في السودان أهرامات أكثر

لمياء راضي – أبوظبي – سكاي نيوز عربية
بدأت الشمس في الغروب وألقت مسحة حمراء على الموقع فبرزت ملامح الأهرامات بعد أن كادت أحجارها الصفراء تتلاشى في رمال الصحراء التي تحتضنها.

هرم…اثنان…ثلاثة…أربعة…أكثر من مائة هرم متجاورين في شبه حلقة واسعة.

الجيزة في مصر؟ لا بل مروى في السودان، البلد الذي يضم نحو 220 هرما، أي ضعف عدد أهرامات مصر.

وإذا كان إخوتها أهرامات الجيزة المصرية الثلاثة الشهيرة تجذب ملايين الزوار المحليين والأجانب سنويا، فالأهرام المئتان السودانية يزورها بالكاد عشرات السودانيين وحفنة من الأجانب العارفين بوجود هذا الكنز المكنون.

عند سفح أهرامات السودان، لا يزعجك بائع تذكارات لحوح، أو جمال يطلب خمسة جنيهات ليركبك جمله ثم خمسون ليسمح لك بالنزول.

وهذا هو سحرها.

هدوء وسكينة لا يقطعهما سوى صوت الريح التي تغرف من رمال الأرض لتنثرها على الآثار مهددة إياها بالتأكل.

لا يزاحم الزائر سوى سحلية استوطنت أحد الأحجار العتيقة تستمد منها دفء شمس تتخللها من ألاف السنين.

أربع ساعات استغرقتهم السيارة الرباعية الدفع لتقطع 200 كيلومترا هي المسافة بين الخرطوم ومروى في الشمال.

بعد 150 كيلومترا تركت السيارة الطريق المعبد لترتجف عجلاتها على الحصى الصغير لدرب ترابي فرعي يقود إلى سفح جبل بركل.

ولكن قبل الأهرامات، تتوجب زيارة موقع نقعة الأثري حيث معبد أبادماك، الإله الأسد.

على جدرانه الخارجية التي ترتفع بطول 5 أمتار نقوش رائعة تمثل الملك “نتك أماني” والملكة” آماني تيري” .

وإن كانت النقوش في خطوطها تشبه النقوش الفرعونية إلا أنها لا تخالفها في الجوهر.

فإذا كان الفنان المصري القديم قد جنح إلى المثالية في تصوير الأشخاص مهما بعدت حقيقتهم عن الكمال، فنظيره السوداني اختار أن يخرج فنا جميلا من الواقع بكل عيوبه.

فالملكة لا تظهر منمقة رشيقة كمثيلاتها الفراعنة بل بأظافر طويلة غير مقلمة وبجسد ضخم يزداد امتلاء في جزئه السفلي إلى حد كاريكاتوري.

مروى كانت آخر عاصمة لمملكة كوش، أو النوبة. مملكة تمركزت على روافد النيل الأبيض والنيل الأزرق وبحيرة عطبرة.

وكانت كوش من أوائل الحضارات التي ظهرت في وادي النيل وسيطرت عليها مصر في البداية، حتى استقل النوبيون ووصلوا إلى أوج قوتهم، فانقلبت الآية واحتلوا مصر في القرن الثامن قبل الميلاد.

سيطر النوبيون على مجمل وادي النيل لمدة قرن من الزمان قبل أن يهزموا ويضطروا إلى التراجع إلى ما يعرف حاليا بالسودان.

وكانت الأسرة المروية هي آخر أسرة في سلالة ما عرف باسم “الفراعنة السود” الذين حكموا كوش لأكثر من ألف عام حتى زوال مملكتهم في عام 350 بعد الميلاد.

وفي مروى ثلاث مقابر كبيرة تضم أكثر من 100 هرم.

أهرامات السودان أصغر حجما من مثيلاتها المصرية فأكبرها طوله 30 مترا مقارنة ب 146 مترا للهرم الأكبر بالجيزة.

أما أضلع أهرامات مروى فهي شديدة الانحدار، ومنها ما يقارب 70 درجة. “إنها نسخة رشيقة من أهرامات مصر”، كما يصفها فضل مرشدنا إلى المكان.

يتابع فضل مؤكدا “أن أول هرم في مروى بني بعد نحو 800 عام من بناء آخر هرم مصري، وأهراماتنا مشيدة بكتل ضخمة من الحجر الرملي”.

يتمنى المرشد أن “يأتي اليوم الذي تفوق فيه أهرامات السودان شهرة أخواتها المصرية”. “عندها سنتوقف عن مقارنتها بأهرامات مصر لتقريبها إلى ذهن الناس”، حسب فضل.

