
* لو كانت الشماتة جائزة وتليق بالأحرار؛ حق لنا ألا نقربها.. إنما الأوجب التأمل والإعتبار بمآلات الكائنات السياسية في بلادنا (سابقاً ــ الآن)! وزمن السقوط الحقيقي لم يحن بعد لوجوه ــ لا رموز ــ تفرض نفسها أو يفرضها الحال مؤقتاً بالفشل؛ وأكثر من ذلك.
* لقد ذهب كثير من الساقطين (فسدة أحزاب وعسكر ومنابر)؛ ذهبوا بالموت غير مأسوفاً عليهم.. وبَقِيَت و(بَغِيَت) الأكثرية لتذكرنا على الدوام بأن الحال الأفشل من بعضه..! ثم ما علينا كشعب سوى ركوب الصعاب أملاً في تحسين حياتنا من خرائب ومخلفات هؤلاء وأولئك؛ وأن نجازف بكل المُتاح في حياتنا لأجلنا؛ لأجل التغيير؛ وإكراماً ووفاءً لأرواح شهداء أفنوا شبابهم في سبيل الوطن وكنا نرجوهم للقادم الجميل.. كما علينا أن نجازف في جميع الأحوال ابتغاء للحق والأمان؛ فلا نبالي بالمثبطات والسوالب التي تقتحم وتزدحم في الآفاق.. أو كما قال الشاعر الكبير القدير محمد إبراهيم أبو سنة في مقطع أفضل من عشرات المقالات:
جازف.. فقد بعُدَ القريب
ومات من ترجوه واشتد المُخالف
لن يرحم الموت الجبان؛ ولن ينال الأمن خائف
القلب تسكنه المواويل الحزينة
والمدائن للصيارف
خلت الأماكن للقطيعة..
ــ من تعادي أو تُحالِف؟
جازف ولا تأمن لهذا الليل أن يمضي
ولا أن يُصلِحَ الأشياءَ تالِف
جازف..
فإن سُدَّت جميع طرائق الدنيا أمامك
فاقتحمها.. لا تقف..
كى لا تموت وأنت واقف..!
(2)
* تظل النظرة للكل السلطوي أكثر حيوية للتغيير؛ وأصَحّ (للثورة) من التحديق حيال فرد داخل السلطة.. وقد كنا نحدَّق طويلاً في الكُل (الإسلاموي) ونقاوم.. حتى سقوطهم.
مشكلتنا في السودان المتآكل على الدوام هي (قصر النفس ــ النظر) مع التفكير الحصري في لحظة الخلاص؛ دون تدوير لأسئلة على غرار (ثم ماذا بعد) ودون أفعال تصنع التغيير الأفضل؛ الراسخ؛ الرحيم؛ وتؤمِّنهُ بعيداً عن فتح شهية (الغول العسكري) ليكون الآمر الناهي في المشهد السياسي..! التغيير الذي يُشار إليه بالتمجيد.. بمعنى عام أن إرادة التغيير لا تخوننا إلّا بخيانتنا أو خيباتنا أو تقصيرنا.. وما اجتمعت هذه المعاني في كيان الآن أوضح من قوى الحرية والتغيير.
(3)
* على سبيل النموذج: جميعنا أو معظمنا كان ــ ومايزال ــ لا يمل الطعن في النائب العام السابق (تاج السر الحبر).. فلو أيقنا أن تغييره سيصلح ما أفسده العسكر فهذا هو المعنى الحرفِي للفشل وسوء التقدير؛ لأن (الأصل) إذا بقى بعد ذهاب (الصورة) سيكون البديل حبراً آخر؛ ولا حياء لدى العسكر يكفف سقوطهم في اختيار نائب عام من طينتهم؛ بل هُم قوم جُوف لا يعرفون سبيلاً للحياء والنجاح؛ إنما سبيلهم الكذب والإجرام عموماً.. ونظل نتلو بيت (أبو تمام) المُغلَّف بالحكمة كلما (فلقت) أحاديثهم النفاقية أسماعنا:
يعيشُ المرءُ ما استحيا بخيرٍ
ويبقى العــودُ ما بقىَ اللحاءُ
فلا والله ما في العـيشِ خـيرٌ
ولا الدنيا؛ إذا ذهـب الحـياءُ
أعوذ بالله
ــــــ
المواكب