زيادة في الوقود وأكثر !!

صباح محمد الحسن
سيكون لزيادة أسعار الوقود بهذه النسبة العالية انعكاسات كارثية على المواطن بعيداً عن رفع معدلات التضخم التي يتوقع أن تصل إلى 500 بالمائة أو أكثر على المدى القريب مقارنة بنحو 360 بالمائة في الوقت الحالي بسبب ارتفاع التكاليف الإنتاجية والخدمية لاسيما أن أكثر من 60 بالمائة من المواطنين السودانيين يعيشون حالياً تحت خط الفقر.
ولن تستطيع الحكومة التي أعلنت عن زيادة أسعار الوقود والتي قالت إن الأسعار الجديدة تخضع لتكلفة الاستيراد والتي تشكل ما بين 71 بالمائة إلى 75 بالمائة من سعر الوقود، مضافاً إليها تكاليف النقل ورسوم الموانئ وضريبة القيمة المضافة وهامش ربح شركات التوزيع، وهذه التكاليف تشكل مجتمعة ما بين 25 بالمائة إلى 29 بالمائة من سعر البيع المستهلك.
وبحسب التكلفة الحالية، فقد حددت سعر اللتر بواقع 290 جنيهاً وسعر لتر الجازولين بواقع 285 جنيهاً لذلك لن تستطيع ان تحمي الحكومة المواطن من الآثار الكارثية لهذه القرارات، والتي ستنعكس مباشرة على تكلفة النقل، وبالتالي أسعار السلع والخدمات الاساسية ، هذه الزيادة التي ستشل حياة المواطن بأكملها لذلك فهي أكثر من زيادة في سعر الوقود، كما ان الحكومة لم تنظر ابداً قبل الشروع في هذه القرارات الي دخل المواطن وكم يبلغ مرتب الموظف.
وان الكثير من الموظفين وأصحاب الدخول المحدودة، قد لا يتمكنوا من الذهاب إلى أعمالهم، ان كان بسبب عدم استطاعتهم لتوفير تكلفة الوقود أو لأنهم لن يستطيعوا دفع تكلفة المواصلات العامة
وهل طرحت الحكومة سؤالاً واحداً في اجتماعاتها قبل صدور مثل هذه القرارات كم يبلغ دخل الموظف السوداني ؟ عشرين الف او ثلاثين فهذا المرتب ( كله على بعضه) لم يكفي الموظف بنزين لأسبوعين فقط لاسيما ان هذا الموظف قبل الزيادة كان يعاني ومازال من أجل توفير احتياجاته الأساسية، ومن المؤكد أن الزيادة الحالية ستفاقم الأوضاع وتزيدها سوءاً وان الحكومة بهذه القرارات لا تكحل عين المواطن بل تتسبب لها بالعمى الذي ربما يمنعه من رؤية إصلاحاتها مستقبلاً.
فلا يمكن أن تتخطى نسب الزيادات كل الممكن والمتوقع لتصل حد اللا معقول ، وسط صعوبات اقتصادية بالغة وان الكارثة لن تقف في إرتفاع معدلات التضخم لكنها قد تكون سبباً في خروج العديد من الأعمال عن دائرة الإنتاج إذاً الى أين تتجه بنا الحكومة بسياساتها الإصلاحية هذه..؟
كما انها تُصر أيضاً ان تجري عملياتها القاتلة لمعالجة الاقتصاد والتي ظلت تتخذها خلال الفترة الاخيرة للوفاء بمتطلبات صندوق النقد والبنك الدوليين ومؤسسات التمويل الأخرى للوصول الى إعفاء نحو 80 بالمائة من الديون الخارجية ، وهذا آخر همها لذلك لم تلتفت أبداً الى الآثار الجانبية لهذه السياسات
وتقول في بيانها إن سياسة تحرير الوقود ستسهم في إزالة العديد من التشوهات في الاقتصاد، حيث تنفق الدولة حوالي مليار دولار سنوياً دعماً للمحروقات.
