الشخبوطة العربية المتحدة !!

شكري عبدالقيوم
معي فتأمَّل، يا تَرِبَت يداك، إنو واحد اتزوَّج واحدة على سُنَّةِ اللهِ وكتابه والمجتمع، فلمَّا تغشَّاها حَمَلَت، فدعَوَا اللهَ، ونادَيَا الصالِحين، لئن آتيتمونا صالِحاً لنكونَنَّ من الصالِحين. فلمَّا آتاهُما صالِحاً سمَّوه:( شخبوط.. بن طحنون) :( . أها زي ديل ترجى منهم شنو غير الشخبطة، والطحننة. ? .
الطبيعة، أو قُلْ ربَّنا جعل كُل شئ بقَدْر ومقدار. أيِّ حاجة في محلها بالضبط. كُلُّ حِتَّة في حِتَّتها. والجَعَلان حقو ده، مافي قوة في هذا الكون العريض تقدر تحيد عنها قيد أنْمُلة. وإنما الطبيعة وحدها وبراها هي البتخلق شواغر تصعِّد ليها أو تسمح بمرور مواهب وعناصر من هنا وهناك إلى هناك وهنا. وقانون الطبيعة والقواعد البتشتغل بيها وعليها في القضية دي، مافي حاجة على الأرض بتشبها. عشان كده تبقى عَصِيَةّ وغير قابلة للإدراك. يعني, لا الأوهام الشخبوطية تقدر، ولا الثورة الشعبية ولا الأماني الماركسية تقدر إنها تخُت زول محل زول، أو تساوي بين الجليل والحقير.المدير والغفير. الظُلُمات والنور، أو الظل والحَرُور.
في حدود العام 898م، كانَ ألفرد الكبير هو ملك إنجلترا. وكانَ يدافع عن مملكته ضد الغزاة الدنماركيين، إلا أنه هُزِم في معركة تلو الأخرى فهرب ولجأ إلى كوخ حطَّاب، وطلب من ربة البيت طعاماً وملاذاً. ولأنَّ المرأة لم تعرفه ولا سمعت به حتى، فقد طلبت منه مراقبة نضج كعك كانت تخبزه، غير أن انشغال الملك بالتفكير في جمع شتات جيشه جعلهُ يغفل مهمة مراقبة الكعك، فوبَّخته المرأة بشدَّة، ثُمَّ انهالت عليه ضرباً بنعالها، ثُمَّ قدَّمت لهُ طعاماً وهيَّأت لهُ ملاذاً.
حيثما وُجِد ناس في حالة طبيعية، فإنَّ الطبيعة تخلق- وبصورة آلِيَّة – بنية متسلسلة هرميَّاً. أمَّا ما هو مبدأ هذه البنية، فتلك مسألة أخرى. لكنَّها قطعاً ليسَ اقتصادياً صرفاً كما يرى الماركسيون. وإنَّما مجموعة متداخلة من عناصر كالعِرْق والدين والسياسة والفِكَر والاقتصاد، تُشَكِّل قوة تاريخية حقيقية، وبكَلِمة طبيعية. فإذا تراجعت هذه القوة الطبيعية المبدئية فإنَّ قوة أخرى ثانوية تحتل الشواغر وتتولَّى أمر تشكيل التسلسل وتحديد الطبقات.
ما لا تفهمه الإمارات، ولا وضّحت لها مشترياتُها من رؤساء الأمن السابقين والحاليين، ومن الثوريين المُزَيَّفين، ومن الوزيرة من أبيها، ومن سائر العملاء والسياسيين- برغم استيفائهم فواتيرهم بالكامل- أنَّ هذه القوى الثانوية في الحالة السودانية مستعارة، ومِنْ ثَمَّ غير منظور حلولها محل القوى الأصلية، وهي عاجزة بالطبع عن بناء مجتمع.
يبقى، أنَّ نظرة الإمارات العربية- حكومةً وليسَ شعباً بالضرورة- إلى هذا البلد وشعبه هي مزيج من الاحتقار والازدراء والاستعلاء والطمع، وتبقى نواياها – إن أحسنَّا الظن- سيئة جداً ومفضوحة بكل المقاييس، وإن أسَأْنا الظن فهي سيئة جداً أيضاً ومفضوحة بكل المقاييس. لكن بيعُها حتماً خاسِر، وكيدُها ولا بُد إلى نحرِها مُرتَد.