مقالات وآراء سياسية

دروس وعبر في دفتر الثورة السودانية

(2/2) تحالف عريض ام تنسيقية عليا

تيسير حسن إدريس

المبتدأ: –
(قد يكون من السهل جدا صنع تاريخ العالم لو كان النضال لا يقوم إلا ضمن ظروف تؤدي إلى النجاح) ماركس.
الخبر: –
الجماهير لا تثور إلا إذا عرفت لماذا عليها أن تثور؛ فالثورة ليست هدفاً في حد ذاتها، وإنما هي وسيلة لتحقيق الأهداف بفعل واعٍ وإرادة حرة.
(9)
وضع جميع مكونات تحالف قوى الحرية والتغيير في سلة واحدة، هو أمر غير منطقي ولا عملي؛ كما أن تعميم وصف” الثوار “على جميع تلك المكونات؛ ليس منصف وفيه ابتذال للوصف؛ فثمة علامات استفهام كثيرة يصعب تجاوزها تدور حول دوافع واهداف التحاق بعض القوى بثورة 19 ديسمبر؛ آخذين في الاعتبار مواقف تلك القوى المعلنة من قضية الثورة طوال الفترة التي سبقت اندلاعها. إن المخاوف من استمرار الحراك الشعبي دون قيادة موحدة خطأ شائع لازم جميع تجارب الثورة السودانية؛ وهي مخاوف رغم تفهمنا لدوافعها إلا أنها تقفز فوق حقيقة أن الجماهير التي هزمت مخاوفها وقررت الخروج مؤمنة بضرورة التغيير؛ قادرة على تقديم قيادة من صلب صفوفها؛ ولا يمكن فهم أمر خروجها مستبقة كافة الأحزاب السياسية؛ إلا في سياق هذا البحث المحموم عن قيادة جماعية وغير تقليدية؛ لا يحق لأحد فيها فرض وصايته أو رؤيته؛ ويكون للجميع الحق في طرح الأفكار وحسم قضايا الخلاف بالأغلبية؛ قيادة ثورية حقيقية لا يزعم أحد فيها لنفسه احقية تاريخية او غالبية ميكانيكية تميزه عن الآخرين؛ ويبذل الجميع فيها ما في وسعهم من أجل إنجاز مهام الثورة.
(10)
صحيح أن الوعي والقيادة النشطة والتنظيم أمور مطلوبة كي ينتصر الحراك الثوري؛ ولكن هذا لا يعني بالضرورة قيادة مركزية وأحدة؛ ففي بعض الحالات والظروف قد يكون تعدد مراكز القيادة وحسن التنسيق بينها أجدى؛ ففي ثورة 19 ديسمبر قد كان واضحاً أن فئة الشباب التي مثلت القوة الضاربة للثورة؛ قد استشعرت أنها تستطيع صناعة تاريخ جديد ؛ بعد أن امتلكت وعيا يؤهلها لخلق قيادة ثورية جماعية من قلب الشارع؛ خلال مراحل الصراع الذي خاضته بكل بسالة؛ بعيدا عن الزعامات والرموز التاريخية؛ التي أخفقت مرارا في الخروج بالبلاد من عنق الزجاجة؛ ليأتي إعلان تحالف قوى الحرية والتغيير بمكوناته المتناقضة؛ ويقطع عليها الطريق؛ ويحد من إمكانية تقديمها لهذه القيادة المبتغاة.
(11)
وفقاً لمحصلة نتائج ثورة 19 ديسمبر التي اختطف تحالف (قحت) قيادتها؛ يتضح إن التسرع في إعلان هذا التحالف؛ قد جاء خصما على تحقيق اهداف الثورة المنشودة؛ فقد قطع الطريق على الجماهير الساعية لإبراز قيادات جديدة أكثر اخلاصا وحرصا على المسار الثوري؛ وبلورت رؤى وفكر ثوري جديد؛ وقد رأينا لاحقا كيف أن غالب مكونات هذا تحالف (قحت)؛ لم تكن حريصة إلا على مصالحها؛ ولا يهمها من أمر الثورة سوى كراسي السلطة؛ لحد التفريط المخزي في مدنية الفترة الانتقالية؛ باعتماد المكون العسكري كشريك فيها.
