مقالات سياسية

(جحا أولي بلحم ثوره)

أسامة ضي النعيم

في المثل الشائع أن جحا في  اخر المطاف استأثر بلحم ثوره وأكله منفردا ، اعتذر لجميع الجيران بحجج فصلها لكل فريق من الذين دعاهم ليطعمهم لحم الثور والحجج كانت بليغة مكنته من الفوز بقسمة لحم ثوره علي ( بنت أم روحه).

في السودان نحي الحكام عندنا وعملوا بعكس حكمة جحا ، مجلس السيادة يوزع أراضي الفشقة للإماراتيين ثم الهدف في مقبل الايام أن  يتبعها لاحقا بحلايب وشلاتين لقمة سائقة بين أسنان الامارات واسرائيل ، السيدة الفضلي وزيرة الخارجية ومن منصات مصرية تدعو الاكلة للقصعة ليتكالب المصريون علي الاراضي الشاسعة لاستثمارها واستعمارها كما في أزمان قريبة ، أبيي يتراخي الجميع عنها ، هكذا توزع لحم ثورنا بين الاكلة وظفر الجيران  بجل لحمه عطاء وتفاخرا من حكامنا.

فاشلون حكامنا حتي في قسمة عطايا هي الاغلي فارض الاجداد لا تستقطع للأجنبي بل تفديها الارواح  ، يرفع العالم الحواجب متعجبا من صنائع حكامنا ، يطلبون من الغير اعفاء الديون واستقدام الاموال لاستثمارها في أراضي السودان  ، الخصب من أرض  السودان يذهب عطايا تكاد تكون بلا مقابل يحوزها الاجنبي مهما علا ، سر احجام العالم عن الوفاء بوعوده و تباطؤ الاندفاع للاستثمار في السودان  ليس  بحابس وباء لكورونا بل بحابس سوء التدبير الذي يشاهده من حكامنا في منح وتوزيع الاراضي ، فمن سهل عليه توزيع أرض الاجداد بتلك الاريحية وذلك العبط لا يؤتمن علي حقوق الغير يحميها بين ظهرانيه. 

الترتيبات الامنية لإنفاذ مطلوبات سلام جوبا يعيقها نقص التعيينات ، لا أقصد بها الوظائف تقسم بين النخبة بل تلك التي تحتاجها مطابخ المدارس الداخلية وتجمعات الجند في معسكرات التدريب ، التعيينات تتضمن اللحم والطحين والبصل ومطلوبات اعداد الوجبات وتصل أيضا الي كسوة التلاميذ وتحضير أسرة النوم وما يليها من ضروريات ،  تحضيرتلك التعيينات لم يكن يحتاج الي أكثر من موسم زراعي واحد فات علينا استثماره والاستفادة منه من بعد توقيع سلام جوبا ، توزيع اراضي دارفور والفشقة الي مستثمرين مغتربين من أبناء السودان لزراعتها فور ابرام سلام جوبا لإعداد معينات الاهل في المعسكرات لا يحتاج الي تفكير وتدبر ولتوفر لنا ما يسد الجزء الاكبر من تعيينات الترتيبات الامنية.

شراكات بين جهاز المغتربين ممثلا لحكومة السودان يمثل رأس الرمح والعنوان الذي يستقطب أسهم أبناء السودان في الخارج لإقامة  شركات متخصصة في أقاليمهم ، أبناء دارفور الذين يجوبون العالم بين المحكمة الجنائية ووقفات أمام البيت الابيض الامريكي لهم القدرة والطول لإنشاء شركة زراعية في زالنجي أو الجنينة فقط لزراعة الذرة وتصديرها الي دولة جنوب السودان وذاك صنيع نحاكي فيه  جحا اذا استلهم جمعهم حكمته ويكون اللحم لنا .

ليست بدعة ، فجذب استثمارات أبناء البلاد التي تسعي للتنمية هي المحرك والقاطرة الاولي للاستثمارات الاجنبية لتخطو الاموال الاجنبية الخطوة التالية في تتبع لخطوات أصحاب الارض ، في الهند وإسرائيل ساهمت أموال المهاجرين في بناء تلك الدول ، في السودان تنقصنا الارادة السياسية لجذب اموال السودانيين في الخارج ، ينشط بنك السودان فقط في دفعهم للجوء الي السوق الموازي  والاحتفاظ  بعملاتهم الحرة بعيدا عن النظام المصرفي  حبيس التخلف وعقليات تجار العملة وأساليب العمل القديمة ، اصدار الدولة ممثلة في وزارة المالية لحوافز لشركات المغتربين من قبيل منح أرض سكنية بالسعر الرسمي  للمغترب الذي يساهم في شركة حكومية تعمل في مجال الزراعة أو تربية الانعام وتمضي علي مساهماته ثلاث سنوات مثلا، الحوافز الطاردة ظهر أثرها في مشروع سندس حيث استأثر بعض النافذين بأموال المساهمين واستخدموها في تملك بعض البنوك.

جحا أولي بلحم ثوره ، حكمة وهي الان ضالة وزير المالية الدكتور جبريل ابراهيم وهو يصارع – أعانه الله—لتوفير سبعمائة مليون دولار لإنفاذ بعض مشروعات مناطق دارفور ، وزير الدفاع في سعيه لإدماج الجنود وتكوين جيش قومي للسودان يحتاج  لحكمة جحا لتوفير اللحم والغلة السودانية ، ثم هي حكمة يستلمها الدكتور حمدوك رئيس مجلس الوزراء لإكمال الواجبات المنزلية السودانية والتي تكون بمثابة دعوة للأجانب للإيفاء بوعودهم نحو الاستثمار في أراضي السودان . 

وتقبلوا أطيب تحياتي.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..