لا بديل عن التغيير الجذري ..

اياد هشام
اثبتت التجربة السودانية بحسب ما يطلق عليها شركاء الفترة الانتقالية ( قحت ، لجنة البشير الامنية ، الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا ) فشلها المتوقع مسبقاً. فمنذ توقيع الوثيقة الدستورية في ١٧ اغسطس ٢٠١٩ تم تشكيل حكومتين فشلتا في تحقيق تطلعات و مطالب الجماهير بل تمادت في التراجع عن المواقف المبدئية الثورية على مستوى الحريات والسلام الحقيقي المستدام بتمثيل اصحاب المصلحة و هيكلة الدولة السودانية و القوات النظامية و الاقتصاد المختلط الخ…جميع هذه القضايا ضمنت في جميع المواثيق والاتفاقات التي وقعتها مكونات المعارضة والموقف منها يفترض أن يكون مبدئي لا تراجع عنه ،لكن هذه القوى سرعان ما تغير مواقفها وتنقض عهودها وتحرف معها التحالف بمجرد ملامستها للسلطة وهو أمر معلوم بالضرورة للقوى الجذرية مسبقاً،وهنا يكمن الخطأ القاتل الذي وقعت فيه القوى صاحبة المصلحة في التغيير بقبول قوى المساومة التاريخية مع نظام الجبهة الاسلامية ( انتخابات ٢٠٢٠) ودعاة المصالحة مع الكيزان ضمن الحاضنة السياسية وهو الامر الذي أسهم بكل تأكيد في تمزيق الحاضنة السياسية وحرفها عن مسارها وبرنامجها وسهل شرائها من القوى الاقليمية و الدولية التي تبحث عن تغيير متحكم فيه يراعي مصالحها في السودان فاصبح ليس هنالك مفر سواء اسقاط السلطة الحالية بشقيها المدني والعسكري.
نتيجةً لذلك تصبح عملية إنضاج العامل الذاتي بتنظيم الجماهير واجباً ثورياً للقوى صاحبة المصلحة في التغيير في ظل نضوج كامل للعوامل الموضوعية،ولعل اعلان الحزب الشيوعي السوداني في موتمره بتاريخ ٢ يونيو ٢٠٢١ عزمه طرح وثيقة برامجية بعنوان (السودان، الأزمة وطريق إسترداد الثورة) مبنية على ميثاق البديل الديمقراطي ٢٠١٣ و ميثاق هيكلة وبناء الدولة السودانية ٢٠١٦ واعلان الحرية والتغيير ٢٠١٩ يساهم وبشدة في تأسيس وعاء جامع جديد للقوى السياسية و التنظيمات النسائية و الشبابية ولجان المقاومة و المهنيين والعمال والمزارعين والاجسام المطلبية و النازحيين و المفصولين و المحالين للتقاعد من القوات النظامية،لتكون خارطة طريق تقوم على القضايا الملحة لجماهير شعبنا خصوصاً وان استصحبت معها الاخطاء التي وقعت فيها القوى الجذرية في تحالف قحت ( قبول قوى الهبوط الناعم و مبدأ الكتل و اختطاف التحالف من مجلس لم تمثل فيه جميع القوى الموقعة و في الاساس دوره الحقيقي هو التنسيق فقط وليس إتخاذ القرارات ) فمثل هذه الاخطاء لا يمكن ان تعاد في الوعاء الجديد حتى لا تنحره مجدداً.
وأن تكون خارطة الطريق مبنية على تمكين جماهير شعبنا من السلطة بتأسيس نظام يبدأ باختيار المجلس التشريعي تمثل فيه هذه القوى على ان يختار مجلس الشعب مجلس وزراء يعمل على تنفيذ برنامج التحالف و مجلس سيادة مصغر تشريفي دستورياً ويخضعان بالكامل للمحاسبة والمسائلة من ممثلي الشعب،وان يعاد هيكلة القوات النظامية فوراً وان تخضع بشكل كامل لمجلس الوزراء والغاء كافة القرارات الاقتصادية المترتبة على شروط البنك الدولي والتوجه نحو إدارة مواردنا وتشجيع الانتاج و الغاء اتفاقية سلام جوبا والتأسيس لسلام شامل عادل مستدام و دمج وتسريح جيوش الحركات المسلحة وفق الآليات الدولية ،واعادة توطين النازحين ومراعات التنمية المتوازنة وتسليم المطلوبين دوليا والغاء كافة القوانيين المقيدة للحريات وتوسعة قاعدة مشاركة التنظيمات الديمقراطية القاعدية المعبرة عن الجماهير ( النقابات وتنظيمات الشباب والنساء ولجان المقاومة و لجان التغيير والخدمات ) والانضمام لجميع المواثيق الدولية دون تحفظات و انتهاج سياسة خارجية تقوم على الندية ومصالح شعبنا وعقد المؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية لصناعة دستور دولة الحرية والسلام والعدالة.