مقالات سياسية

ليلة سياسية بالبراري يقيمها حزب المؤتمر الوطني (المحلول)

حامد بشرى

لو لم يكن الزبير أحمد الحسن شبيهاً لعمر أحمد حسن لما تم تعيينه أميناً عاماً للحركة الاسلامية في التنظيم السياسي خلفاً له . تكفل الفقيد بحماية البشير تنظيمياً كما تكفل أخوته في اللجنه الأمنية الذين أختارهم بعنايه لحمايته عسكرياً. خرجوا جميعهم من عباءة المجرم الطاغية ولم نري منهم أي عماراً للوطن بل خراباً علي مدي ثلاثين عاماً حيث لم يتم حتي تجديد في الفكر الاسلامي ليضاف أنجازاً لحركتهم التي خرجوا من رحمها . وكما قال شاعرنا الفحل جيلي عبدالرحمن

ماذا تلد الهرة سوداء الابوين سوى هر أسود
سِرتُ خلف مئات الموتي وحضرتُ تشيع العشرات الا أني لم أشاهد مثل هذه الدافنة التي تحولت الي ليلة سياسية ضد الثورة لإنتهازيي حزب سياسي فاشي تم حله بقرار دستوري . تابعت تسجيل فيديو علي الوسائط قرابة الساعتين ولفت أنتباهي الي أن هذا التشيع هو حلقة كاملة الدسم في طريق التآمر ضد الثورة بدأت منذ فترة بالخطب في الجوامع  وأماكن العبادة تبعتها دعاوي مناسبات أجتماعية ثم أعقبتها أستقبالات تمت في القصر الجمهوري كل هذا الحراك الذي تُوج أخيراً بأفطار رمضاني ما هو الا محاولات بائسة تدعو للعودة الي ما قبل ديسمبر 2018 . دواعي هذه الردة ليس هذا مجال سردها . أنما ما يدعو الي الدهشة والحيرة كيف يستقيم عقلاً بعد ثورة أبهرت كل العالم بسلميتها أن تشارك هذه العصابة في دعوة حق أريد بها باطل (أفطار رمضاني أو تشيع جثمان) بعاصمة البلاد الي أعلان حرب ضد السلطة الحاكمة وضد الثورة التي مُهرت بدماء شهداء رووا أرض السودان الطاهرة ولازال البحث جاري لاكثر من عامين عن القتله . في أفطار رمضان أتوا بمعاولهم وسيوفهم لمحاولة قبر الثورة ، وتناسوا عمداً في ظروف التسيب السياسي والركود الحزبي وضمور الحرية والتغيير أن للثورة حراساً يحموها من شباب لجان المقاومة والكنداكات والمكتويين بنار الظلم والقهر لفترة تربو عن الثلاثين عاماً . أمهات وآباء شهداء و أولياء دم ضحايا فض الإعتصام تطارد دعواتهم بالقصاص في كل يوم تشرق فيه الشمس كل من أمر وشارك وحتي الذين لزموا الصمت علي هذه الجريمة النكراء التي تتواري خجلاً أمامها جرائم النازية .
أما فيما يخص الليلة السياسية التي اُلحقت بتشيع جثمان الزبير حسن أحمد التي تمت أقامتها بالمقابر من دون أذن مسبق من الجهات الأمنية ونكاية في الفجور السافر أقيمت بالقرب
من مقر رأس الدولة حتي يكون عل علم بها أسوة بفض الإعتصام الذي جري تحت سمعه وبصره .
الهتافات التي كان يرددها الأخوان المسلمون في التشييع تتماشي مع طبيعتهم وذهنيتهم وأسلوب تفكيرهم وهي عدم أعترافهم بالثورة التي أطاحت بجبورتهم وتوحي بأنهم ما زالوا في غيهم فما فتئوا يرددون بدون خجل وأستحياء : (هي لله لا للسلطة ولا للجاه) مع العلم أنهم قبل غيرهم يعلمون كيف يتحلق الشعب السوداني خلف القنوات التلفزيونية ويتابع بشغف وارتياح قرارات لجنة أزالة التمكين التي أصابتهم في مقتل حتي أطلق الشعب عليها (برنامج البل) الذي كشف مَن وكم مِن أعضاء الحزب المحلول مد يده للمال العام . بأي ضمير ووجه يعيد الأخوان ترديد هذا الشارع الذي فضحهم علي أرض الواقع . وخلاصة تجربة حكمهم تتلخص فيما يلي :
