مقالات وآراء

(الطاهر ــ يوسف).. الفارس والآخر..!

عثمان شبونة

* كان الأستاذ الطاهر بكري من الأعلام الأوائل في الجانب المتعلق بحماية المستهلك.. خبير لا يشق له غبار في هذا المضمار؛ وفوق أنه كاتب وإنسان جم التواضع؛ فهو مناضل حقيقي لا يأبه بالأضواء.. فقد عرفته داخل قاعة محكمة.. جاء متضامناً معي في إحدى القضايا واستمر حضوره (بفقره ونبله) وقد كان التضامن مع المعارضين وقتها (مغامرة) تؤدي لأشياء أسوأ من قطع العيش في ظل نظام الحركة الإسلاموية وجهاز أمنها المأفون.. وهكذا ديدن الرجل الجواد؛ لم يلن في مواجهة السلطة الطاغية بمؤازرة المعتقلين ومساندة المناوئين لجبروتها وقمعها.. كيف لا؛ وتاريخه النضالي ضد العسكر والباطل قديم.
* عندما شكرت العم الطاهر مرة على مساندته (زِعِل) فالشرفاء والفرسان لا يبتغون الشكر على المروءة ومؤازرة الحق.. بعدها بأيام كتب في العلن: (سنظل بجانبك لأنك رمز للشباب المهموم بالوطن وقضاياه ورمز للإستنارة والشجاعة وقول الحق.. إن أمثالك يعطونا الأمل بأن الوطن بخير مهما تكالبت عليه المصائب والثعالب وقوى الشر والفساد بكل أشكاله.. والنصر للشرفاء).
* أحياناً بعض الأحباب الأعزاء عندما نسمع خبر رحيلهم نتخيل لحظتها أنهم دخلوا في حالة مؤقتة (كالنوم) وغداً سنلتقيهم صباحاً.. نستوعب بصعوبة حقيقة فراقهم الأبدي (وكذلك الأستاذ الطاهر بكري) الذي كان مزجاً بين (الطيبة ــ الثورية ــ الإعتدال) ومزجاً بين أخلاق (الريف السمح) والمواكبة والمدنية.. مؤمناً بالتغيير من أجل الشعب.. تتعلم منه عدم الإكتراث للعواقب عندما يكون النضال خالصاً للوطن.
* رحل العم.. أو.. الأخ الأكبر الطاهر بكري (طيَّب الله ثراه).. ورحل يوسف…
ــ فمن هو يوسف؟!
* والدنيا ليل.. يطرق الباب.. يتكبد المشاق رغم متاعبه الصحية والعملية.. لم ألتقي به من قبل.. ولم أكن أعرفه سوى (اسم).. كان هذا إبان القمع الإسلاموي اليومي للصحف؛ والذي لم ينقطع طيلة 30 عاماً.. في ذلك اليوم تم فصلي مُجدداً من إحدى الصحف؛ فوجدته أمامي.
* قال بنبرة واثقة: (دايرك تجي تشتغل معاي في جريدة الوطن.. وخليهم يقفلوها.. ما عندك شغلة.. أكتب براحتك.. لو قفلوها للأبد مُرتبك ماش.. دا تضامن معاك وبس.. لا تكتب عنه ولا تكلم زول.. تعال من بكرة).
* جاء (يوم بكرة) فلم أذهب إليه.. بل أغلقت الهاتف منعاً للحرج مع رجل مِفضال عالي الهِمَّة؛ ينضح وجهه بما يحمله من خير ولطف في صدره.. ثم.. بعث لي مع أخوين عزيزين برسالة أخرى شفاهية؛ خلاف رسائل الهاتف: (منتظرك.. ياخي أنا ما خايف على جريدتي تِتشمَّع بسببك.. خايف عليك من عدم الشغل).
* قلت في سري: إن الكريم يجب تحاشيه أحياناً؛ فقد تضرّهُ بوجودك..! وقد كان.. تحاشيت العمل معه متعمداً؛ (إكراماً لكرمه) وقد أخجلني آنذاك.
* رحم الله يوسف سيدأحمد خليفة (بدون لقب) فمثله لا يشرفه سوى أن يكون (يوسف) فحسب؛ وقد لاقى ربه؛ فانهمر الحزن مقروناً بجميل شمائله وعظيم محبته لدى الكافة.. هو يوسف (الضاغط على قلبه) تسامياً وإحساساً بالناس حتى وهن.. هو يوسف أحد الزملاء (الفرسان) الذين لا يُعوضون.. ولا نقول إلّا ما يرضي الله.
* ربي نسألك الرحمة والمغفرة والرضوان للفقيدين الكبيرين.
(إنا لله وإنا إليه راجعون).
—-
المواكب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..