(12)
غياب القيادة الموحدة للثورة؛ ما كان ليمثل مشكلة على الإطلاق؛ لا سيما وأن المطلب الرئيسي للثورة المتمثل في شعار (تسقط بس)؛ قد كان متفق عليه من جميع القوى السياسية المشاركة؛ وهي ذات القوى التي اندلع بينها صراع مخزي ؛ بمجرد فراغها من انجاز الهدف الرئيس؛ ليبرز الخلاف حول من له الاحقية في تمثيل سلطة الفترة الانتقالية؛ على الرغم من الاتفاق المسبق الذي اقرته الوثائق؛ التي نصت على تولي كفاءات مستقلة لسلطة الفترة الانتقالية؛ تلتزم بتنفيذ برنامج محدد بأجندة وسقوف زمنية محددة لتفكيك النظام البائد واحلال السلام في ربوع البلاد ورفع المعاناة عن كاهل الجماهير؛ أدى الصراع البائس الذي اندلع للبطء في تنفيذ هذه الأجندة؛ واهمال استكمال مؤسسات وهياكل السلطة فلا مجلس تشريعي تكون؛ ولا محكمة دستورية أنشئت؛ دع عنك ترف تأسيس حركة نقابية معافاة !!؛ فكيف لسلطة انتقال مدنية أن تعمل؛ في غياب مؤسسات الحكم المدني المتعارف عليها ؟؟.
(13)
المعلوم أن تحالف قوى الحرية والتغيير “قحت”؛ قد ضم ثلاث كُتل سياسية رئيسية مؤثرة وهي: نداء السودان؛ وقوى الإجماع الوطني؛ والتجمع الاتحادي المعارض؛ بنيت هذه الكتل في الغالب على أساس توافق المصالح وتلاقي البرامج والاهداف؛ ومن هذا المنطلق تبدو فكرة (التنسيق) بينها؛ هي الأجدى من فكرة (التحالف)؛ التي تتطلب قدراً من التوافق في البرامج والاهداف؛ كما تستوجب اتفاقاً ملزماً قابل للتنفيذ على برنامج حد أدنى؛ لكافة مراحل الثورة (اسقاط / انتقال / بناء)؛والذي اتضح من تجربة ثورة 19ديسمبر؛ والتجارب الثورية التي سبقتها صعوبة الوصول إليه؛ وإن تم على الورق لا ينفذ ولا يلتزم به على أرض الواقع؛ في ظل الاخلاط السياسية؛ المتنافرة التوجهات؛ المتعارضة المصالح؛ فقد لمسنا وعايشنا عدم الالتزام ببرامج الحد الأدنى المتفق عليها؛ حاليا ومن قبل في ثورتي أكتوبر 1964م وابريل 1985م؛ فلما الإصرار في كل مرة على تجريب المجرب؟ لا اعتقد ان العقل السياسي السوداني المبدع؛ قد عقر عن استيلاد صيغ تلاقي أخرى لمكوناته السياسية؛ نستطيع عبرها ومن خلالها العبور بالوطن لبر آمن؟!.
(14)
في اعتقادي أن خلق (تنسيقية عليا)؛ تضم ممثلين لكافة القوى المشاركة في الثورة بنسب تمثيل متكافئة؛ تنسق أمر الثورة وتعمل على انجاز أهداف كل مرحلة من مراحلها؛ هو الوضع العملي الأمثل للحالة السودانية؛ يعضد هذا الطرح تاريخ الثورات الثلاث؛ بما فيها ثورة 19 ديسمبر 2018م التي لا تزال احداثها تتفاعل على الأرض؛ فمرحلة (اسقاط النظام) والتي يبدو أمر الاتفاق عليها سهل؛ نرى أن الاتفاق عليها قد اعترته العديد من الصعوبات؛ والخلافات بين الكتل؛ وقد رأينا جميعا كيف أن كتلة “نداء السودان” قد ظلت حتى الفترة الأخيرة التي سبقت الثورة؛ متمسكة بخيار مساومة النظام البائد؛ ومضت بعض مكوناتها الى أكثر من ذلك وبدأت فعليا في تأهيل كوادرها لخوض انتخابات 2020م؛ التي كان النظام البائد عازماً على عقدها؛ وهكذا ظللنا لأعوام عديدة سبقت انطلاق الثورة؛ نراوح في نكاف عقيم بين الكتل المعارضة؛ حول ما هو الاجدى؛ هل هو (ثورة) كما كانت تتبنى بوضوح كتلة (قوى الاجماع الوطني)؛ ام (إصلاح ومساومة) كما كانت تدعو كتلة (نداء السودان)؛ واستمر الحال على هذا المنوال؛ حتى خرجت الطليعة الثورية بالجماهير إلى الشارع؛ منتصرة لخيارها؛ ومجبرة الآخرين للالتحاق بها.