هرم مرمم في مروى بالسودان

نسير حتى هرم تم ترميمه ليعطي الزائرين فكرة عما كان عليه الشكل الأساسي قبل نحر الزمان والإنسان.

هذا الهرم كان مخصص لملكة. في أسفله غرفة دفن وعلى جانبه كنيس جنائزي كان مكرس للصلاة ولتقديم القرابين. وعلى جانب من جدران الكنيس صورت الملكة بملامحها الإفريقية وهي حية، وعلى الحائط المقابل نراها وهي في الحياة الأخرى.

عالم المعادن الفرنسي فريديريك كايوه كان أول من لفت الانتباه لأهرامات السودان في عام 1821 فحفر اسمه على أحجارها، ثم تلاه السياسي البريطاني آرثر هولرويد في القرن التاسع عشر الذي اولاها اهتماما كبيرا.

الغالبية العظمى من أهرامات مروى مقطوعة الرأس وكأن آلة مرت عليها ودمرت قمتها.

“هذا من فعل مغامر إيطالي يدعى جيوزيبي فيرليني. فقد زار المنطقة عام 1834 حاملا تصريحا بالتنقيب، ولكنه كان في الحقيقة يبحث عن كنز، فلجأ إلى تدمير قمم الأهرامات ظنا منه أنها تحتوي على ذهب ومجوهرات”، كما يشرح فضل.

ويستطرد “لكنه لم يجد شيئا ولم ينل سوى شهرة بائسة هي أن يلعنه كل من يزور المكان”.

“من حسن حظه أن الزوار ليسوا كثيرين بعد، فلو كان فعل الشيء نفسه بأهرامات مصر لكانت مليارات اللعنات قد انصبت عليه على مر العصور”.

تعليق واحد

  1. …يادليل الهنأ..الشئ بكون كبير وبيصغر ؟ولّا بيكون صغير وبيكبر ؟قال 800 سنة بعد بناء اخر هرم مصرى..!.جميع لعنات الآله وخاصة لعنة إلهنا القديم آمون رع تحل على قبر الطبيب الايطالى فيرلينى..!

  2. بعد 150 كيلومترا تركت السيارة الطريق المعبد لترتجف عجلاتها على الحصى الصغير لدرب ترابي فرعي يقود إلى سفح جبل بركل.

    هذه المعلومة وردت فى المقال المكتوب و للتصحيح فان مروى القديمة هى ما يعرف الان بمنطقة البجراوية فى ولاية نهر النيل و هى لا تبعد كثيرا عن مركز مدينة شندى, أما جبل البركل فيقع على الضفة الغربية (الشرقية بعرف اهل المنطقة و بحسب اتجاه سريان النيل) من النيل فى منطقة البركل فى الولاية الشمالية, و هى ايضا لا تبعد عن مركز مدينة كريمة.

  3. الشعب النوبي في الشمال وفي الجبال سليل تلك الحضارة العريقة العظيمة التى ملأت الآفاق هم
    والنوبي يفتخر بنوبيته اولا وسودانيته وافريقيته ثانيا وليس من ادعياء العروبة …من المتعوربين
    لذلك تجدهم الاكثر قربا ومحبة كل القبائل في السودان

  4. لاشك ان الاهتمام بهذا الارث وهذا التاريخ الضارب في القدم كنز كبير يجب ان يحظى بالاهتمام وللاعلام دور كبير في ذلك خسوصا وان هنالك مساحات كبيرة في فضائياتنا يجب ان تستغل وافراز مساحات كبيرة لها فهل يمكن ان نوظف هذه القنوات لخدمة البلد في هذا الجانب بما يعود بالمنفعة على الوطن

    الجانب الاخر زيارة من قبل هذه القفضائيات لحديقة الدندر وتكرار بثها سيغلب الموازين لصالح هذه الحديقة الطبيعية المنسية مقارنة بالحدائق الطبيعية الاخرى في ماساي مارا ، سيرنغيتي ، في شرق افريقا( كينيا – تنزانيا ) وكروجر في جنوب افريقيا لاننا نملك مقومات كبيرة يجب ان توظف وجلب بعض الحيوان البرية الاخرى للتكاثر ولخلق نوع من التوازن فالتحية للاخوة في الغابات على مايقومون به برغم الامكانيات

    حفظ الله الوطن

  5. نعم الحضارة النوبية فى السودان اغزر واقدم من الحضارة المصرية ولكن نحن بخلافاتنا السياسية وبنوع من الحقد والعنصرية ضيعنا حضارتنا وشاركنا فى هذا الضياع والاهمال المصريون عمدا وانا مرة وجت صورة بائسة لاهرام السودان مكتوب حولها وقال يدعوا الى التنفير من الذهاب اليها وبجانبها صور جازبة لاهرامات مصر ودعاية لها للزيارة وذالك فى جريدة خليجية فاتصلت بالمسئول فرد على وقال ان الذى نزل هذه الصور والمقال هو سودانى بالجريدة فنحن من نحطم ذواتنا وحضارتنا فاذا كنت معارضا لاى نظام فمعنى ذالك اننى معارض لكل تاريخ وارث السودان ونحطمها

