أخبار السودان

في غابة سلاح.. دارفور تبحث عن السلام

سَلَّطَ أحدث اقتتال قبلي في مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور غربي السودان، الضوء على ضرورة حماية حياة المدنيين في الإقليم، بالإضافة إلى الحركات المسلحة العديدة والمنقسمة، ودورها في تحقيق الاستقرار، لا سيما تلك الموقعة مع الخرطوم على اتفاق سلام جوبا، في 3 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

والخميس، أعلنت السلطات السودانية حزمة تدابير أمنية لعودة الحياة إلى طبيعتها في الجنينة، بعد أن شهدت اقتتالا قبليا سبق وأن شهدته مدن في بقية ولايات دارفور الخمس، وهي الشمال والوسط والجنوب والشرق.

ومن هذه التدابير، تحديد حركة منتسبي الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام، ومنع ارتداء الزي العسكري في المدينة لحين اكتمال الترتيبات الأمنية، وحظر حركة عربات القوات النظامية داخل الأسواق والأحياء السكنية.

وإثر مقتل شخصين، في 3 أبريل/نيسان الجاري، تجدد عنف في الولاية بين قبيلتي “المساليت” (إفريقية) و”العرب”، ما أسقط 144 قتيلا و233 جريحا، وفق لجنة أطباء السودان المركزية (غير حكومية).

وكشفت لجنة وساطة جوبا لسلام السودان عن تفاهمات حول ترتيبات أمنية بين الحكومة السودانية وأطراف العملية السلمية لبدء تجميع القوات في معسكرات، تمهيدا لتشكيل جيش موحد، وفقا لاتفاق السلام.

وإحلال السلام والاستقرار في السودان، ولا سيما دارفور، هو أبرز أولويات السلطة في مرحلة انتقالية بدأت في 21 أغسطس/آب 2019، وتستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم السلطة خلالها كل من الجيش وقوى مدنية والحركات الموقعة على اتفاق السلام.

وبعد توقيع اتفاق جوبا، تصاعدت الآمال بتحقيق السلام والاستقرار في إقليم دارفور، الذي يسكنه أكثر من 8 ملايين نسمة من أصل حوالي 42 مليونا، وفق تقدير غير رسمي.

ومنذ 2003، أودى نزاع مسلح في دارفور بين القوات الحكومية وحركات متمردة بحياة حوالي 300 ألف شخص، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، بحسب الأمم المتحدة.

ويذهب مراقبون إلى أن عودة الحركات المسلحة إلى دارفور، بعد اتفاق السلام، لم تسهم في وقف الاقتتال، حيث كان المسلحون سابقا في مناطق نائية وطرفية وعلى الحدود مع دول الجوار، بينما خضعت مدن الإقليم لسيطرة القوات الحكومية. ‎

ولا توجد تقديرات رسمية لعدد قوات الحركات المسلحة، فيما تفيد تقديرات غير رسمية بوجود عشرات الآلاف من المقاتلين.

وخلال السنوات الماضية، كان من الصعب وضع الحركات المسلحة في إطار ثابت، فقد ظلت الصفة الملازمة لها، منذ بداية الحرب في إقليم دارفور هي الانقسامات المتزايدة، ما يجعل خريطتها في تغير شبه مستمر.

وكثرة أعداد الحركات المسلحة في دارفور جعلت التوصل إلى سلام أمر صعب، في ظل انقسام الحركات الرئيسية إلى مجموعات صغيرة.

وهذا الانقسام يعزوه محللون إلى غياب الرؤية السياسية لتلك الحركات، وانعدام “الكاريزما السياسية” لدى قياداتها.

وفيما يلي ترسم الأناضول خريطة للحركات المسلحة في إقليم دارفور، سواء التي وقعت اتفاق سلام جوبا أو تلك التي لم توقعه:

** حركتان لم توقعا اتفاق السلام

1- “تحرير السودان/جناح نور”

هي إحدى أكبر ثلاث حركات تقاتل الحكومة في دارفور منذ 2003، بجانب حركة “تحرير السودان/جناح مناوي” المنشقة عنها، وحركة “العدل والمساواة”، بقيادة جبريل إبراهيم.

وترفض حركة نور الدخول في مفاوضات مع الحكومة الانتقالية، كسابق موقفها الرافض للتفاوض مع نظام الرئيس السابق، عمر البشير (1999-2019).

ولا تعترف الحركة بالحكومة الانتقالية في السودان، برئاسة عبد الله حمدوك، معتبرة أنها لا تلبي تطلعات الشعب ولا تملك القدرة على تحقيق السلام.

ونور هو مؤسس ورئيس الحركة، في 2002، غير أنها تعرضت لانشقاقات كثيرة.