(15)
كل هذه التعقيدات التي اضاعت سنوات ثمينة من عمر شعبنا؛ قد كانت تعقيدات مرحلة واحدة فقط من مراحل الثورة؛ وهي (مرحلة الإسقاط)؛ التي يعتبر الكثيرون أن الخلاف حولها اقل تعقيداً؛ وها نحن اليوم نعايش تعقيدات مرحلة (الانتقال) الأكثر حدة؛ ولا أظن انني بحاجة للتفصيل فيها؛ فالمشهد الكئيب الحاضر يغني عن السؤال؛ ويشي بأن مرحلة (البناء) التي من المفترض أن تليها؛ قد لا نصل إليها أبدا من فرط حدة هذه التباينات؛ التي أدت في نهاية المطاف؛ الى اختطاف كتلة “نداء السودان” دون وجه حق لمجمل سلطة الانتقال؛ في محاولة ساذجة منها لفرض برنامجها وقناعاتها الاصلاحية على الشعب السوداني؛ خارقة بذلك كافة المواثيق والاتفاقات التي وقعتها مع بقية الكتل؛ في تحالف “قحت” مستقوية بالمكون العسكري الذي اعتبرته شريكاً في الثورة؛ رغم أنف الجميع جارحة بهذه الشراكة الآثمة؛ كبرياء الدولة المدنية.
(16)
لقد ثبت من تجارب شعبنا الثورية؛ ان ما يعيق عمل التحالفات السياسية المرحلية؛ هو الاختلاف في استراتيجية إدارة عملية التغيير؛ نلحظ هذا بوضوح في مواقف كتل تحالف قوى الحرية والتغيير؛ فبينما تنتهج مكونات كتلة “نداء السودان” استراتيجية براغماتية؛ تهدف لتحصيل المكاسب المتاحة؛ والسعي لكسب المزيد؛ نجد أن استراتيجية المكون الرئيسي؛ في كتلة “قوى الاجماع الوطني”؛ وهو الحزب الشيوعي -قبل انسحابه بالطبع-؛ قد كانت تعتمد على قوة دفع الجماهير الثائرة؛ لانتزاع المكاسب دفعة واحدة وليس بالتقسيط؛ وهنا مربط الفرس؛ ومكمن عدم التناغم والانسجام؛ وظهور التباينات الحادة في المواقف.
(17)
وحتى لا نطلق الحديث على عواهنه؛ هناك شواهد عديدة تفضح عدم الانسجام وحدة التباينات التي ذكرنا؛ مثال لذلك إصدار الحزب الشيوعي بيان بتاريخ 13 ابريل 2019م؛ اتهم فيه بعض قوي التحالف بتغييب عضوي كتلة “قوى الإجماع الوطني”؛ قصداً وعمداُ رغم تواجُدهم في ذات المكان عن اجتماع القيادة؛ الذي تمت فيه مناقشة امر الشراكة مع العسكر؛ تبعه بيان آخر من الحزب الشيوعي بتاريخ 29 ابريل 2019م؛ أي قبيل توقيع اتفاق الشراكة في محاولة أخيرة منه لقطع الطريق على الاتفاق؛ داعيا الجماهير الى التصعيد رفضا لاتفاق الشراكة مع العسكر الذي اقره تحالف قوى الحرية والتغبير بغالبية مكوناته السياسية. كذلك بيان حزب الامة القومي المؤرخ بتاريخ 28 مايو 2019 الذي دعا فيه ببرغماتية للأخذ بالمكاسب المحققة والبناء عليها؛ هو شاهد آخر يشهد على حدة الخلافات بين مكونات تحالف “قحت”. من هنا يمكن أن نخلص الى أن صيغة (التحالف العريض) قد ثبت -بعد كل هذه التجارب-عوارها في عدم التوافق على استراتيجية إدارة عملية التغيير، فضلا عن الترهل في حجم المكونات؛ الذي يعيق حركته السياسية؛ ويصعب أمر اتخاذ القرارات؛ الهامة والمصيرية في التوقيت المطلوب.
