عبد الخالق محجوب كما عرفته!

من اروع ما قرأت … موضوع رائع لكاتب رائع
اقتباس
عبد الخالق محجوب كما عرفته!
صفحات متناثرة من دفتر عبد الخالق
من هو عبد الخالق محجوب ؟! ……..سؤال قمت بتوجيه لصديقي منصور محمد خير الذى ولج صفوف الحزب فى العام 1957 وعمل فيه فى عدة جبهات ومواقع متفرغا، حتى صار واحد من المجموعة المكلفة بحماية عبد الخالق محجوب بعد حل الحزب الشيوعى فى العام 1965 ، وكان بتلك الصفة يمكث معه فى حراسته و بمنزله حتى الصباح. صار مسئولا عن الانتخابات فى الدائرة الجنوبية التى ترشح فيها الأستاذ عبد الخالق أمام السيد إسماعيل الأزهري ومن بعده أحمد زين العابدين المحامى .من خلال موقعه واحتكاكه بعبد الخالق و من متابعته و مراقبته عرف الكثير عنه وعن طبائعه ، سلوكه العام و اليومى ، أسرته و حتى زواره.
قال لى ان الاجابة على هذا على هذا السؤال ( صعبة بالحيل )! لأن قاموس الكلمات يعجز عن وصفه،لكن سوف اروي لك بعض المواقف والقصص التى عاصرتها بشخصي مع عبد الخالق، لعلك تصل لمعرفة جزء يسير من شخصيته.
حوش البقر
كان يجاور منزل عبد الخالق بحى السيد المكى بقرب الشهداء منزل كبير تباع فيه الخمور البلدية ويرتاده عدد كبير من الناس البسطاء أو من فرضت عليه قسوة الحياة التواجد الدائم فى تلك الأمكنة.كان عبد الخالق عندما يخرج صباحا يقوم بإعطاء بعض رواده الذين ” يصبحون عليه ” بعض النقود للمساعدة ومصاريفهم اليومية فى ذلك اليوم و عند خروجنا فى الصباح من منزله، تقدم اليه أحد الأشخاص يرتدى جلباب مهلهل بالكاد يستر جسده، ومن ثم مسلما وقائلا ( داير عشرة قروش يا أستاذ….. لكن أقول ليك من هسع أنا ما بديك صوتى )
سأله عبد الخالق باسما ( ليه ) ؟!
رد الرجل ( لأنو قالوا انت جاى تصادر حاجات الناس )!
أعطاه عبد الخالق العشرة قروش و قال له و الابتسامة لا زالت على شفتيه (أنا لمن أجى حأشيل من زول عندوا جلابتين جداد و أديك أنت واحدة )
ضحك الرجل حتى جلس على الارض ثم دخل حوش البقر دون أن يقول شيئا.
صورة الزعيم إسماعيل الأزهري
فى العام 1965 كان الأستاذ عبد الخالق محجوب مرشحا فى الدائرة الجنوبية من الحزب الشيوعى ضد السيد إسماعيل الأزهري من الوطني الاتحادي .كنت مسئولا فى الدائرة و منزلى مركز للحزب.كان والدى وطني اتحادي متعصب جدا، مما دفعه لان يعلن أن المنزل مركز أيضا للوطني الاتحادي.
فى أحدى تلك الأيام وعندما كنت متسلقا السلم لتعليق صورة عبدالخالق على حائط المنزل، فجأة شاهدت عربة عبدالخالق الفلوكسواجن و التى تحمل الرقم 4779 تقف أمام المنزل، و يخرج منها عبدالخالق و وقف يراقب ما أفعل .فى ذات اللحظة خرج والدي من المنزل وهو يحمل صورة السيد إسماعيل الأزهري و من ثم يطلب منى بصوت عالى و آمر أن أعلقها بقرب صورة عبد الخالق.وقفت مشدوها و مترددا حتى سمعت صوت عبدالخالق ينتشلني من حيرتى ومعيد لتوازنى (ما تشيل الصورة من أبوك و تعلقها ….مش ده بيتو )!!!….. و قد كان.
ذلك التصرف رفع عنى الحرج و زاد من احترام و ” انبساط ” والدى من عبد الخالق محجوب الرجل العظيم.
