مؤتمر باريس وأصدقاء الأوقات الصعبة..

منير التريكي
المؤتمر كان فرصة طيبة ليعرف العالم عن السودان. وموقع السودان الإقليمي المهم وثورته وتنوعه ثقافاته . يعرف السودانيين على حقيقتهم وطموحاتهم ودرجة وعيهم وترحيبهم بالآخروعزمهم للمضي قدما رغم الخراب الكبير الذي أحدثه النظام السابق بالسودان.
العودة للمجتمع الدولي هو الوضع الطبيعي لكل بلد. فيما عدا دولتين فإن قرابة المائتين دولة هي في منظومة كبرى. لكل دولة مصالحها الخاصة وتوافقاتها مع غيرها من الدول والمؤسسات. هذا أمر يعزز الثقة ويجعل الدولة في وضع مريح للتحاور والتفاوض والتعاون والتعاقد وتبادل الخبرات والإمتيازات مع غيرها بدلا من حصر تجارة الدولة في أيدي بعض المشبوهين دوليا . منح النظام البائد الإمتيازات الضخمة لقلة مقابل العمولات التي كان يتقاسمها المتنفذون في السلطة. رغم أموال البترول والذهب وصادرات الثروة الحيوانية والصمغ العربي والحبوب الزيتية والمحاصيل الأخرى وتحويلات المغتربين وغيرها وصلت الديون الخارجية قرابة الستين مليار دولار. ثلاثة أرباعه الدين الخارجي متأخرت بسبب الطمع والجشع .تعمد افراد النظام السابق عدم السداد. أي دولار كان سيقلل وبصورة كبيرة من ديون السودان اليوم. لكن وبدلا من ذلك تهافتوا لملء الخزائن الخاصة بأموال الشعب العامة وتركوا ديونا حتى على الذين لم يولدوا بعد. افراد النظام السابق تملكوا مناجم الذهب التي استثمر فيها الأجانب وحولوها لمنفعتهم الخاصة بدلا من استثمار حكومي بنسبة محددة تذهب لخزينة الدولة. وللمفارقة فقد أخذوا هذه الإستثمارات الضخمة من الشعب السوداني ومنحوها لأولادهم وإخوانهم وأقاربهم . الأنانية والجشع والطمع وأكل أموال الناس بالباطل والظلم كلها لن تدفن الحق. مهما تكالب الفاسدون . مهما طال الزمن فإن نور الحقيقة الساطع سيبدد الظلام يوما ما .يمكن إصلاح ما خربه الفاسدون والأنانيون الذين رباهم الشعب وعلمهم وصبر عليهم ومع ذلك ظلموا وقهرواوقتلوا وسرقوا أهلهم ودمروا الوطن الذين منحهم كل شيئ.
هنالك فرص للمنح والدراسات والتدريب والإستشارات واكتساب الخبرات ووظائف في المنظمات الدولية والمشاركات الدولية في مؤتمرات ومهرجانات وفعاليات دولية وغيرها. كلها حرمنا منها افراد النظام السابق إما بجهل أو حسد لعدم تأهلهم لها أو إستغلالها لتحقيق أغراض سيئة أو بسبب عقوبات التي فرضها المجتمع الدولي ضد السودان. لسنوات طويلة تم حرمان السودان من الكثير من هذه الفرص التي يتاح بعضها احيانا كل سنة.
الحديث عن موارد السودان الكبيرة لن يجدي مالم يصحبه عمل جاد للإفادة منها لصالح المجموع. مالم تبذل جهود حقيقية للإنتفاع بهذه الموارد بالطرق السليمة فإن الحديث عنها فقط لن يحقق للبلاد شيئ .
مؤتمر باريس أوجد تحديات جديدة وهو ما يستدعي تجميع كافة الجهود لتسير وتاير التنمية المستدامة. هنالك فرصة طيبة لمراجعة الثغرات في القوانين ووضع تشريعات تواكب المرحلة وتشديد وتفعيل المواد التي تجرم التهريب والإحتكار والتخريب وتجارة العملة والحفاظ على موارد الدولة للأجيال القادمة ..لا يظلم الله أحد من خلقه. لقد منح الخالق كل فرد وكل شعب موارد وأمكانات تحقق له العيش الكريم ولكن هنالك شعوب تتقدم بجهود بنيها وبناتها وهنالك شعوب تتأخر وتتخرب بعقوق بعض أبنائها وبناتها. هذه فرصة نادرة للحائرين و المترددين للإنخراط مع بناة الوطن ليساهموا مع غيرهم كل حسب مقدرته. إغتنام هذه السانحة ليقدم كل مواطن لبلده ولأهله.مساهمة كل سوداني في مجاله وبفكره وجهده هو ما يقدم السودان للإمام بخطى متسارعة. لا زالت هنالك فرصة لأي فرد أو مجموعة للإنخراط في مسيرة بناء السودان إن خلصت النوايا فالوطن يسع الجميع .
الشكر لله والتقدير لكل من جعل ذلك ممكنا والتحية لكل من تفاعل وشارك وفرح بما تحقق.