مرثية المرحوم صلاح سليمان

موت الغريب ….
———————————————
من الحبس الي الحجر …..
—————————————————
صلاح سليمان :، اخذ بعضا منا وارتحل .
—————————————————
في احدي اغاني وردي الباكرة وعلي جدار موسيقي الاوركسترا تدخل خرشة ونقرشة
من طنبور من رميات رواويس المراكب التي تجوب عرض النيل فتخلب لب المستمع ثم لا تعود ، او ظل مرمي علي
وجوه اصدقاء يتسامرون او نسمة باردة من كبنقري في ليلة صيف غائظ ،
او ماء يترقرق من جدول اليف ..
كل تلك الاشياء تحكي او هي بالاحري
لصيقة الشبه بالاخ صلاح سليمان ..
صلاح السكوت وذو السمت الانساني المطرز بالادب وبالرزانة وبالشهامة وبالشجاعة والكرم ومباشرة الانجاز بكل ما يتطلبه الواجب المباشر !
ومن عادة صلاح عدم الثرثرة وقلة الكلام والاختزال قدر الامكان ينظر في الامر ثم يحدد الدور والاسهام الذي يجب ان يقدمه ثم يشرع في انجازه بسخاء ومسؤولية وتجرد .
وصلاح انسان جدير بالثقة التي ليس لها سقف اذ كاشفه احد في سر من الاسرار تشعر وكأنه ينظر الي السر في مكمنه ثم ينصرف دون ان ياخذه معه .
خرج من السودان بعد الاعتقال والحبس الي ألمانيا وظلت اخباره تصل بلا انقطاع وانخراطه في العمل العام واسهامه في تحرير وتصميم مجلة الطريق التي ظل
يصدرها الديمقراطيون بألمانيا .
كانت تصلنا منه حركة التشكيل وتفاصيل دراسته للفنون وطريقة تحضير المواد وكل مايتعلق باعمال التلوين بشرح مسهب وبمهنية عالية وكانت تصلنا بعض المواد مع القادمين وذلك لحرصه الشديد لمواصلة مشروع جماعة العمل التشكيلي التي ابتدرناها في خلال الثمانينات وهي بغرض الاستمرار في ورشة مفتوحة للاستمرار في الرسم والشق الاخر بتسليط الضوء علي الفنانين وكل اصحاب المساهمات الفنية من الذين لهم تأثير وعطاء في الفعل الثقافي ولا تسلط عليهم اضواء من خلال اجهزة الدولة الرسمية .
كانت لنا بداية موفقة وواعدة لكنها انحسرت بعد مجيء انقلاب الكيزان المشؤوم ثم تفرق الاخوان كل الي حال سبيله لكن ظلت الفكرة متقدة واستمر العمل علي انفراد كل شخص حسب ما تتيحه ظروفه .
والاخ صلاح ظل مثابرا وقبل فترة عرض علي مجموعة من اعماله في الرسم علي الاسكريبر والتي انجز منها مجموعة من البورتريهات المتنوعة انجزها علي خامات كان يستخدمها فنانون من الانجليز الاوائل
فهي اعمال دقيقة جدا وتحتاج لصبر وقدرة رأيت ان يقام لها معرض خاص يعكس قيمتها الفنية والانسانية وكل ابعادها الثقافية .
وهناك صلاح ومعالجاته الموسيقية في مجال العزف علي الة العود ومشاركاته مع الفرق المختلفة في العروض الموسيقية المصاحبة للنشاط السياسي والثقافي والاجتماعي المعارض لنظام القمع والظلام الكيزاني .
كم هو مؤلم هذا الرحيل المفاجيء وسنظل نفتقد صلاح سليمان الانسان البشوش والمسالم المصادم والصادق العاقل المناضل من اجل الحق والحرية ونفتقد الفنان ذو القامة السامقة في الرسم والتذوق والتفكير والاداء الموسيقي والتطريب ..
كنا نمني انفسنا بلقاء بعد ان افترقنا منذ بداية التسعينات في الحبس القسري ولم يتسني تحقيق ذلك بسبب الحجر القسري للوباء وحتي رحيل صلاح الجلل والذي اخذ بعضا منا وارتحل .
نسأل الله ان يلطف به ويرحمه بالرحمة الواسعة وان يشمله بعفوه ومغفرته وان يدخله عال الفراديس بغير حساب وان ينزل اليقين والرضي والتسليم علي قلوب الجميع ، انه سميع مجيب .
عبدالواحد وراق
كفيت ووفيت أخي وراق لك خالص التحية والتقدير ويبدو انك ذو معدن أصيل وصديق صدوق وفياً في الصداقة وأميناً لها ، نسأل الله العلي القدير أن يرحم أخي صلاح سليمان ويجعله مع الصديقين والشهداء وان يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان وإنا لله وغنا إليه راجعون!