(18)
مما تقدم ايضاحه يتضح انه من الصعوبة تحقيق اهداف الثورة بتحالف عريض مكوناته متناقضة في توجهاتها وبرامجها؛ وإن استمرت الفترة الانتقالية بسلام بقدرة قادر؛ ووصلنا الى نهاياتها بعد رهق ونصب؛ فسوف نصل دون شك؛ بصف وطني مرهق ومهلهل؛ لا يقوى على انجاز أهداف مرحلة (البناء) التي تلي الفترة الانتقالية وهي الأكثر تعقيدا؛ وتتطلب توافقاً تاماً بين جميع مكونات المجتمع السياسية؛ وتضافرا مخلصا لجهود كافة أبناء الوطن؛ قد شهدنا هذا الفشل في التجربتين السابقتين وأخشى أن نكون موعودون بخوض وحل هذا الفشل لمرة ثالثة.

(19)
إذا المخرج العملي من وعثاء هذا الفشل في اعتماد صيغة “التنسيقية العليا” للكتل عوضا عن صيغة “التحالف العريض” المعمول بها؛ فصيغة “التنسيقية العليا” تعد الأمثل للحالة السودانية؛ لأنها تحد من غلواء المناكفة البينية؛ بمنحها لكافة مكونات الكتل؛ كلا على حده حرية الحركة والتصرف؛ وحرية صياغة البرامج وفق قناعاتها؛ وطرحها للشارع السوداني الذي يختار من بينها؛ ما يراه أصلح لخدمة مصالحه؛ وتطلعات غالبية شرائحه الاجتماعية؛ هذه من جهة ومن جهة أخرى؛ تحمي صيغة التنسيقية؛ الثورة من السرقة والاختراق او الاختطاف؛ على يد المكونات السياسية التي ادمنت ادعاء الاحقية التاريخية في السلطة؛ استنادا على غالبية ميكانيكية؛ وترجع أمر التفضيل والاختيار بين البرامج المطروحة؛ للشعب وحده صاحب الحق الأصيل في هذا القرار.

تعليق واحد

  1. شكراً للأستاذ تيسير على هذا التحليل الصائب كما عودنا، والتوصيف الدقيق لما يسمى بقوى الحرية والتغيير ومكوناتها من أحزاب الهبوط الناعم ضمن قوى نداء السودان (الأمة وحركات التمرد) أو ضمن قوى الاجماع الوطني (اليسارية الشيوعي والعروبوية والجمهوري) أو التجمع الاتحادي المعارض ومن بين هذه الكتل فقد شذ الشيوعي والأمة وهما السبب الرئيسي في عرقلة التنسيق المفترض بينها وبين قوى الثورة والتغيير الحقيقية وهي مكون المهنيين بدون من ادعوا زعامته وهو النواة التي تكونت عليها قوى الثورة (قوى الحرية والتغيير) قحت.
    وكما أوضحت في مقالك عدم وجود الاستراتيجية الموحدة وبالتالي عدم امكانية التنسيق بين هذه الكيانات ولا يصح عندي تسميتها بالكتل لأنها ببساطة ليست كتلاً ذات شأن جماهيري اليوم وليس عام 1989م، فشباب اليوم هم صناع وأصحاب الثورة ولم يشاركهم فيها أحد من هذه الكيانات التي أكل الدهر عليها وشرب ولا زالت تتوهّم بأن الزمن قد توقف على حالهم آنذاك ولم يتغير شئٌ، أو من هذه الحركات التي نشأت معارضة للنظام البائد في أول عهدها وهزمها النظام البائد في آخر أمرها إما بقبول بعضها للفتات الذي ألقى به النظام إليها ثم ضمها لحزبه الحاكم لتسبح بحمده إلى أن سقطت معه – وإما بهزيمة بعضها عسكرياً وطردها بعتادها خارج السودان ليتواروا في دول الجوار إلى أن سمعوا بأن الشباب قد أسقطوا النظام وقد دهشوا لذلك لأنهم كانوا يراقبون الثورة السلمية ولا يعتقدون في صمود وقدرة شباب هذا الجيل في اسقاط النظام الذي طالما عجزوا هم في هزيمته بسلاحهم وعتادهم ومناصرة الدول التي تدعمهم!! وللأسف، لسير الأمور على نحو غير منطقي، جنت الحركات المتمردة المسلحة ثمرة نضال الشباب وتضحياتهم بأرواحهم وهم عارين الصدور وبدون أي سلاح وهاهم يتربعون على قيادة مؤسسات السلطة الانتقالية- وبدلاً من أن يشكروا الشباب وثورتهم يريدون استغلال الوع لتوجيه الحكم حسب انتماءاتهم وقد كانت غاية أمانيهم بعد هزيمتهم وهروبهم للخارج أن يتمكن أحدهم من العودة ليعيش مواطناً عادياً بقية عمره ولكن النظام الذي أسقطه الشباب كان لهم بالمرصاد فلم يجرأوا على التفاوض مع حكومة الثورة حتى بعد سقوطه وفيها المكون العسكري – تلك اللجنة الأمنية للنظام البائد التي تحتفظ لهم بملفاتهم الأمنية وأحكام الإعدام الجاهزة للتنفيذ لولا شباب الثورة ووثيقتهم الدستورية برغم تشويهها بعمل وجهل وخيانة قانونيي هذه الكيانات التي تعمل من داخل الثورة على تفتيتها وكأنها حانقة من الثورة على احتمالية حصولها على نصيب من مساومة النظام قبل سقوطه وبعده من اللجنة الأمنية له أكبر مما جنته من الثورة!!
