مقالات وآراء

الإغتصاب.. يبكينا وجدان وضحى!!! (٢)

نور الدين بريمة

دنيا دبنقا

*قطعًا* إنه لمن المُحْزن والمُخْزي حقًا، إنفطار أفئدتنا، وأجسادنا، وهي قائمةً تصلي لربها في رمضان، شهر التوبة والغفران، زاكيةً لله آناء الليل وأطراف النهار، فما ذنبها أن تعيا بالألم ولماذا تُصاب عينيها بالبكاء والعمى؟!!، ولم تُصكّ أذنيها المشرئبة إلى الآذان، بالعويل والصراخ، من هول ما رأت وسمعت؟!!..

*كيف لا؟!!!* ودواعي البكاء والإنفطار، هي فِعالُ قوم كالأنعامٍ بل هم أضلُّ وسآءَ سبيلًا!!!، حيث إهتزّت الأرض بإغتصاباتهم، وضاقت السماء بما رحُبت، فما جرى، لوِجدانًا، ذات العشرين شهرًا، في الثاني من مايو الجاري، ومن قبلها لضُحًا، ذات الست عقود، في العام ٢٠١٧م، وغيرهما كما أشرنا في زاوية دبنقتنا بالرقم (١)، ما زادت: قلوبنا إلّا تفطّرًا!!، وأوصالنا إلا تقطّعًا!!، ونفوسنا إلا تفطّرًا!!، ثم ترنّحت أفئدتنا أنينًا وبكاءًا!!، مثلما فاضت عيوننا نواحًا وبكاءًا، ولكنّ فاجعة أمهاتنا وآبائنا، هي الأشد وأنكى.

*فالذي* جعل السمآء بغير عمدٍ نراها، إنه لأمرٌ جلل وجَدُّ عظيم، يعرقل طريق شرايين الرحمة والمودّة، ويجعلها في غاية من الحزن والأسى، فلله درّكم يا من آمنتم بالفضيلة والكرامة، وأنتم تتضرّعون لله، غُفْرانًا وعَطْفًا!!، وعفوًا بنتاي (ضُحَى، ووِجْدان، ومرام)، وغيركن/م أسكنكم الله جميعًا فسيح جناته، مع الصديقين والشهداء، وعصافيرها، ونوموا قريري العينين، في حياتكم البرزخية، فإن موعد الحق آت، وأن كل مغتصب وقاتل، ينال العقاب.

*وعُذرًا* ومعذرة لكل ضحايا الإغتصاب، لأن بعضًا من معاشر الرجال، السافلين إرتكبوا خِلسةً ذاك الإغتصاب، حيث لم يتمكن الصالحون من حمايتكن/م، وبالطبع فإن تلك الحوادث، ليست هي الأولى في نيالا، ومدني، والخرطوم، وغيرها من مدن السودان، بلى فالمغتصبون أدمنوا شنائعهم، وظلوا يسيمون ضحاياهم سوء التنكيل والإغتصاب.

*وما هذه* الظواهر السالبة إلا إفرازاتٍ وتجلياتٍ، لما يتغوضه حُكام بلادي، ظلمًا وجورًا ومحسوبية!!، وإنتشارًا للفساد!!، وغيابًا للعدالة!!، وجورًا للسلطان!!، نعم لم تكن هي الأولى من نوعها، بل سبقتها الكثير التي إقشعرّت لها الأبدان، وإذا ما أردنا فقط، أن نجعل من نيالا أنموذجًا، فقد بلغت إحصائية ضحاياها، المعلنة عبر وسائط الإعلام، حوالي (١٢٠) حالة إغتصاب، منذ العام ٢٠١٢م، وذلك حسب الإحصائيات الرسمية، حيث لم تتجاوز أعمارهن/م سن الثانية عشرة- إلا قليلًا.