” مرتب ” عبد الخالق محجوب
بعد فوز عبد الخالق محجوب فى الدائرة الجنوبية أمدرمان على أحمد زين العابدين المحامى 1968 و دخوله الجمعية التأسيسية ،صار مكتبه الذى يدير منه أعمال الدائرة قبل ذهابه لاجتماعات الجمعية هو دكان دفع الله محجوب بسوق الموردة و المشهور ب ” قناطه “.كان يحضر يوميا فى الصباح ،و نرتب معه أنا و حسن شمت جدول و أعمال الدائرة ثم يذهب الى الجمعية التأسيسية.كنت أستلم مرتبه الذى يتقاضاه من الجمعية و أقوم بصرفه فى الدائرة حسب الاحتياجات،كنت أدفع منها إيجار نادى أبو عنجة الرياضى،كنت أعطى منه بعد ” الفريشين ” للتوابل بسوق الموردة و فى أحد المرات اشتريت مكنة للاتحاد النسائى فرع العباسية قامت باستلامها ” أثيلات ” و” خدوم “.كنت أوزع مرتبه حسب احتياجات الناس هنا.
” بيت البكا ”
كان بيت ابن خالتى أحد المواقع التى يقيم بها الأستاذ عبد الخالق محجوب ندوته الأسبوعية فى الدائرة الجنوبية فى العام 1968 .فى أحد الأيام عندما أتى لمنزل ابن خالتى لمتابعة تحضيرات الندوة وجد أن الخالة صاحبت المنزل انتقلت الى رحمة مولاها. يحكى منصور……. ( استدعى عبد الخالق اثنين من الزملاء و طلب منهما الذهاب لسوق الموردة وإحضار كل مستلزمات بيت البكا و لمدة تلات أيام …..أنت عارف الناس ديل جابوا مستلزمات البكا بالكارو ” أبو جوزين ” مليان للآخر ……ما حوج ناس البكا تعريفة للصرف ) !!!
القراءة المستدامة !
كنت مسئولا عن حماية الأستاذ عبد الخالق مع الزميل شكاك و حسن شمت، بما انى كنت أصغرهم سنا و غير متزوج فقد كنت مكلفا بال ” مبيت ” فى بيت الأستاذ بعد ذهاب الزميلين عند الحادية عشر ليلا. كان الأستاذ عبد الخالق بعد الانتهاء من واجباته وأعماله يدخل الى غرفته و يغلق بابها و أنوم أنا فى صالون المنزل.
كنت فى ذلك الزمان أشرب الخمر أما الزملاء الآخرين فلا يشربون، كنت أحضر معى ” نصى ” وانزوى فى ركن من الحوش أشرب، واراقب الأستاذ والذى كان على الدوام يا قارئا أو كاتبا. كان الزميل عبد الخالق يدوام على القراءة طيلة الوقت، حتى عندما يذهب الى الحمام كان يحمل معه صحيفة أو مجلة. كنت أحاول قدر استطاعتى أن لا يعرف الأستاذ انى أشرب!.
فى أحد الأيام وحين عودته من الحمام، اتجه الى الموقع الذى أجلس فيه مباشرة وخاطبنى بدون مقدمات (أنت يا منصور ما بتفتر من الشراب ده )؟!!
رددت عليه دون تفكير (وانت يا أستاذ ما بتفتر من القراية دى )!!
ذهب الاستاذ دون أن يتفوه بكلمة، أغلق باب غرفته، و لم يعد للحديث معى فى هذا الأمر بعد ذلك!!!
دار الحزب بـ” بانت ” !
ابان حل الحزب الشيوعي عام 1965 والهجوم على دوره فى العاصمة القومية من قبل جماعات الاخوان المسلمين والأنصار، وعندما كان الشيوعين يقوم بحماية دورهم،كنت متواجدا فى منتصف النهار بدار الحزب ببانت ومعى الزميل شكاك. كانت اللواري التى تحمل الأنصار و هم مدججين بالسلاح تجوب العاصمة تهتف ضد الحزب الشيوعى مهددة بتصفيته.
كنت أقف أمام الباب ،عندما شاهدت عربة عبد الخالق تتوقف أمام الدار و كان يقودها بمفرده،عربة عبد الخالق الفلوكسواجن كانت معروفة للجميع.نزل من العربة، سألنى عن الأحوال،تفقد الزملاء الموجودين و تأكد من سلامة أوضاعهم ثم ذهب.
ختم حديثه قائلا …. ذلك هو عبد الخالق الذى عرفته.
عدنان زاهر
أكتوبر 2020
very weird!!!! you did not talk about egypt or egyption ???????what happen ?!?!?!?!?