مقالات سياسية

جمهورية حميدتي والبرهان والأفندي الأممي إلى أين

أبو هريرة زين العابدين عبد الحليم

الأزمة المعيشية وصلت مرحلة لا يمكن التغاضي عنها ولابد من التفكير في معالجتها كأزمة بحكومة خاصة بالأزمة وليس كأمر عارض ضمن أمور أخرى، فالحال يغني عن السؤال فقد هزم الدولار والسوق الأسود حكومة حمدوك ووصل التضخم وارتفاع الأسعار مرحلة جنونية لا يمكن السيطرة عليها.
كنت قد كتبت مقالا قبل عامين بالضبط بعنوان: “حكومة “القفة” أو الطوفان” وبأن تشكيل حمدوك للحكومة يحتاج للنظر في معيشة الناس كأولوية واليكم رابط المقال:
حكومة “القفة” أو الطوفان – صحيفة الراكوبة (alrakoba.net)
اعتقد نحتاج لبرنامج خاص للحكومة لحل الأزمة المعيشية فبعد مرور عامين على حمدوك وحكومته فقد نجح بحكم خبرته في التفاوض الخارجي مع البنوك الدولية وهذا مجال تخصصه بحكم خبرته، ولكن اعتقد هذا اقصى ما يمكن أن يقدمه وهو لم يكن يوما مناضلا او سياسيا لنطلب منه أن يكون زعيم قومي يحل مشاكل معقدة كمشاكل السودان فله الشكر كخواجة وطني وخبير، ويمكن أن نمنح الحكومة ما بين مائة يوم الى ستة أشهر خلالها يجب طرح برنامج واضح لحل الأزمة المعيشية بجلب الدعم وأن تسخر الدبلوماسية وعمل كل الوزارات لذلك بالحصول على وديعة والوصول لأمريكا وأوروبا وأن يضغطوا على الخليج للمساعدة كما تمت مساعدة مصر قبلا بالحصول على خمسة مليار كوديعة في البنك  المركزي للسيطرة على سعر الصرف، وأن يدعمونا بشكل أكبر وأن يقود هذا العمل بنفسه عبر برنامج واضح ويركز كل جهده على ذلك، واعتقد بعدها لو فشل نسعى لتغييره، ولكن في إطار الصراع الحالي للقوى السياسية من الصعب الاتفاق على بديل لذلك اطرح حلين:
الحل الأول: إكمال تكوين المجلس التشريعي وعبره يتم تعيين رئيس وزراء جديد وبرنامج واضح اولويته الأولى والأساسية حل الأزمة المعيشية، ولكن موضوع المجلس التشريعي يواجه مشاكل ولا أدري لماذا لم يتم استكماله حتى هذه اللحظة وكأن الأمر مقصود، لذلك على كل القوى السياسية العمل والضغط لاستكماله ويمكن ان تكون الشرعية عبره في اطار تعثر قوى الحرية والتغيير في هيكلة وإصلاح نفسها وفي اطار تجميد حزب الأمة القومي او عدم تجميده ورجوعه و خروج الشيوعي ومطالبته بإسقاط الحكومة وتحفظ آخرين وتمسك آخرين بمكاسب في أن يستمر الوضع الحالي، لذلك وقفت محطة قوى الحرية والتغيير “قحت” في مكانها بسبب هذا الصراع وهذا يذكرني بهيكلة التجمع الوطني الديمقراطي في بداية معارضة النظام حيث ما برحوا يتحدثون عن الهيكلة حتى انفرط عقد التجمع كسبحة الفيه في يد درويش.
الحل الثاني: إصلاح و هيكلة قوى الحرية والتغيير لتواصل دورها كحاضنة للحكومة ففي الوضع الحالي أصبحت الحكومة بلا حاضنة فاعلة في اطار الصراع المستفحل وافسح المجال للعسكر وحميدتي لملء الفراغ، فلو تم إصلاحها وهيكلتها فيمكن أن تقوم بوضع برنامج يشتمل على حل الأزمة المعيشية وتعيين رئيس وزراء جديد بشروط محددة ويمكن ان يتم ترشيح ثلاثة شخصيات وطنية مقتدرة سياسيا وان توضع لهم شروط وتقارن السير الذاتية ويتم  اختيار افضل شخص منهم على أن يكون مناضلا وطنيا خالصا ومثقفا وخاض غمار النضال ضد الإنقاذ منذ اول يوم ولم يساوم وله رؤية واضحة وتنفيذي من الطراز الأول.