  6. فعلا مخ السودانى ما يجيش الا الساعة اتناشر!!
    يدووب عرفتوا انو ليكم حضارة اكثر رقيا ورسوخا من الحضارة المصرية؟؟
    يدووب عرفتوا انوالمسألة ليست مسألة هوية بس ، انما ايضا فيها سياحة ودولارات وفلوس؟؟
    يدووب عرفتوا انوا المصريين بيكسبوا قديش من السياحة ، اول ليكم ؟؟ 870 مليون دولار سنويا.
    خلاص عرفتوا سبب عدم تسليط المصريين الضوء على امتداد حضارتهم الفرعونية الى داخل السودان وفى ارض الشمالية؟؟
    ابحث عن مصر فى أى كارثة تقع بالسودان ، وسترونهم موجودين.
    المصريين يقومون على الدوام وبصورة راتبة ، تخذيل السواح عن زيارة السودان.
    ويدمرون أى محاولات لتطوير السياحة السودانية حتى لا يسحب من تحت ارجلهم البساط ، او تشاركوهم الزباين.
    المصريين رموا لكم طعم العروبة ، فبلعتوها ، اما هم فقد تمسكوا بالهوية المصرية أشد التمسك .
    المصريين هم من استولوا فى فترة مبكرة على مدينة ابوسمبل السودانية التى كانت تحتوى معبد وتمثال رمسيس الثانى ، الذى يتعامد الشمس على وجهه مرتان فى السنة ، والقصة معروفة.
    المصريين هم من اغرقوا الاثار السودانية ، فانقذوا معبد ابوسمبل ونقلوه الى مكان عال ، اما الاثار السودانية ، فلتتنيل آخر نيلة ، وتروح فى ستين ألف داهية ، فغرقت الكثير منها فى بحيرة السد العالى .
    السودانيين شعب مسلم وقدع وما بحبش الحاقات دى يا قماعة .
    هذا فيما يتعلق بالسياحة والاثار فقط
    اما الرى ، ومشروع الجزيرة ، والهوية وغيرها ، فدى كمان حاجات تانية..

  7. فإذا كان الفنان المصري القديم قد جنح إلى المثالية في تصوير الأشخاص مهما بعدت حقيقتهم عن الكمال، فنظيره السوداني اختار أن يخرج فنا جميلا من الواقع بكل عيوبه.

    فالملكة لا تظهر منمقة رشيقة كمثيلاتها الفراعنة بل بأظافر طويلة غير مقلمة وبجسد ضخم يزداد امتلاء في جزئه السفلي إلى حد كاريكاتوري.
    ياسبحان الله الشعب السوداني حافظ علي سماته الاخلاقية ومن ضمنها الصدق لمدة الاف السنين وجاءوا ديل خربوها في 23سنة انها حقاً معجزة …..هههههههههه لكن جيرانناطلعوا حلمبوحة من ايام الفراعنة ولغاية يوم الليلة

  8. قطر دخلت بقوة فى استثمارات سياحية فى مناطق الاثار وسياتى السياح الى السودان بعد ان يطرد اخوان مصر السياح من مصر! وطبعا حكومة الكيزان ستنجبر على الاهتمام بهذا القطاع حبا فى الدولارات وليس شىء اخر!

  9. الوهم قد قسم ودمر السودان … كيف لايوجد في السودان وطن بالمعنى الحرفي للكلمة كما يدعي انصاف المكفرين المستعربين في السودان بتحريض من الاجهزة الثقافية المصرية… كيف هذا والسودان الباقي لايمثل 10% من السودان النوبي القديم … عندما تنكر السودانيين لافريقتهم ونوبيتهم وسودانيتهم بفعل الثقافة العربية الرافضة للاخر والمتمسحة في قدسية الاسلام والمنغرثة في الادعاء وتاليف التاريخ حتى الحديث منه كانت خلف كل كوارث السودان وما قبيلة الجعليين ببعيدة عن ذلك الوهم بل الدليل المضحك المبكي .. قبيلة تتكون من اعظم حضارتين على مر التاريخ (حضارة اكسوم والحضارة النوبية) يعني في اعظم من كده نوبة مخلوطين بالدماء الاثيوبية ويدعون العروبة … حتى النوبي القح اصبح يدعي العروبة … في جن ووهم وماساة اكثر من كده

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..