حكومة ‘مثلث حمدي’ وصراع البقاء..الخرطوم والحرب ‘المقدسة’ على السودان

على إثر تفجر صراع الهامش / المركز مجددا في ولاية النيل الأزرق بين الحكومة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان، قالت الحكومة السودانية من جانبها وعبر وسائل إعلامها الرسمية والتعبوية وعلى المستويين السياسي والعسكري أن حملتها العسكرية لا تنتهي إلا بالصلاة في مدينة ‘الكرمك’ الواقعة على الحدود بين السودان وأثيوبيا، فضلا عن كونها تشكل ‘مركز القيادة العسكرية للجيش الشعبي’- وهنا لا ندري أهي صلاة للإنتصار أو الإستسقاء أو صلاة الجنازة – فيما الجانب الثاني قال وفي وقت سابق أن ‘أزمة السودان لا تحل إلا بدخول القصر الجمهوري السوداني’.
وأمام الإرادة الحكومية ‘بالصلاة في مدينة الكرمك’ وإرادة الثوار في ‘السيطرة على القصر’، نجد أنفسنا نحن السودانيين في واقع غريب ولكنه ليس بجديد ولا مفاجىء بل هو محصلة طبيعية لتراكم الخلل السوداني والذي هو بجد هذه المرة كبير وخطير وجميل في نفس الوقت، حيث ما فتئت النظم السودانية تعمل على فلسفة اللاوطن في تعاطيها مع الشأن السوداني، فيما القوى التي تعارضها تكرس جهدها لأجل الوطن وإنسانه والحفاظ عليه. هكذا وفي ظل هذا البون الشاسع بين معادلتي الوطن واللاوطن وجد السودانيون أنفسهم أمام فلسفات متعارضة ومتوازية ويأتي هذا في ظل مزاعم دعاة اللاوطن في كونهم وعلى الدوام يعملون لصالح الوطن وفي روايات أخرى حماية الدين والذي يمتد فيما يعتقدون إلى الفوز حصريا بالآخرة.
حكومة ‘مثلث حمدي’ وصراع البقاء
يتبين مما سبقت الإشارة إليه وبشكل جلي – خصوصا بعد قسمة السودان – أننا اليوم أمام فعل منظم ومقصود ومرتب، فيه ‘الخرطوم’ حيث مركزية إدارة الإستعمار وأدواتها تشن حروبا ضد كل السودان، هذه الحروب منها ما هو فعلي وآخر رمزي والتي تختلف تصنيفاتها ودرجاتها ما بين الحرب وفق التعريف الدولي والحرب التي ترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية وإلى حرب الإبادة، والثابت حتى كتابة هذا المقال هناك أربعة مواقع/ أقاليم سودانية معلنة تجري فيها الحرب، وذلك على إعتبار أن الحروب ومستنقعها تمثل ثقافة أساسية لإدارة الصراعات في السودان وفق تاريخه الحديث، كما هو عنوان مهم بل أساسي لحسم الصراعات أو الفصــــل فيها أو تحقيق إستحقاقات أكانت مطلبـــــية أو سياسية في إطـــــار جدلية الصراع السوداني والتي تحمل أوجها عدة كما لا تحددها دائما معاني وفلسفات الديمقراطية ونظـــــــم الدولة الحديثة وسيادة القانون وإنما هنالك مستويات وواجهات أخرى لثقافة الصراع السياسي السوداني، حيث دخل فيها سيما في عشرينية الرصاص الحمراء السودانية الأخيرة ‘إنقلاب البشير/ الترابي على السلطــــة’ الشكل القبائلي والمناطقي والجهوي والتاريخي والعرقي والتي باتت محددا تضاف إليها محددات أخرى بعدما وضعت الخرطوم ‘ الغردونية – الإستعمارية – ثالوث العرق والجهة والدين كأيدولوجيا رسمية تدار بها كل أنشطة الفعل السياسي السوداني.