*لكن ما* يأسف له المرؤ، أن المروءة خبا نجمها وأفل، لأن الناس لم يحركوا ساكن ضميرهم، سوى أنهم يندبون الحظ، ويلعنون سوء الحال والمآل، ولم يلقوا بالًا ولا نظرًا إلى، شناعة الأفعال، التي لم تكن بالطبع، الأقلّ إيلامًا!!، فالكل أنكى وأمر!!، والكل أكثر فجاعة!!، والكل قد صرخت وناحت له الحناجر!!، وإنفطرت له القلوب!!.

*لكنه* ينبغي لمجتمعنا أن يستفيق من صمته المُطبق وسباته العميق، لأنه ظل يفقد الأرواح، مثل ما ظل يفقد القيم، والذئاب في غوايتها ما زالت سادرة تبتكر الأساليب، وتستدرج الأطفال إلى حتف النخر للأوصال والعظام، وعليه فبمثل ما أفضنا في تناولنا للفجائع، دعونا نسرف ولو قليلًا فيما ينبغي فعله، ونحن نستشرف عهدًا جديدًا، خاليًا من نزوات الإسلامويين وكبواتهم، رفعنا شعاره: حرية سلام وعدالة.

*فمبتدءًا* دعوتنا إلى الرفق بالأنفس، وكفى عويلًا وصراخًا ونحيبًا، وإجترارًا لمشاعر الذكريات!!، لأنها ما ضرتنا إلا كثيرًا- لا فائدة منها- دونما  تحريك لساكن وعينا الداخلي، وإجبارًا لحكامنا، وإلزامهم بتعهداتهم: القانونية والدستورية، في إتباع: الحق، وتفعيل المؤسسات العدلية، وإنزالها بين الورى، حتى تجعل من عقاب المجرمين، سبيلًا يرعوي له كل من سولت له نفسه، بالتجني على أعراض الغير.

*والمتتبع* لظاهرة الإغتصابات في السودان، بحسب الإحصائيات الرسمية، التي غالبًا ما تتوفر لدينا، عبر صاحبة الجلالة، أو بعض منظمات المجتع المدني، يتأكد له أنها ليست هي الأرقام الحقيقية، بل نجد أن قاموس بلادي منها، يحوي المئات من العصافير الغضة البنان- من الجنسين، مما يدفع ظنّنا، بأن نظرية المؤامرة حاضرة، لأن دعاة التفسّق والمُجون، وتابعيهم من أصحاب الهوس الديني، ومشاريعهم الموسومة بالحضارية- زُورًا وبُهتانًا- ظلوا يشنّفون أذننا بجميل الفضائل، لكنهم يبصُقونها سلوكًا بشعًا وسط المجتمعات، والله سائلهم بأي ذنبٍ قتلوا وِجدانًا، وضُحى، ومُرامًا، وغيرهن/م!!، ونشهد يوم الحاقّة إنهم لكاذبون فاجرون!!.

*ثم إن* كثيرًا من هذه الجرائم، يرتكبها من يدّعون الفضيلة، وهم ليسوا إلى سبيلها مؤمنون!!، ولا إلى قيمها فاعلون!!، لأن تنشئتهم، قائمةٌ على إبعاد الأنثى، لكنهم في الوقت ذاته يغتصبونها، وبفعلهم هذا يتبعون سلوكًا غير إنساني، بينما لم يضع ولاتَ أمرهم، علاجًا لغرائزهم الحيوانية، وحاجياتهم الإنسانية، في كيفية التعامل معها، ودليلنا على ذلك حاضرٌ، يتجلى واقعًا في السلوك، الذي يجد الدعم والسند من زبانية الضلال، كما أننا لم نشهد إستنكارًا، ولا مناهضةً، ولا حراكًا منهم، وكأنما هم الذين يعطون الإشارة، للقيام بتلك الأفعال الشنيعة.

ترقبوا حلقتنا القادمة، لنسدل الستار على القصة..

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..