مقالات وآراء

“جهاز الأمن القديم و الجديد..”

حديث المدينة ـ عثمان ميرغني

وكأننا لا نتعظ من التاريخ، نكرر الأخطاء ذاتها بمنتهى الغفلة.. بعد 24 ساعة من انتصار انتفاضة إبريل 1985 صدر قرار – لا أب له لأن الجميع أنكره بعد ذلك – بتصفية جهاز الأمن العام، وكان ذلك اسمه آنذاك، و في لمح البصر أصبحت أسرار الدولة السودانية – وليس أسرار نظام مايو المخلوع- مكشوفة في العراء… وصل مرحلة تباري الأحزاب وتباهيها بنشر هذه الأسرار في الصحف علناً لتصفية الخصومات السياسية..

الآن يبدو أن السيناريو ذاته يجري خلف وأمام الكواليس، صدر قانون لجهاز الأمن الجديد، ولأن آليات تمرير القوانين سهلة وسريعة فلا أحد يضع الأسئلة الحتمية في طريقه. لماذا جهاز أمن جديد؟ و ما مصير القديم؟ ولماذا ثار الساسة ضد الصلاحيات التنفيذية لجهاز الأمن القديم والآن يجزلون منحها لجهاز الأمن الجديد؟

المؤسسات الاعتبارية هي ملك للوطن والمواطن وليس لشاغلي وظائفها، فإذا كان ثمة شك في نوايا أو ولاء بعض منتسبي جهاز الأمن القديم، فالذي يجب أن يتغير هو بعض المنتسبين وليس الجهاز، فبناء مثل هذه الأجهزة الاستخبارية أمر معقد ويستغرق سنوات طويلة لأنه ليس مجرد مكاتب ومعدات بل علاقات دولية ومصادر معلومات وخبرات متراكمة مع الزمن.
ضابط جهاز الأمن – ومثله ضابط الاستخبارات في الجيش أو المباحث في الشرطة – يعتمد كثيراً على تراكم خبرته لا مجرد مؤهلاته وشهاداته، ومن الحكمة عدم التفريط في الخبرات والكفاءات لمجرد الظن والهواجس المتوهمة، وطالما أن العهد الثوري الجديد يتطلب روحاً قومية في العمل العام بعيداً عن الولاءات السياسية فمن الحكمة التعويل على بث و تعزيز هذه الروح بدلاً من الإحلال والإبدال الذي غالباً سيراعي الموازنات السياسية أيضاً.

الحكومات الديموقراطية أكثر حاجة من النظم الديكتاتورية للقوة والحماية، ووجود جهاز أمن قوي يعضد من مهام الجيش والشرطة في الحفاظ على الأمن بصورة عامة.

في الولايات المتحدة الأمريكية يعيد رئيس الجمهورية بعد انتخابه تعيين رئيس المخابرات المركزية الأمريكية و مكتب التحقيقات الفيدرالي لكن لا يمكن أن يفكر في إلغاء هذين الجهازين، ففرق بين تغيير الموظف و المؤسسة.
خطوة إنشاء أمن جديد تفتح ثغرة خطيرة في جدران الأمن القومي السوداني.

التيار

‫7 تعليقات

  1. نرى ان يتم تنحيق القانون مع الحفاظ على الكفاءات البشرية للجهاز اذا كانوا غير حزبيين لان الديمقراطية عندنا حاليا عبارة عن طفل لايفرق بين النار والثلج وكذلك بالنسبة لاحزابنا فانها كلها تضع المصلحة الشخصية و الحزب فوق مصلحة الوطن ولهذا لايفرقون بين الديمقراطية والفوضى ولذلك نرى ان يتم اعادة صياغة قانون الاحزاب وقبل ذلك عمل احصاء سكانى شامل لكل مناطق السودان وان يسن له قانون اجبارى ليسجل المواليد والوفيات وذلك يساعد فى التخطيط والتنمية .
    واى حزب يرغب يسجل عليه جمع قوته البشرية من خلال الرقم الوطنى والموبايل الحد الادنى لتسجيل الحزب هو مليون شخص غير ذلك لايستحق التسجيل وكل ذلك عبر برنامج الكترونى لايسمح بتكرار الرقم الوطنى
    والتحية لشعبنا الصامد

  2. أرجوا ان لا تفوت علي الأستاذ ع ميرغني خباثة البعض
    خباثة ملتويه بِسْم زعاف من بعض مكوني الحكومه
    انهم مارسوا ( ألتقيه ). مع إخوانهم احزروا منهم

  3. يا باشمهندس بلاش لف ودوران فانت اكثر من يدرك بان جهاز امن نظام البشير كان جهاز امن حكومة الجبهة ولا علاقة له بالوطن ولا المواطن بل كان جهاز اسس لقمع ومحاربة الشرفاء والمتميزين من المزاطنين , فكان جهاز ا حزبيا صفويا عنصريا وليس له علاقة بالقومية فليذهب الي الجحيم غير مأسوف عليه

  4. يا استاذ عثمان ميرغني كل الاجهزة التي تم انشائها في ظل الانظمة الدكتاتورية ينبغي حلها وتصفيتها وبناء اجهزة جديدة تؤمن بفكر التغيير واين هي اسرار الدولة التي تتباكي عليها ففي ظل نظام الاسلاميين المدحور كانت اسرار الدولة متاحة للجميع، كتاباتك دائما زي كتابات حسين خوجلي فيها غمز ولمز. نحن لا نخاف من جهاز امن البرهان فسيذهب ومع برهانه الي مذبلة التاريخ ومعهم كل السدنة.

  5. الاستاذ عثمان ميرغني كلامك صحيح في موضع واخطأت في موضع آخر
    الصحيح انه لا يمكن هدم الجهاز بالكامل ولكن الافضل هو التخلص من كيزان الجهاز
    والخطأ هو تشبيه ما يحدث عندنا بما يحدث في الولايات المتحدة
    امريكا دولة مؤسسات ونحن ولاءنا للافراد والتنظيمات
    لا يمكن تقارن المخابرات الامريكية بجهاز امن الكيزان الكان بكتل في الشعب عشان اسياده يحكمو

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..