الله أسْكِتْ بِهَلاكِهِ.. فَاهَ العُنصُريّين!!!

دنيا دبنقا
نور الدين بريمة
اللهم جاز كل من كان عُنصريًّا، إرتكب جُرمًا بحقّ الوطن والإنسانية، ولا ترِنا فيه، وزمرته، ومن شايعه- إلا يومًا- أسودًا، ولا دعوة لنا له بالرحمة والمغرفة، أو إسكانه فسيح الجنات، كما يردّد بعض السابلة من ذوي الألسن الفاقدة للوعي، الذين لا يدركون معاني السيرة النبوية العطرة، ويسيرون مع غيرهم على درب زرع الفتن والظلم والعنصرية، والخوض مع الخائضين، على طريقة (هذا ما وجدنا عليه آباءنا)، دون التروّي والتأكد من صحة الأحاديث أو ضعفها.
وما يُشاع عن حديث: (أذكرُوا محاسن موتاكم، وكفّوا عن مساوئهم)، لعمري فيه الكثير من الآراء المتباينة والإختلاف، لكنهم أجمعوا على ضعف الحديث؛ الذي ورد في سنن أبي داود؛ وسنن الترمذي؛ ورواه: الحاكم، والبيهقي، عن عطاء عن عبد الله بن عمر، قال فيه البخاري: إنه مُنكر؛ ليعززه الترمذي والطبري بقولهما: إنه حديث غريب؛ لذلك ذكره الشيخُ الألباني في كتاب: (صحيح وضعيف سنن أبي داود)، ضمن الأحاديث الضعيفة، مثلما ورد ضعفه في كتاب: (صحيح وضعيف سنن الترمذي)؛ ولذلك فالحديث محكومٌ عليه بالضعف، ولا تلزمنا حجِّيَتِه في شيئ.
ولكن على الرغم من ذلك، فقد وردت أحاديثَ أخرى صحيحة، أو حسنة، يعتبرها بعضنا شواهد لهم- أي مقوّية- للمعنى الذي أتى به ذاك الحديث الموسوم بالضعف، نذكر منها، ما رواه البخاري: (لا تسبُّوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا).
وبشكل عام فهذا الحديث يحث على ذكر محاسن الموتى، وتَذَكّرهم بالخير، والدعاءِ لهم- لا عليهم- وحثّ الآخرين أيضًا على ذلك؛ ومن هذا الباب، نجد الكثير من الناس يتوقّفُون عن إنتقاد أي شخصٍ حال وفاته، وتجدهم يشتاطون غضبًا وملامةً، عندما يُذكر مظالم أو مساوئ مَن غيّبه الموت، وكأنّ الموت يـجُبّ ما قبله؛ حتى لو كان الشخص قد إنتهك حقوق غيره، وتسبّب بإلحاق الضرر لهم؛ وبمجرد موته تُطوى صحائفه السيئة، وتُنسَى جرارئه القميئة!!؛ مما يتعارض مع أدلة أخرى، في الكتاب والسنة.
لأن المُتتبع للأحاديث والأدلة الواردة في هذا الباب، يلحظ وجود تعارض بينها وأحاديث أخرى، منها ما ورد في صحيحي البخاري ومسلم، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: مَرّوا –أي الصحابة- بجَنازة، فأثنَوا عليها خيرًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبَت، ثم مَرّوا بأخرى، فأثنوا عليها شرًا، فقال: وجبت؛ فسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه.. ما وجبت؟. فأجابه “صلى”: (هذا أثنيتُم عليه خيرًا، فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتُم عليه شرًا، فوجبت له النار؛ أنتم شهداء الله في الأرض).
ففي هذا الحديث لم ينْه النبي “صلى” صحابته عن ذكر مساوئ المتوفَى الثاني، بل بيّن لهم أن مصداقيتهم فيما عرفوا عنه من سيئات، ستكون شهادة وحُجةً عليه يوم القيامة؛ ولذلك سينال عقابه الذي يستحق، جنةً أو نارًا؛ فلو كان النهيُ عن ذكر مساوئ الموتى مُطلق، يُؤخذ على عُمومه لما أقرّهم عليه “صلى”.
وكذلك ورد تعارض تلك الأحاديث، والحُكم المفهوم من قوله سبحانه وتعالى: (لَا يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إلّا مَنْ ظُلِمْ)؛ فيُفهم النّهيُ هنا، أو حُرمة ذكر المساوئ والسلبيات، عن الحديث السلبي بشكل عام، إلا في حالة التعرّض للظلم، حيث يجد المظلوم نفسه مُضطرًا للتظلّم، وطلب النصرة والإنصاف والعدل من الآخرين، أو تحذيرهم من التعرّض لنفس ما تعرض له هو؛ وبناءًا على هذا التعارض بين الأدلة، يمكن القول: إن الأدلة المانعة عن ذكر مساوئ الموتى لا تطلق بشكل عام، وإنما ورد فيها التخصيص عندما تتعلق بحقوق الآخرين.
فقد إتفق الفقهاء على قاعدة حقوقية، تقول: (حقوق العباد مبنية على المشاحَة- أي- المطالبة، بينما حقوق الله مبنيةٌ على المُسامحة)؛ وبالتالي يرى كثيرٌ من أهل العلم، أن عموم هذه الأحاديث مخصوص، ثم بيّنوا أن المنهي عنه، هو غيبة الأموات، إلّا إن كان الميت فاسقًا مُجاهرًا بها، فلا غيبة له، والعنصرية والظلم وأكل حقوق الناس، أشد من الفسق وأسوأ منه، وهذا يجيز ذكر مساوئهم للتحذير منهم، والتنفير عنهم، ولإسترجاع الحقوق حتى ولو بعد هلاك الظالم.