    خلاصة القول في نظري، وبالنظر إلى ما برهنته أنت من استحالة اتفاق هذه الكيانات المتنافرة المتحاصصة التي لا تفهم في الاستراتيجيات شيئاً على أي تنسيق استراتيجي فيما بينها بل هم لايدركون حتى استراتيجيات العسكر التي تعاملوا بها معهم حتى اليوم واتفاقية جوبا وتغيير الحاضنة وهم جالسون فيها مثال على ذلك – أرى أن يظل الشباب وشارعهم العام ولجانهم وتروسهم هم ممثلين للشعب بأجمعه والشرعية الثورية – وكان على حمدوك أن يفهم هذا ولا يأبه للمجلس المركزي لقحط في اختيار غير التكنوقراط ورفض كافة قرارات مجلس قحت بالمحاصصات – خاصة وأن قي ذلك كله مخالفة للوثيقة الدستورية – ولو كان شجاعاً أو حاملاً للمواصفات التي تصورها فيه الشباب بأنه فاهم لأهداف وشعارات الثورة والقيم التي تنادي بها وحجم التغيير الذي تنشده – وقبل كل شيء إدراكه المعبر عنه باستمرار في إعلام الدولة بأن حاضنته السياسية هي الشارع وأنه سينفذ رغبةات شباب الثورة المعبر عنها في شعاراتها ووثيقتها الدستورية المؤقتة وأنه سيرجع للشارع في أيخلاف بينه وبين قحت أو مجلس السيادة المهيمن عليه بالعسكر – ولكن وللأسف تبين أن حمدوك لا ثورجي ولا فاهم لأهداف الثورة وبالذات شعار التغيير، فلم يغير شيئاً من نظم إدارة الدولة واحتوتهم الدولة العميقة وسَيّرتهم (مشّتْهُم) على النظم الموروثة من النظام السابق وقع الحافر على الحافر فوجدنا أنفسنا محكومين ما زلنا بكل قوانين النظام السابق ونظمه وأساليبه في إدارة شئون الدولة في التوظيف والتصرف في المال العام وفي كل شيء حتى في قمع حرية التظاهر أو مجرد التجول في شوارع الخرطوم التي صار بعضها تحت سيطرة الجيش دون أحكام طواريء شرعية معلنة، بل يستخدم فيها الذخيرة الحية لتزهق بها الأرواح لمجرد التجوال!
    عليه يجب الشروع فوراً في الاعلان عن وظيفة رئيس مجلس وزراء بالمواصفات الواردة أو المفهومة من الوثيقة الدستورية وكذلك وظائف الوزراء كل على حدة شريطة أن يقدموا سيرتهم الذاتية وتعهداتهم بالقبول بما يخصص لهم من رواتب وسيارة واحدة للاستعمال الرسمي وسيارة للخدمات عند اللزوم تطلب من إدارة الخدمات وتخرج من الوزارة عند الأمر بذلك وأن يتعهد كل وزير بعدم اتباع أي توجيه حزبي أو قناعة حزبية في أداء واجباته وأن يراعي فق مصلحة الدولة – وأن تكون صيغة قسم الوظيفة فيها ما يشير إلى اتباع وتنفيذ مطلوبات الشارع العام بعد نقاشها وتحديدها في مجلس الوزراء الخ. وفور الحصول على الطاقم المطلوب يقدم حمدوك ووزراؤه استقالاتهم!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..