بهذا المعنى، وبالنظر إلى جدلية الصراع السوداني الحالي تدير الخرطوم الرسمية أو بشكل أكثر دقة حكومة ‘مثلث حمدي’ السودانية – وهو المثلث الإفتراضي الذي يتمدد في مساحات معينة في السودان وضعته دولة الإنقاذ في تسعينيات القرن الماضي ضمن الخطط الإستراتيجية لإقامة دولتهم المرتقبة والمسماة وفق الأدبيات بمثلث حمدي – حروبها بوعي وإدارك تامين، إن كان على مستوى الخطاب أو الغاية أو الهدف الإستراتيجي، في مراحله القريبة أو البعيدة ضد الجهات الاربع في جمهورية السودان والتي تصنف مجازا بالهامش السوداني، وهي ممثلة في إقليم دارفور وجنوب إقليم كردفان وأبيي والنيل الأزرق والتي في مجموعها هي في حالة طواريء دائمة، هذا بالإضافة للهوامش السودانية الأخرى، في الشمال وشمال الشمال والشرق. حيث الدولة كلها في حالة طواريء ونزوح ولجوء، وكلها مظاهر تجسد مشخصات السودان اليوم.
مفاصة تاريخية وتأريخية
على تلكم الشاكلة، وعلى ضوء معطى حراك التاريخ السوداني وفي أحد أهم مفاصلة له وهي تاريخية وتأريخية بإمتياز – مع مؤسسة المستعمر الداخلي – ولفائدة نهوض السودان بعد إضمحلاله وتراجعه، نجد أن حكومة مثلث حمدي السودانية ولغاية التشبث والإستعراض تخوض اليوم حروبها ‘المقدسة’ والنهائية تجاه تلكم الجهات والشعوب، وقداسة تلكم الحروب بالطبع نعلم أن لها موروثها الثقافي والحضاري والتاريخي وإن شئت قل الجهوي والعرقي كما لها دلالاتها في الوعي واللاوعي لدى السلطان والمؤسسة، بالتالي في هكذا حال لا تحمل معها – أي حروب الخرطوم ضد الجهات الأربع – أي شكل من أشكال حرب الدولة أو الحفاظ على مفاهيم السيادة أو الوحدة أو المواطن أو المؤسسات أو الدين… إلخ ويأتي هذا عكس الخطاب ِالذي ما إنفكت تصوره وسائل إعلام الخرطوم الغردونية اللاهثة لشرعنة فعلها الحربي تجاه هوامشه السودانية الأربعة إنها حرب مقدسة في سبيل البقاء، ليس ببقاء الحكم الحالي وإنما السودان القديم وبكل أدوات تدليسه وعبيده وأسياده وجلاديه في وطن إسمه ‘ أنا سوداني … أنا..’ لعزف كاذب جديد لذا كان طبيعيا ان توظف حكومة المثلث ‘ الكل السوداني ‘ لحربها المقدسة في النيل الازرق، والكل هنا يشمل القوات المسلحة الخاصة بالدولة وقطاعات الدولة الأخرى مدنية وسياسية وإجتماعية وإنسانية، فضلا عن عمليات حاتم الطائي السودانية البطولية التي تتوجه ليل نهار إلى النيل الأزرق، قائلة أنها تقدم الدعم والاغاثة لأجل الحرب المقدسة في النيل الأزرق، إنها مدد السلطة المقدسة للحرب المقدسة، وهنا ينبغي أن نشير أن إنتصارها- اي هذه السلطة- مؤشر جدي في إستمراريتها بل تناسلها فيما العكس في حال هزيمتها فهي تأريخ لنهايتها وإستئصالها من الثقافة والفكر والتاريخ السوداني الحديث بأكمله في سبيل نهوض إنساني وبأنسنة تتسم بالأخلاق وليس ضدها.
