ال دقلو في فتيل..!

احمد بطران عبد القادر
جاءت الجبهة الإسلامية القومية بانقلابها المشؤوم في الثلاثين من يونيو ١٩٨٩ تحت مزاعم المصالح العليا للوطن فيما يتعلق بوحدته وسلامه وهتك نسيجه الاجتماعي وتحرره من الضعف والوهن والتبعية وايقاف الحرب الأهلية في جنوبه وربطت فعلها البشري القابل للخطأ والصواب بقدسية الله والسماء والدار الاخرة فتحت شعارات (هي لله لا للسلطة ولا الجاه) قهرت الشعب السوداني وازلته وادارت حكم البلاد بالحديد والنار والسيف والخازوق وغيبت القانون وروحه من اي فعل تقبل عليه او تباشره وكرست للشمولية وحكم الفرد فتداخلت السلطات وضعف اداء المؤسسات الحكومية في كافة المستويات واصبحت إدارة الدولة مرهونة بالمصالح الطبقية للانقلابيين و بالامزجة الشخصية المريضة والسادية الكذوبة فتداخلت السلطات والاختصاصات واضطرب العمل في دولاب الدولة وحلت عناصر استغلت وجودها ضمن منظومات التنظيم الاسلامي للجبهة الإسلامية القومية محل الكفاءات واصبحت هياكل الدولة ومؤسساتها مستعمرات ( كيزانية) لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية تعيس فيها فسادا وتبعد الشرفاء من الكفاءات الوطنية فظهرت المحسوبية والمحاباة و الفساد المحمي بالسلطة فاضحت الدولة مختطفة للتنظيم الاسلاموي والشعب مغيب ومستعبد ومستبعد من كل مؤسسات الدولة الا وقوفا علي هامش تنفيذ القرار الذي تعددت مراكزه المرتبطة مصلحيا بالزعيم حيث استطاعت السلطة الانقلابية انتاج دكتاتورية طاغية مستبدة وشمولية مضرة غابت معها امكانية التقييم والمراجعة وكيف نراجع فعل صادر بامر الله…!
فاندفعت الدولة الي الانهيار بصورة جنونية ومرت بمحطات دموية ومنعطفات خطيرة لم تستطع القوي الانقلابية تخطيها الا بجراحات مؤلمة وتنازلات كبري بترت جزءا عزيز من الوطن
فذهب الجنوب مقابل صفقة الا تطال يد العدالة الرئيس المخلوع
ورغم ذلك لم تتوقف الحروب وتطاول امدها في دارفور التي شهدت حروب ابادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية فازدادت الضغوط الدولية علي النظام الاجرامي واصبح في عزلة عن المجتمع الدولي وحصار داخلي وليتمكنوا من الاستمرار والبقاء في السلطة لاطول فترة انشؤوا مليشيات قبلية مسلحة علي اسس عرقية قاقمت الأوضاع الأمنية والاجتماعية الي الاسوأ وزادت من حالة الإحتقان والغبن الذي جعل من العسير انجاز سلام دون تحقيق العدالة بمحاكمات ناجزة ونافذة ظننا انها ستاتي عبر القادمين للحكم من منبر سلام جوبا لكنهم غضوا الطرف عنها وتقاسموا السلطة مع العسكر وبقايا النظام البائد وحلفاءهم من جماعات الهبوط الناعم وهدفوا جميعا لتصفية الثورة وتطويع السلطة لخدمة مصالحهم الطبقية وتطلعاتهم الذاتية
حراك ٢٩رمضان اوضح ان القوي الجذرية صاحبة المصلحة في التغيير تسير خطاها في طريق الثورة والصمود حتي تحقق أهدافها في الحرية والعدل والسلام واكمال مشروع التغيير بتفكيك النظام القديم ومحاكمة منسوبيه والقصاص للدماء الطاهرة للشهداء وهيكلة الدولة مدنيا وعسكريا والإصلاح القانوني والمؤسسي وانعاش الاقتصاد وصولا الي المؤتمر الدستوري ثم الانتخابات العامة ثم الحكومة المنتخبة لتستكمل مهام الثورة المجيدة في النهضة والتطور
فهذه القوي الثورية هي لجان المقاومة في الأحياء والمؤسسات والاجسام الثورية لم تتوقف عن الفعل الثوري المؤثر ومازالت تمسك بزمام المبادرة وتقود حركة الشارع السياسي والثوري لا يضرها من خالفها او خزلها او تولي عنها او ادار ظهره لها لان ايمانها بضرورة التغيير ايمان عميق متجزر في تفكيرها وهذا عهدها وميثاقها مع الشهداء وقدمت من اجله دماء ودموع كما انها تدرك حجم المؤامرة علي الثورة ورموزها من أعداء الداخل والخارج واعين المخابرات الاجنبية