(أعتقد ان هذه التجربة قد أضرت بالإسلام ضرراً قد يصعب أصلاحه، وأكاد أقول انها مثلت جريمة في حق الإسلام والمسلمين. وقد يحتاج الأمر الي عقود قبل إصلاح هذا الخلل. لم يكتف من يسمون أنفسهم الإسلاميين بتضييع فرصة قد لا تتكرر ، ولكنهم ضيعوا علي من بعدهم، وعلي أجيال قادمة تلك الفرصة كما شوهت داعش الإسلام ونفرت الناس منه. اعتقد ان أول كفارة لهذا الفعل هو أن يعترف هؤلاء بأن بينهم وبين الإسلام بعد المشرقين، وأن يعيدوا السلطة الي اهلها، ويقضوا ما بقي من حياتهم في الإستغفار والتوبة ورد الحقوق الي أهلها ، عسي ولعل)
هذه الشهادة لم تكن شهادة شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه ولا أحد تلاميذه وأنما شهادة د. عبدالوهاب الافندي أحد تلاميذ هذا التنظيم الذين أفنوا زهرة عمرهم في خدمته . أما الطيب زين العابدين فقد عبر عن فسادهم بقوله (إنه يأكل ناقة الله وسقياها)
الدكتور التيجاني عبدالقادر وصف فسادهم بما يلي : أن تنظيمنا في أواسط السبعينيات من القرن الماضي يعمل من تحت الارض واردنا ان نجد “أماكن آمنة” في مدينة الخرطوم نخفي فيها أعضاء اللجنة التنفيذية لأتحاد طلاب جامعة الخرطوم من أجهزة الامن التي كانت تطاردهم فكان عدد الذين يملكون منازلا
 خاصة بهم (تتسع  لأستضافة ثلاثة اشخاص او اكثر) يعدون على أصابع اليد, أما الان فقد صار كثير من هؤلاء يملكون البنايات الطويلة التي تقدر اثمانها بما لا نستطيع له عدا، وتدخل منزل احدهم فترى ما لم تكن تسمع به في بيوت الباشوات، وتسأل أحدهم من أين لك هذا فيقول من “أستثماراتي” ماطا شفتيه بالثاء، ولا يذكر انه الى عهد قريب كان يسكن بيتا من الجالوص الاخضر
من الهتافات التي رددها المشيعون : ( الزبير شهيد فداء التوحيد. لا أله الا الله ولا نعبد الا أياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ولو كره المنافقون ولو كره الشيوعيون ولو كره العلمانيون .) كيف يكون الزبير شهيداً وهو لم يشارك او يمت في حرب وأنما توفاه الله بالمستشفي قبل أن ينفضح أمره وتنكشف سوءته ويقف أمام هيئة الاتهام ليبرر علاقته المشبوهة بشركة عارف التي تسببت في فقدان السودان لخط هيثرو  . الأخوان المسلمين وكعادتهم ترتعد فرائضهم ويستعينون قبل كتاب الله باسلحتهم البيضاء أو الكاتمة للصوت عند سماعهم كلمة شيوعي ، علماني ،  جمهوري ، ديمقراطي ، أشتراكي ، يساري علي الرغم من أن هذه صفات لمكونات أصيلة من شعب السودان شهد لحامليها بالنزاهة والأستقامة والأمانة التي يفتقدها الأخوان المسلمون ثم من أين لهم هذا الحق الإلهي الذي يساوي ما بين الكافر والمنافق والشيوعي والعلماني أنه بالطبع لقصور في الفكر أذا وجد أصلاً فكرا في ذهنية الاخوان المسلمين .

