يحدّ من ميل الحكومات إلى تقييد أهلية وشعبية الحركة الرياضية. يمكن وصف هذا القرار بالتاريخي لإسهامه في نشر ثقافة الديمقراطية بما لم تستطعه تنظيمات سياسية مقيدة في دول العالم الثالث المحكومة بأنظمة دكتاتورية، إلا أن القرار على عظمته يحتاج لضوابط تمنع عنه الابتذال، فبما أن الفيفا يعترف فقط بالاتحاد المنتخب في كل بلد، فإن هذه الوضعية تمنح الاتحاد الوطني تمييزاً إيجابياً لانفراده بسهولة التواصل مع الاتحاد الدولي. وقد يستغل هذه الوضعية بتقديم معلومات مضللة تصور أي محاولة للإطاحة به بأنها تدخل حكومي، ليسارع الفيفا إلى مؤازرة الاتحاد الوطني. وتعتبر الأزمة الكروية الماثلة الآن في السودان دليلاً على إمكانية تضليل الفيفا، وإلحاق أضرار بالنشاط الكروي.
رغم أن قانون الرياضة في السودان لم يكن متوافقاً مع توجيهات الفيفا، إلا أن الاتحاد الدولي استجاب أكثر من مرة لرجاءات الاتحاد السوداني باستثناء السودان لحين توفيق أوضاعه، ويبدو أن قادة الاتحاد استمرؤوا الاستثناء، فسارعوا إلى تنظيم انتخابات في أغسطس الماضي. لكن وزارة الرياضة بادرت بالاهتمام بمسألة تعديل قانون الرياضة بما يتوافق مع نظام الفيفا وتعديل النظام الأساسي ليتوافق مع القانون الجديد، الأمر الذي يفترض أن يحرص عليه اتحاد الكرة المجسد لأهلية وشعبية الرياضة، لا الوزارة التي تحوم حولها اتهامات التغول والتسلط.
بناء على ذلك أرجئ تنظيم الانتخابات من أغسطس إلى أبريل. وتم تعديل قانون الرياضة، ثم عدل النظام الأساسي في جمعية عمومية وصفها رئيس الاتحاد بأنها تاريخية.. بدأت إجراءات الانتخابات وترشح رئيس الاتحاد لدورة جديدة، وترشح الأمين العام لمنصب نائب الرئيس بعد إلغاء منصب الأمين العام وفق النظام الأساسي الجديد.. ويعد ترشيح الاثنين أبلغ دليل على إقرارهما بأن القانون الجديد والنظام الأساسي لا تشوبهما شائبة تبطل الانتخابات.. لكن ما أن لاحت ملامح الخسارة للاثنين حتى طعنا للفيفا في قانونية الانتخابات، وكأنهما لم يشاركا في عمل دؤوب استمر لثمانية أشهر حتى تم تعديل القانون والنظام الأساسي. سارع الفيفا إلى مناصرة الاتحاد الذي فشل في الفوز في انتخابات هي في أسوأ الافتراضات أفضل من سابقاتها التي كانت تجرى لانتخاب أربعة ضباط لا اثنين كما ينص نظام الفيفا.
الآن في السودان وفد من الفيفا لبحث الأزمة، لكن أليس من الأكمل أن يكون للفيفا حضور في أية عملية انتخابية حتى لا يكون الاتحاد الوطني خصماً وحكماً في انتخابات هو طرف فيها؟;
العرب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..