الحب الكاره !!

بقلم : عيسي الحلو
الكثيرون يظنون ان عاطفه الحب مصنوعه من عنصر واحد سلس لاتشوبه شائبه عاطفه اخري
كالكراهيه مثلا..
ولكن هناك من السايكولوجيين الذين يراقبون مسائل الانفعال عموما خاصه من علماء النفس الوجوديين مثل الفرنسي (لاكان)
ومثل (سارتر) ( نظريه الانفعال) فان الاعتماد هو ان هناك مايعرف بالحب الكاره .
وهو يتركب من نقيضين الحب بمعني القرب واللقاء والاتصال حيث لقاء الانا بالاخر في توحد كامل .
رغم ان علاقه الاثنين هنا في طبيعتها المفطوره اصلا هي النزاع والشقاق كما هو الحال بين قابيل وهابيل وهناك من المراقبين من يرون ان الانفعالات التي تصدر عن العاطفه هي ليست عنصرا بسيطا كما يظن عامه الناس , بل هي علي العكس من ذلك
هي مزيج مركب من مشاعر عظيمه التعقيد حتي انك لاتستطيعان تتعرف عليها بالكاد في اوضاعها ومسمياتها التي تواضع عليها البحث ومحاولات الكشف التقليديه.
ولك ان تتابع هذا الجدل الشهاده .
الاستشهاد هو حب الموت في الدنيا ومفارقتها …… وحب الحياه ( في الحياه الاخري)
اذ هو حب الموت في سبيل قضيه وحب الحياههناك في الحياه الاخري
ولعلنا لو تابعنا هذا الحب داخل الديالكتيك الذي يظهره لنا الأدب المكتوب او الادب الشعبي
نجد ان هذه الفكره ( الحب الكاره ) تبدو اكثر وضوحا في القصه الشعبيه السودانيه ( تاجوج والمحلق)
يظل السؤال قائما( لماذا طلب المحلق من زوجته تاجوج طلبا كان من الممكن ان يحصل عليه بصفته الزوج المسموح له شرعا برؤيه مفاتن الزوجه ( داخل نطاق السريه الزوجيه) ولكن تاجوج قد طلبت بالمثل طلبا مقابل طلب المحلق.
وقالت ان طلبها سيأتي الافصاح عنه بعد ان تنفذ طلب المحلق , وفيما بعد كان طلب الزوجه صاعقا ..اذ طلبت الطلاقوهكذا تمضي القصه
السؤال …. لماذا كل هذا التعقيد في هذه الروايه الادبيه الشعبيه.. ان التعقيد اصلا هو في هذه العاطفه المعقده التركيب
الحب دائما ينشد التحقق والانسجام بين الأنا والاخر حتي ليكاد الطرفان ان يكونا طرفا واحدا.
ولكن الكراهيه تدخل الي هنا من خلال ثغره ما .. حينما يطمع الحب في مزيد من الحب حينما يعرف ان هذه لاياتي الا بالسيطره
الكامله لاخضاع الذات الاخري وتركيبها ومن ثم امتلاكها بالكامل .. من هنا ينشأ الصراع وتدب الكراهيه وتنمو كما الاعشاب الضاره تحت الاشجار المثمره
يدخل العنف الي هنا حاملا الكراهيه . وهكذا يتكون ديالكتيك الحب الكاره
كثيرا تاتي قصص الحب في زمن الكوليرا لماركيز حينما يختلط الحب بالخوف من الموت والفقد… وقصه الموت في فينيسيا عند توماس مان وعندما يموت بطل الراويه مضحيا الي جانب المحبوب في زمن الكوليرا كنوع من الشهاده في سبيل الحب كقيمه انسانيه عاليه
وهناك نزاع الكبريا والصبا في الحب كما في فيلم غزل البنات بين الريحاني وليلي مراد… وهناك انتحار انا كارنينا في روايه تولستوي..
وهناك العلاقه المعقده بين مصطفي سعيد وجين مورس في ( موسم الهجره الي الشمال )
ولعل هذا هو المنتج السائد في الروايات التي تتعرض للحب.