لم ينسوا أن يهتفوا ويرفعوا شعار(لا تبديل لشرع الله . البلد بلدنا ونحن أسياده . في سبيل الله قومنا نبتغي  رفع اللواء أمرنا لله لا لدنيا قد عملنا فلترق كل الدماء أو ترق منهم دماء ) . وها هم يعودون لدق شعارات الحرب التي بسببها فقدنا ثلث الوطن أضافة الي الشباب الذين ساقوهم الي ساحات القتال في حرب الجنوب وجنوب كردفان وجبال النوبة . هذه النزعة توضح قصر النظر وضيق الأفق الذي يصل حد أنتزاع حق الآخرين في الوجود في هذا القطر . هذه الشعارات والهتافات تتجاهل كل ما تقوم به حكومة الثورة الحالية لوقف الحرب ونزيف الدم وتدق أسفين في المحادثات التي تجريها الحكومة مع جيش الحركة الشعبية في جبال النوبة وجنوب كردفان وتقف في طريق مفاوضات السلام التي من المتوقع أن تجري مع القائد عبدالواحد نور أضافة الي أنها تعوق مجهودات الفترة الأنتقالية لتحسين صورة السودان في المجتمع الدولي (ياسودان بالدم نفديك نحن كلاش ومحبة .نحنا المابترهبنا أوربا) . هذه التظاهرات المسجلة والمرئية لا تغيب عن الدول الغربية التي تجري التحضيرات لمؤتمر باريس لمساعدة السودان أقتصادياً . بالإضافة الي المعوقات الأقتصادية التي يضعها الأخوان المسلمين تجار الدين ضد حكومة الثورة داخلياً تجري مساعيهم لفرض الخناق عليها خارجياً والصاق التهم بأنها حكومة لا تزال تدعم الارهاب بدليل هذه الشعارات التي يرفعونها وتجد الترحيب أو في أحسن الأحوال التجاهل وعدم معاقبة او مسآلة مرتكبيها . كيف تطلب المساعدات من دول أوربية وأنت ترفع ضدها السلاح ولا يرهف لك جفنٌ؟

تم أخراج هذه المسرحية السياسية المكتملة الفصول في مقابر بري بحضور تمثيل علي مستوي عالي من عضوية المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي حيث مثله الأمين العام المكلف بشير آدم رحمة الذي أرتجل خطبة عصماء حث فيها الحضور علي الوحدة أمام شذاذ الافاق علي حد تعبيره قال لافض فوه (الاخ الزبير رحمة الله عليه كان حافظاً للقرآن ، كان مرفقاً باخوانه كان مصادماً كان في حركة الأسلام لا يتوان . حركة الأسلام في السودان مهما حاولوا ان يطمسوها أو يدمروها أو يحذفوها فانها باقية . كتاب الله سبحانه وتعالي ما زال يُتلي عند الصوفية وما زال يُتلي في المساجد وما زال يُعمل به أنشاء الله . وقالوا لن يخرج من دخل السجن الا محمولا او يخرج وقد شاخ وهرم ولكن نقول لهم يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين . وأننا نري هؤلاء الشباب (بأشارة للذين حوله في المقابر) هم الذين نفذوا هذه الثورة هم الذين جالسوا هؤلاء شذاذ الافاق الذين جاءوا من آخر الدنيا وارادوا ان يغيروا هذا الشعب المؤمن وأن يغيروا عقيدته لن يستطيعوا أنشاء الله ما دام هؤلاء الشباب موجودون. نقول لهم نحن في حركة الأسلام (يقصد الأسلام السياسي طبعاً) سواء أن كنا وطني أو شعبي أو غيره كلنا في هذا الدرب نجاهد ونقول لهم لا اله االله وأن محمداً رسول الله . أنقل لكم تعازي أخوانكم في المؤتمر الشعبي ونحن يد واحدة في الحق .

أترك للقارئ فطنته في تفسير خطبة الأمين العام المكلف .