ولكن يفوت على الحكومة انها تقوم بعمل تشوهات على المواطن نفسه الذي ترهقه المعاناة تشويهاً ظاهرياً وجوهرياً لتصل الى ماتريد، فلا يمكن ان يكون طريق الوصول مشحوناً ومثقلاً بكل هذا الرهق والإعياء، فالمواطن ظل يحمل على عاتقه هموماً بلغت ثلاثين خريفاً ، فإن أراد تحملاً وصبراً ان يحمل المزيد ، فلن يستطيع.
طيف أخير:
أجعلني مرة واحدة أول اهتماماتك ستجدني اهتم ان أجعلك اولاً دائماً
الجريدة
الحصل حصل يا استاذة…بس ياريت تمسكو المسؤلين من لسانهم وكل اقوالهم عن الوفرة وخروج الدولة من دعم المحروقات وتوفير الدعم دا لمستحقيه …يعنى لازم تتحقق وفرة فى البنزين والجاز…تتوسع الدولة فى الصرف على التنمية(الشوارع المحفرة ما بتندسأ)
(فالمواطن ظل يحمل على عاتقه هموماً بلغت ثلاثين خريفاً)
المفارقة الكبرى أن هموم الخريفين الماضيين تجاوزت هموم الثلاثين خريف 30 مرة واصبحنا نتساءل هل نحن في حلم أم علم..
مثال واحد: الرغيفة بعد 30 خريفا كانت جنيه واحد، ولكن بعد خريفين أصبحت 30 جنيه!! سعر 2 جالون جازولين بعد خريفين أصبح يعادل سعر برميل جازوين أيام ال30 خريفا!!
لا اقول الخلل في الحكومة، ولكن الخلل فينا وفي هيكلية الاقتصاد التي تحتاج لوقفة قوية وجادة .. الموضوع الان ليس موضوع انتاج بل اختلالات خطيرة يجب أن تعرف وتوزن لأن البلاد دخلت مرحلة الجوع الحقيقي.
رغم وقوفنا ودعمنا القوي لحكومة الثورة منذ البدايةولكن اتضح أنها اقل بسنوات ضوئية عن حجم الثورة والثوار..
ابلغ ما قرأت من تعليقات تعليق قارئ عن بيوت الاشباح ايام الكيزان وتساءل هل في بيوت أشباح أكثر من ظاهرة تلاميذ المدراس اليوم الذين اصبحوا يتساقطون مغشيا عليهم في الحصة من شدة الجوع؟ هل من بيوت اشباح أشبح من سماع صراخ الاطفال في الشقق المغلقة ليلا بفعل سخونة الجو وانقطاع الكهرباء والبعوض؟ هل في بيوت أشباح أشبح من مناظر الناس مجدعين في المستشفبات على الأرض لا سراير ولا ادوية ولا غيرو؟ هل في بيوت أشباح من حرمان أطفال أمة بكاملها عن التعليم لعامين متواصلين رغم الخداع السياسي بفتح المدارس كم اسبوع ليقولوا أكملنا عاما دراسيا ناجحا؟
هل في بيوت اشباح أوسخ من احياءنا وشوارعنا الرئيسة التي أصبحت مكبا للنفايات بعد أن عجز الاهالي عن التخلص من نفاياتهم؟
أؤمن تماما انه لا حل لمشاكلنا هذه الا مزيدا من الديموقراطية وتوسيع قواعد المشاركة وترك المحاصصة واسناد الامر لذوي الكفاءة واستبعاد الاحزاب في هذه المرحلة لأنها للاسف غير مؤهلة للقيادة حتى تبني نفسها وتحقيق السلام واستكمال المؤسسات الدستورية وتحقيق العدالة ومحاكمة الفسدة والمجرمين وأن تكون الدولة بالفعل دولة قانون.
أتذكر حديث الاخ وجدي الشهير بداية الثورة أننا لا نحتاج لأكثر من 11 مليار دولار لوارداتنا خلال السنة وسيغطيها عائد الذهب وحده، وهو كلام سليم، لماذا لم يتحقق ذلك؟ لأن الذهب لا يزال يتهرب عبر مطار الخرطوم عينك عينك!!
دا كلام دا ياناس؟ لا حولة ولا قوة الا بالله