وفي هلاك، الطيب مصطفى، عميد الفصل العنصري السوداني،
نقول: إن كتاباته ومواقفه فيها: عنصرية، وظلم، وإنتهاكٌ لحق الآخرين، بل فيها شططٌ بواح؛ ويعتبر الهالك هو الأول في التشفّي، وصاحب أسطورة الصحافة العنصرية؛ فكم من قراراتٍ وسياساتٍ مصيرية، أتّخذت بسبب كتاباته الساديّة، كانت مُهلكة للمجتمعات؛ ولم نسمع له يومًا واحدًا- حديثًا عن- القيم الإنسانية؛ كما أن صحائفه غزيرة بالمقالات والكتابات الموثقة، المعبّرة عمّا ذهبنا إليه، وعلى مَن يريد المزيد، نحيله إلى دار الوثائق السودانية، ليتعرّف على (وسَخ) الرجل عن قرب، ويسجل مواقفه وتعاملاته مع قضايا الأمة، للحكم على ماضيه وتاريخه.
وثمّة فرقٌ كبير: بين أن يعصي شخصٌ ما ربه، بذنب لا يقع فيه ظلم، ولا جور على أحد؛ وبين ذنبٍ ينتج عنه إعتداءٌ على حقوق العباد ومصالحهم، بل وأرواحهم؛ فالحديث عن الذنب الذي ليس به ظلم، فهو كشفٌ وتشهيرٌ، نهى عنه الشرع، ويُعدّ غيبة مُحرّمة، ينبغي فيه الستر؛ أما الحديث عن الذنب الذي فيه ظلمٌ وتجنّي على حق الغير، ففيه: تحذيرٌ، وإقتصاصٌ، بل وإسترجاعٌ للحقوق؛ وهذا ما عنيناه في كتابنا هذا، شهدنا ويشهد غيرنا هلاك أناسٍ، لهم تأثيرٌ سلبيٌ في تاريخ الأمة، نتجت عنها: قررات، ومواقف، ونصائح، وآراء، فقدنا بسببها أرواح بريئة، كما ضاعت أيضًا بسببها حقوق المئآت، بل الآلاف من العباد؛ فهل من المعقول أن ينسى التاريخ كل ذلك بمجرد الهلاك؟!!؛ وهل يُحرِّم الشرع بيان ذلك للناس!!، بالطبع لا!! وألف لا!!!.
لا ندّعي أننا على الصواب والكمال، كما لا ندّعي- والعياذ بالله- أننا نملك تصاريح الإذن بالدخول إلى الجنة؛ وإنما ندعوا إلى إعطاء كل ذي حقٍ حقه ومكانه المناسبين، فهناك فرقٌ شاسعٌ بين الحُكم على المصير الأخروي لشخصٍ ما، وبين بيان مواقفه الدنيوية؛ ودعُونا نسأل إن سلّمنا جدلًا بصحة- أنّ للهالك- محاسن، فما هي؟!!، ألم يكن الطيب وعموده (زفرات حرى)، سببًا في فصل الجنوب؟!!، وألم تكن زِفرًا وسُمومًا سرت بيننا تفتّتًا وتفرّقًا؟!!، ما زلنا نشتم روائحها كُرهًا وعُنصرية!!!، وأي دينٍ هذا- الذي يدعونا- إلى الدعوة له بالرحمة والمغفرة؟!!، ألم يقل الهالك: إن الجنوبَ سرطانٌ يجب بتره من جسد الوطن!!، وألم يذبح ثورًا أسودًا- تأكيدًا على- عنصريته، يوم إنفصال الجنوب!!؛ وتخيّلوا.. حتى إن إختياره للمذبوح كان أسودًا، لم يكن إعتباطًا!!، بل كانت له دلالاته العنصرية، وأوفى بما وعد، أنه سيجعل يوم الإنفصال، مثل يوم ذي قار، الذي إنتصر فيه العرب على الفرس.
إذًا دعونا كذبًا ونفاقًا وتضليلًا، ظل بعض الناس يمارسونه لعقود طويلة؛ وبالطبع فحديثنا عن فجور الهالك هو عِظة وموعظة للمنضوين تحت لوائه، والمؤمنون بأفكاره؛ وهي حربٌ كذلك على الظلم والعنصرية، التي فجّت وتينَ قومٍ لا ذنب لهم بها، وما أكثر المدّعين للقيم الإنسانية!!، ثم سرعان ما يهيمون في مستنقع الظلم والعنصرية ولوازمها؛ ألم تقرؤوا يا هؤلاء، أن الموت فيه كثيرٌ من الراحة للعباد!!؛ فهلاك، الطيب مصطفى، ورهطه، حقًا هو راحة للذين تضرّروا من سُمومه و(عفاناته)، ولذلك نقول: اللهم جازِه بقدْر ما قدّم، كما جازيت الهالكين من قبله، وبهلاكه اللهم أهلك كتائب العنصريين، والسائرين على دربهم، وأجرْنا خيرًا بفعلهم يا رب العالمين!!!
اللهم احسن خاتمة اعمالنا
لماذا يتم حجب التعليقات يا ادارة الراكوبة؟؟؟؟؟؟؟؟؟