وأبرز تلك الانشقاقات، هو قيام الأمين العام للحركة، مناوي، بإبعاد نور من رئاستها وإعلان نفسه في 2005 رئيسا لها، تحت اسم حركة “تحرير السودان/فصيل مناوي”.

وتمسك نور بهدفه، وهو “إزاحة النظام في الخرطوم، وإيجاد حل قومي للمشكلة السودانية”، وظل بعيدا عن جولات التفاوض للسلام في دارفور، برعاية إقليمية ودولية.

وتتمركز قوات نور في جبل “مرة”، وهي سلسلة وعرة من الجبال، تمتد من شمال الإقليم إلى جنوبه بنحو 280 كلم، بين ولايات شمال ووسط دارفور.

2- “التحرير والعدالة”

هي تحالف تأسس في 2010، ويضم 10 جماعات متمردة، برئاسة التجاني سيسي.

وعقب توقيعها على اتفاق السلام في الدوحة 2011، عاد قادة الحركة إلى السودان، وهي من أهم الحركات التي وقعت اتفاق سلام مع نظام البشير.

** حركات وقعت اتفاق السلام

1- “تحرير السودان/جناح مناوي”

هي إحدى الحركات الرئيسة في دارفور، وخاضت معارك شرسة ضد نظام البشير.

وعقب الانشقاق عن حركة نور، ظل مناوي يقاتل حكومة البشير حتى وقع معها اتفاق أبوجا للسلام، عام 2006.

وبعدها أصبح مناوي كبير مساعدي البشير، لكنه سرعان ما عاد إلى الحرب، متهما الأخير بالتباطؤ في تنفيذ الاتفاق.

وفي فبراير/ شباط الماضي، نفت حركة مناوي، الموقعة على اتفاق السلام والمشاركة في الحكومة الانتقالية، وجود قوات لها في ليبيا.

وقال مناوي: “لا ننكر وجود قوات لنا في ليبيا خلال الحرب التي اندلعت بدارفور (منذ 2003) في عهد النظام السابق (البشير)، لكنها لم تشارك بالقتال والانحياز إلى أي طرف ليبي”.

وأوضح أنه “أثناء الحرب كان جزءا من قواتنا يعبر إلى ليبيا، في ظل المطاردة العسكرية مع القوات الحكومية، وحاليا لا توجد قوات لنا في ليبيا”.

2- “العدل والمساواة”

أسسها خليل إبراهيم، الذي تولى مناصب وزارية في حكومة البشير قبل أن يتمرد في 2001، ورفضت حركته التوقيع على اتفاق أبوجا.

وفي فبراير 2011، قُتل إبراهيم على أيدي القوات الحكومة بولاية شمال كردفان المجاورة لدارفور، وتولى جبريل رئاسة الحركة خلفا لشقيقه.

وفي مايو/أيار 2008، نفذت الحركة عملية أسمتها “الذراع الطويل”، شنت خلالها هجوما على مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم.

وانخرطت الحركة في مفاوضات السلام بشأن دارفور، برعاية قطر عام 2011، ووقعت تفاهمين مع الحكومة، لكنها سرعان ما جمدت مشاركتها في المفاوضات.

ووقّع فصيل منشق عن الحركة، برئاسة محمد بشر، اتفاقا للسلام في الدوحة مع الحكومة السودانية، في أبريل/نيسان 2013.

“3- حركة تحرير السودان. المجلس الانتقالي”

تأسست عام 2015، بعد انفصالها عن حركة تحرير السودان، ورئيسها هو الهادي إدريس، وهو من أوائل من انضموا لحركة نور.

وحاليا، يترأس إدريس “الجبهة الثورية”، وهي تضم حركات مسلحة وقعت اتفاق السلام في 2020.

4- “قوى التحرير”

تأسست عام 2017، وهي إحدى الحركات المسلحة المنضوية تحت لواء “الجبهة الثورية”، وهي منشقة عن حركة نور.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2015، رافق رئيس الحركة، الطاهر حجر، الرئيس التشادي (الراحل)، إدريس ديبي، إلى الخرطوم، للمشاركة في مؤتمر للحوار الوطني أطلقه البشير، ثم عاد معه إلى أنجمينا، عقب الجلسة الافتتاحية.

5- الجبهة الثورية الثالثة ” تمازج”

إحدى الحركات الموقعة على اتفاق السلام، ونشأت عقب انفصال جنوب السودان، من رحم الحركة الشعبية لتحرير السودان.

وهي تضم فصائل من كردفان وولايات دارفور، ويقودها محمد علي قرشي.

ونشاط الحركة الأكبر في الشريط الحدودي بمناطق غرب كردفان ومناطق دارفور مع دولة جنوب السودان.

الأناضول

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..