بعده تولي خطيب لم أدر كنهه ذكر من محاسن الفقيد أنه كان يتحلي بالقرآن العظيم في أخلاقه في علمه ودينه ومعاملاته مع الناس ولهذا برز أسمه كقائد أسلامي في السودان وفي خارج السودان  . كيف كان الزبير يتحلي بالقرآن عندما حلف اليمين أمام المحكمة حيث أنكر مشاركته أو حتي معرفته بأنقلاب 1989 و بعد مراجعة التسجيلات التي تمت مع الطاهر التوم قال أنه كان يعلم بالانقلاب وشارك فيه ؟.
الزبير الذي كان يحفظ القرآن ويقوم الليل ويودئ الفرائض كان متهماً بأختلاس أموال عامة تؤول ملكيتها للدولة (سودان اير ويز ) .
ورد في أحدي وسائل التواصل الاجتماعي ما يلي عن المرحوم :
توفى اليوم المتهم الرئيسي في قضية بيع خط هيثرو وعدة قضايا جنائية القيادي بالمؤتمر الوطني المحلول والامين العام للحركة الاسلامية الزبير أحمد الحسن الذي شغل مناصب عديدة في حكومة المخلوع البشير وأحد مسؤولي الامن الشعبي الذي اذاق البلاد والعباد ويل بيوت الاشباح والمعتقلات واقتحام البيوت والمدارس والجامعات والمساجد والمستشفيات والأعتداء على مواكب تشييع الشهداء وبيوت العزاء بالمبان وعند الله تجتمع الخصوم وهو الحكم العدل الذي لا يظلم عنده.
تخللت الخطب هذه الشعارات : لا تراجع بل أقدام . مليون شهيد من التوحيد . القرآن دستور الامة . جيش محمد بدأ يعود . السودان بالدم نفديك نحنا ما بتخوفنا أمريكا ، نحن الما بترهبنا أوربا . أسلامية أسلامية لن تحكمنا العلمانية . لا شيوعية ولا ألحاد. عائدون عائدون نحن نحن الاسلاميون .
وجاء دور خطيب آخر عدد مناقب المرحوم وذكر :
نحن نودع هذا الرجل الامة الذي مات يوم الجمعة والذي من مات فيه لا يسأل وهذا الرجل الذي كان منا ومنكم ملء السمع والبصر تشهد عليه اعماله الصالحات وخلقه الرفيع . هذا الرجل الذي مضي الي رحاب الله كان خلقاً رفيعاً يمشي بين الناس وتربي في بيت كان القرآن والذكر والكرم أحساسه وقاد أمة السودان الحالي معالي القيم والاخلاق فكان نموذجاً طيباً لعباد الله الصالحين . ونحن نفقد رجلا كان شريفا عفيفا ولو كان في السودان أمثاله لاستقام الامر. قال الامام أحمد بن حنبل عليه رضوان الله ( قولوا لاهل البدع بيننا وبينكم الجنائز ) وشكراً لشعب السودان الابي الذي يعرف معادن الرجال .
كان زبيرهم (الورع)  ثالث ثلاثة يتوسط القتله حتي آخر يوم لسقوط نظامهم . علياً عن يمينه ونافعهم عن يساره كما جاء في قناة العربية ( الأسرار الكبري الجزء الثالث) .
المفاجأة أن هذا الخطيب كان يتحدث بأسم مولانا السيد محمد عثمان الميرغني مرشد الطريقة الختمية ورئيس الحزب الاتحاد الديمقراطي وبأسم جماهير الطريقة الختمية وباسم قيادات الحزب الاتحادي الديمقراطي كما ذكر بعضمة لسانه .
متي وأين قابل هذا الخطيب مولانا؟ وما هو موقف قيادات الحزب الاتحادي الديمقراطي علي من يتحدث بأسمهم في الليالي السياسية ؟
صلي علي الجثمان الشيخ الطيب الجد العباس ، خليفة الشيخ العبيد ودبدر وهذا سلوكاً يتصف به الاخوان المسلمين أذ يلتفون حول الطوائف الدينية والطرق الصوفية بحثاً عن الدعم الي حين .
من يود الرجوع الي التشييع يجده في هذا الرابط :
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..