الهدف الرئيس للحكومة الانتقالية أن تنفذ برنامج محدد وأن تسهل مهمة الانتفال لنظام ديمقراطي عبر شرعية انتخابية ونحل أزمة الحكم وننهي الدائرة الشريرة وان يكون عندنا نظام حكم ديمقراطي مستقر لنستنهض الأمة السودانية ونخرج من دائرة الفقر وعدم الاستقرار والحروب الأهلية، ولكن الحكومة الانتقالية تواجه أزمات كبيرة ووقف حمار شيخها في عقبة التنفيذ وهزمتهم الملفات الكبيرة الأساسية.
من جانب آخر الصراع ما بين العسكريين والمدنيين واتهام العسكريين للمدنيين بالفشل في الإدارة وكأنهم يدس المحافير ويريد للحكومة أن تفشل لكي يستمروا في الحكم بانقلاب، وواضح أن للبرهان طموح في أن يحكم وأيضا فلربما لحميدتي نفس الطموح وعنده امبراطورية مالية وعسكرية. والملاحظ للتصريحات والزيارات الخارجية تنبئ بطموح في الحكم للقيادتين، أضف لذلك التدخلات الدولية من الخليج ومصر وموضوع سد النهضة وربما يكون السودان ساحة حرب بالوكالة وأيضا الصراع الاثيوبي الارتري في إقليم تيقراي فكل هذه أخطار جمة.
لو اضفنا كل ذلك للأزمة المعيشية وثورة الجياع وعدم إحساس الحكومة بالأمر وكأن الوضع عادي ولا توجد أزمة وذلك نتيجة لقلة الخبرة والربكة فنحتاج أن نغير جمهورية حميدتي والبرهان والموظف الأممي حمدوك لجمهورية فاعلة في حل المشاكل الواضحة ببرنامج واضح، فأتمنى ان تكون هناك مناقشة من كل القوى السياسية ووضع تصورات للحل للخروج من هذه الأزمة أو سوف يحصل الانقلاب. اعتقد أن الانقلاب جاهز وطموح البرهان واضح جدا منذ لقائه مع ناتنياهو وقيامه بأدوار تنفيذية وعلاقاته القديمة مع الخليج منذ أيام الحرب في اليمن ودوره فيها، ففي إطار سياسة دس المحافير واحتكار الشركات العسكرية لكثير من الصناعات والعملة الصعبة وأيضا دور حميدتي ومجموعاته التجارية والعسكرية او بالأحرى امبراطوريته، فاذا حدث الانقلاب فيمكن للخليج ومصر وأيضا إسرائيل تقديم البرهان للعالم كسيسي سوداني مقابل السيسي المصري ونرجع ثلاثين عاما للوراء.
لذلك نحذر كل القوى السياسية بخطورة الوضع وعليها ان تتفق أو ان وجودها مجتمعة في خطر وسوف يجتمعون في كوبر قريبا ليندبوا حظهم ويتفكرون في اخطائهم التي كان بالأحرى تفاديها الآن. لذلك حل الأزمة المعيشية هو المفتاح لاستمرار الحكومة وأكبر شرعية يمكن ان تحصل عليها الحكومة ولاستمرارها فالناس صبروا لعامين فلا يمكن ان تواصل في بيع شعارات أننا سوف نعبر وأن الكيزان يعرقلون عمل الحكومة والمحاكمات تسير ببطء مقصود فهذا لم يعد مقبول بينما هناك غياب للحاضنة مجتمعة برغم مشاركة الأحزاب منفردة لذلك اختفى صوت الحاضنة وبرز صوت البرهان وحميدتي وحمدوك في إطار صراعي وخطر يواجه كل الفترة الانتقالية.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..