مقالات وآراء

صيغ التمويل الإسلامية قراءة واقعية 

أمجد هرفي بولس 

جاءت الحوجة لصيغ التمويل الاسلامية لدرء شبهة الربا والذي حرمه الدين الإسلامي . اما الفكرة الرئيسية التي انبثقت منها جميع الصيغ الاسلامية التمويلية من مشاركة ومرابحة ومصانعة الخ تقوم على اساس واحد هو مشاركة الممول بكسر الواو للممول بفتح الواو.
عندما بدات البنوك الإسلامية في السودان عملياتها التمويلية بدات بصيغة المشاركة وهي الاقرب لفكرة التمويل الاسلامي ففي صيغة المشاركة لا يتم تحديد ارباح مسبقة عند تنفيذ عملية التمويل وانما يتم الانتظار لحين انتهاء العملية ثم حساب الارباح او الخسائر وتحميل الطرفين نصيبيهما منهما بالتساوي.
ولكن ياللاسف فان كثير من التجار احتالوا على البنوك وقدموا ما يفيد بان عملية المشاركة خاسرة .
عندما ادركت البنوك ان صيغة المشاركة سوف تفقدها راسمالها في نهاية المطاف تفتقت زهنيتها البراغماتية عن صيغة المرابحة وهي صيغة شبيهة بالتمويل الغربي حيث أن البنك ياخذ على الممول بفتح الواو رهنا غالبا ما يكون عقاريا ويقوم البنك بتحديد نسبة الارباح مسبقا وهذه الخطوة بالذات لا تتماشي مع الفكرة الاساسية للتمويل الإسلامي ، فكيف للبنك او غيره ان يحدد نسبة ارباح هي في علم الغيب ومن ادري البنك ان العملية سوف لن تشتمل علي خسائر بدلا عن ارباح ؟.
اما الاختلاف بين صيغة المرابحة والتمويل الغربي ان المرابحة تلزم الممول بفتح الواو بان يرجع للبنك مبلغ التمويل مضافا اليه الارباح في نهاية العملية وبهذا يكون البنك قد تجنب الدخول في سعر الفائدة المركب والذي يحدث فى التمويل الغربي ناتج وضع فوائد علي الفوائد.
هذا من ناحية المحاسن ، اما من ناحية المساويء فان ارجاع مبلغ التمويل مضافا اليه الارباح ادخلت الي السوق السودانية صيغة الكسر والكسر او البضاعة المكسورة لمن لا يعرفها فهي اضطرار التاجر لان يبيع بضاعته باقل من تكاليفها عند حلول اجل المرابحة وخوفا من ان يضع البنك يده علي عقاره المرهون.
اما السؤة الاخري وهذه مرتبطة بالتدهور المستمر لقيمة العملة السودانية فهي مماطلة التاجر في ارجاع المبلغ للبنك وذلك لعلمه انه كلما ماطل كلما قلت القيمة الفعلية للمبلغ الشيء الذي احدث اثرا مدمرا علي البنوك السودانية وبالتالي علي الاقتصاد السوداني  ،بينما في التمويل الغربي فان التاجر يسرع في ارجاع المبلغ للبنك وذلك لتجنب الفائدة المركبة وفي واقع الامر فانه في ظل التضخم فان كل دائن خاسر وكل مدين كاسب واما هذه السؤة فيمكن ان تتجنبها البنوك عبر طرح مرابحات دولارية الشء الذي بدات بفعله بعض البنوك غير انه لم يجد اقبالا من  التجار.
اما مكمن الخلل الحقيقي في الصيغ التمويلية الاسلامية في رأيي يكمن في ان فكرة البنك اساسا فكرة غربية قائمة علي النقود ليس الا فبنية البنك هي بنية مالية بحتة لا علاقة لها بتجارة او صناعة او زراعة  ،فاذا اردت ان تطبق هذه الصيغ تطبيقا صحيحا وليس صوريا كما يحدث اليوم فلابد من تغيير بنية البنك لكي يكون به خبراء تجاريون وزراعيون وصناعيون لكي يستطيع البنك الدخول في شراكة حقيقية مع الممولين .
تدور في هذه الايام اخبار عن الرجوع الى صيغة التمويل الغربي جزئيا في السودان فهل التمويل الغربي هو ربوي بالفعل ؟ اي ان هل هذا هو  الربا الذي حرمه الاسلام وجميع الاديان؟.
لست متفقها في اي دين من الاديان ولكن حسب اعتقادي المتواضع ان الربا الذي حرمته الاديان هو استغلال الاغنياء للفقراء عبر تمويلهم لسد حوجتهم عبر فوائد يتم عبرها استعباد الاغنياء للفقراء  ولكن هل تمويل البنك للتاجر هو تمويل غني لفقير ؟ لا اعتقد هذا فالتاجر عادة ليس فقيرا انما ياخذ التمويل لتمويل تجارة او صناعة لا يجد لها راس مال مقابل فائدة معينة مثل عملية ايجار المنازل و الاراضي بصورة عامة والانتفاع منها في فترة زمنية محددة مقابل اجرة معينة فلماذا لا ينتفع التاجر بالمال في فترة زمنية معينة مقابل فائدة معينة.
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..