مقالات وآراء

لا للصفح والعفو والتسامح الذي يهدر الحقوق

محمد حسن شوربجي

عجبت والله لتلك الاصوات التي تنادي بالعفو والصفح عن الكيزان.
عجبت والله لان  من يطالب بالعفو والصفح ليس له الحق في المطالبة بذلك.
فالامر كله يعود لاهل الدم وليس غيرهم.
فكيف بالله  تريدون  ان يستجيب اهل الدم لمجالس الصلح وبقانون عفي الله عما سلف ؟
وهل من عاقل في هذه الدنيا  يعفو ويصفح  وبسهولة عن كل بشائع ابادات دارفور التي قضت علي اسر باكملها؟
او هل من عاقل يسامح في تلك الارواح الذكية التي تم قتلها في ساحة الاعتصام ومن ثم تم رميها موثقة في النيل؟
او هل من عاقل يسامح مجرم  وقد اقر بقتل ٢٠ ضباط بدم بارد  ؟
فالتسامح احيانا يكون ضروريا حينما يتعلق الامر  باستحالة استمرارية الحياة.
او يبقي ضروريا ان كان الامر مهددا للامن القومي .
او ان كان الصراع مهددا للنسيج الاجتماعي.
اما غير ذلك فهو ضعف ومذلة ومهانة.
فالمفكر نيتشه يقول أن غاية الإنسان في الحياة هي السعي إلى امتلاك القدرة والقوة. ومن ثم فإن مطلب التسامح لا يعدو أن يكون سوى عقيدة للعبيد والضعفاء الذين يفتقرون إلى الإرادة والقدرة على الانتقام.
ويقول الالماني يوهان فولفجنج غوته  ان فرض التسامح يعبر عن ازدراء للغير، ومن ثم فالتسامح يجسد موقفا استراتيجيا يحط من الآخر  حيث لا يتم من خلال هذا الموقف الاعتراف به بالمعنى الحقيقي للكلمة.
كذلك يصف فولتير  التسامح  بالضعف والخطأ البشريين ليعود ويقول ان لا أحد منا يتمتع بالمعرفة الكاملة وبما أننا جميعًا ضعفاء ومختلفين وعرضة للتقلب والخطأ، ينبغي على كل منا أن يسامح الآخر على عيوبه.
وهنا دعونا  نتجول ولو قليلا في سوق القيم الاخلاقية لنري مكانة التسامح  في ذلك السوق.
فالتسامح في بلادنا نجده  يقرن بآيات واحاديث نبوية (ومن عفا فهو خير له ) و  (( إن أبغضَ الرجالِ إلى اللهِ الألدُّ الخَصِمُ)) والكثير غيرها.
وهذا شيء جميل.
ولكن ما لا نريده  ان يصبح التسامح  مطلقا فيتجاهل الناس حقوق  الضحية .
فما اجمل الصفح والعفو والتسامح في حياة الامم.
وما اجمل اخلاق رسول الرحمة حين دخل مكة    فاتحاً حيث جمع قبائل قريش من المشركين وهم الذين آذوه وحاربوه وأخرجوه من مكة مهاجراً، فقال لهم: يا معشر قريش، ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيراً أخ كريم وابن أخ كريم. قال: لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم الطلقاء، وعفا عنهم برغم ما كان منهم معه.
نعم نحن مع الصفح والعفو والتسامح ولكن دون ان ينقلب الامر ظلما عاي الضحية.
فنحن عاي قناعة باننا  بشر اسوياء ولن ندير ظهورنا للتسامح.
ولن نكون كتغلب وشيبان  وجاهلية حرب البسوس التي استمرت أربعون عاماً بسبب  ناقة.
ولكن سنقبل بالتسامح بضمان الحقوق في المقام الاول.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..