ومن هنا يمكن أن نفسر ونقدر رفض السلطة المطلق لأي تفاوض مع جنوب كردفان والنيل الأزرق، حيث قالت وهي محقة في ذلك إن لجأت إلى خيار التفاوض مع الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان – قطاع الشمال، فإنها بذلك تؤسس لنيفاشا جنوبية جديدة في السودان، وهي قطعا ليست النيفاشا الجنوبية تلك والتي أدت إلى فصل الجنوب وإنما هي نيفاشا سودانية وذات خواص فرضتها أجندة الوطن الجديد والتي تؤدي في الأمد المنظور إلى تصحيح معادلة القيم السياسي في السودان وإنهاء سلطة الإستعمار الداخلي القائمة تحت سيطرة وإمرة كولنياليي الخرطوم وبعض من أولئك الذين تم ‘إسترقاقهم’ سياسيا من الهامش العريض، حيث عملت ماكينة الإنتاج الإستعمارية الداخلية في إعادة إنتاجهم وتدجينهم لصالح عقلية وأيدولوجيا التمركز السودانيين فباتوا أخطر من الكولنياليين الرئيسيين.
سقوط شرعية الحرب في كردفان ودارفور
هكذا وبالنظر إلى مجموع تلكم المتغيرات السودانية ذات القفزات الكمية والتي هي كما أوضحنا دوما في حالة بحث عن ماهية النهوض والتطور والإستقرار الإنساني للشعوب السودانية لمأسسة قيمية جديدة – نجد نجاحها – مرتبط إرتباطا عضويا بإنتصارها في هذه الحرب المقدسة لا غيرها، وهي الحرب الوحيدة التي كيفت وعرفت الصراع لأول مرة بشكل واضح بل وأضفت إليه شرعية جديــــــدة وجــــادة، لذا نعتــــقد جازمين وفي ظل معادلة الصراع والتي تبلورت معالمها اليوم أكثر من أي زمن سابق، نقول لا بد للمقاومة المسلحة والديمقراطية من إسقاط شرعيتي الحرب في كردفان ودارفور لصالح الحرب المقدسة في النيل الأزرق حيث الحرب المقدسة والفاصلة هناك، لا هي في دارفور ولا كردفان ،غير ذلك تبقـــــى حروب تلك الهوامش غير مواكبة، جامدة لا تتطـــــور ولا تتفـــــاعل لحسم الصراع في مجال القيم السوداني والذي كما أشــــرنا إليـــه هو كبير وذلك لإفساح المجال للشعوب السودانية لممارسة الردة العلنية على تابو الماضي / الحاضر وكذا المشروع الحضاري بثالوثه اللئيم في خلاص نأمل أن يكون نهائيا.
محجوب حسين
‘ رئيس الكتلة الجمهورية لتحرير الجمهوريةالقس العري
اصبح مصير السودان ووحدته وبغائه مربوط بشخص الرئس حتى لو تقسم الى قرى مامهم المهم بغاء الرئس وهذا غدر السودان انغسم ويعشون فى مجاعه
الأستاذ محجوب حسين تحليل رائع وأرجوك ان تلحق بالركب وتتحد مع اتحاد كاودا وتضم مجموعتك اليه فالأتحاد قوة وندعو شباب السودان للأتحاد للأسراع بكنس هؤلاء القتلة اللصوص مقتصبي الرجال والنساء مدمري السودان واقتصاده وبيع اراضيه ؟؟؟ التحية الي المناضل الجسور البطل ياسر عرمان حفظه ووفقه الله هو وكل رفاقه المناضلين حاملي السلاح وغصن الزيتون لبناء سودان جديد ان شاء الله.
أن اسقاط وتفكيك نظام أبناء أقلية الجلابة العنصري الدموي (1956 – حتى تاريخه) وتقديم قادته للمحاكم أصبح واجب وطني واخلاقي، ونامل من كل ابناء الشعــب السوداني ومكوناته الأثنية والقبلية دعم اشاوس الحركة الشعــبية لتحرير السودان وقادتها الأبطال حتى الخلاص من نظام البشير العنصري الدموي