فاذا لم تتحلي باليقظة والحذر والاستمرار في المد الثوري وتصاعده في كل المواسم الثورية ستحدث ردة وغلبة لصالح القوي المعادية للثورة التي وصلت للسلطة علي اشلاء ضحايا الحروب والنزوح ودماء الشهداء فبالفعل الثوري الضاغط والممتد سيحدث اصطفاف قوي وناضج ومنتج لقوي الثورة وستتمايز الصفوف مجددا حسب الإيمان بالتغيير والمصالح المرتبطة لكل فئة من هذه القوي السياسية المؤثر في المشهد السياسي وحينها ستتوحد قوي الثورة المتجردة بفعلها لله والوطن ضد قوي الردة والانكسار واصحاب المصالح الذاتية
ولئن كانت هذه هي القوي التي وقعت في دفتر الحضور الثوري تلبية لدعوة اسر الشهداء والثوار في إفطار ٢٩رمضان بساحة المجزرة فانها هي صاحبة المصلحة الوطنية الاصيلة في تجديد روح الثورة والتلاحم لاكمال مهامها بتحقيق العدالة أولا لذا توجهت باتهامها المباشر لنائب رئيس مجلس السيادة الفريق محمد حمدان دقلو وشقيقه ونائبه في قيادة قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو دون خوف او وجل وضعتهم (في فتيل) وفي موقف لا يحسد عليه احد وهنا ليس مهما مناقشة لماذا وجهت الاتهام لهما بالذات؟ وتوجد غيرهم جهات اخري غارقة في دائرة الاتهام مثلهما تماما ولكن علي المتهمين إثبات براءتهم بكل موضوعية وقانونية وحتي تظهر نتائج التحقيقات عليهما بالاتي
١- التوقف فورا عن مهاجمة قوي الثورة او السخرية منها او تهديدها لا تلميحا ولا تصريحا لان هذا لا يجدي مع ثورة عصية قدمت تضحيات فوق التصور والخيال
٢-عدم المن بانهم انحازوا للثورة لان الثورة لما شقت طريقها تعرف انه مفروش بالاشواك والالغام وكلفته باهظة وكانت مستعدة لمواجهة الكل دون تراجع او انكسار
٣- التوقف فورا عن محاولة الاستقطاب وخلق حاضنة سياسية مغايرة لقوي الثورة بغرض قطع الطريق امامها او تصفيتها
٤- تقديم كل منسوبيها محل الاتهامات الجنائية بقتل الثوار في المواكب والاحداث المتفرقة للعدالة فورا دون اي مماطلة او تسويف
٥- تقديم كل المعلومات والحقائق والمستندات والأدلة للجنة التحقيقات للاسراع في انجاز مهامها خصوصا وان قائد قوات الدعم السريع ذكر في كثير من المناسبات انهم يمتلكون ادلة توضح من فض الاعتصام وقتل الثوار واغتصب الحرائر
٦- اسكات الاصوات النشاذ التي تحاول تصوير الصراع علي انه بين أبناء غرب ونخبة نيلية وتوقف الاستقطاب علي الاسس الجهوية وإنتاج روح قومية في تناول قضايا الوطن
٧- العمل علي هيكلة القوات المسلحة كلها بالدمج والتسريح علي اسس وطنية قومية
ولئن كنا قد اشرنا للنقاط اعلاه في مقالنا فليس همنا ادانة قوات الدعم السريع او تبرئة قادتها انما نهدف الي تحقيق العدالة وانفاذها والا يفلت صاحب سلطان من عقاب علي جرم ارتكبه او ذنب اقترفه مهما بلغت اهميته و قوة حصونه
ولئن كانت قوات الدعم السريع اخذت مشروعية وجودها من الوثيقة الدستورية بعد سقوط النظام واصبحت شريكا أصيلا في سلطة الانتقال مع القوات النظامية الاخري الا انها ظلت متهمة لدي جماهير شعبنا وقواه الحية بارتكاب مجازر دموية ضد الشعب قديما في دارفور وحديثا في فض اعتصام الثوار الشرفاء في القيادة العامة للقوات المسلحة وبقية الولايات ورغم محاولات قائدها التقرب من قوي الثورة وتاكيداته علي حماية فترة الانتقال الا ان مسلكه في محاولته لإيجاد حاضنة سياسية من الطرق الصوفية والإدارات الأهلية وتجنيد بعض النشطاء لصالح مشروعه الهادف الإستيلاء علي السلطة مدعوما اقليمبا حال دون ان تثق فيه قوي الثورة بيد انها ترفض أصالة التعامل او التعاون مع العسكر باعتبار انهم اصحاب مصلحة أصيلة في قطع الطريق امام تحقيق أهداف الثورة وغاياتها في التحول الديمقراطي.
الغرفة المشتركة للحراك الثوري