عكس الرغبة : خريج موسيقى يعمل سائقا… وعجلاتي يحمل بكالوريس لغة إنجليزية

الخرطوم

مجاهد العجب :
قد تدفعك الظروف أحياناً لاختيار مساق علمي مختلف ولكن الغالبية يختارون الكلية التي يريدونها إلا أنه بعد التخريج تصطدم الرغبة بالحقيقة وتتحطم الآمال فيمتطي الكثيرون ظهر الواقع بحثاً عن رزق و(لقمة عيش حلال) حتى لو كان العمل (عكس الرغبة) والتخصص الذي يحمل شهاداته, فتجد سائق ركشة خريج كلية التجارة, وهنالك طالب شريعة هجر (القانون) وتفرغ للتجارة, فيما يعمل أستاذ الأداب (كاشير) في إحدى الكافتريات المعروفة بالخرطوم
ومن بين هذه النماذج يقول (ر, حسن) الذي رفض أن يظهر شخصيته كاملة واكتفى بالحرف الاول من اسمه: إن مثل هذه الأمور أصبحت واقعاً ملموساً واذا ما تحققت في الأمر فإن الدهشة تملك قبل القراء, فأنا مثلاً اجتهدت منذ صغري بمساعدة أسرتي التي لم تبخل علي بشيء, وطوال مراحل تعليمي المختلفة حققت التفوق حتى وصلت أخيراً الى كلية الدراما والموسيقى بجامعة السودان وهي رغبتي التي كنت سعيداً بتحقيقها, وظللت أحرص على دراسة الموسيقى وأطبقها خلال أربع سنوات عرفت فيها الكثير من أسرار الآلات الموسيقية بأنواعها المختلفة, وكنت أعتقد أنني سأحقق نجاحاً باهراً في بقية حياتي, ولكن بعد التخريج اصطدمت بواقع مرير فسقطت أحلامي ميتة, وحاولت جاهداً العثور على عمل يحقق طموحي ولكنني لم أجده فاضررت الى ولوج عالم (السواقين) الذي رحب بي, ومن خلاله مهنة الشائق التي بدأتها بـ(الركشة) وانتهت بملكيتي لعربة حافلة كبيرة استطعت أن أُحقق الكثير بدليل أنني تزوجت وأنجبت (طفلين) ولي أسرة أعمل من أجلها حتى اليوم. وعن الشهادات الجامعية قال: رغم أنني تحصلت على شهادة البكالوريس في الموسيقى إلا أنها ظلت حبيسة في الحقائب وأخرى معلقة على الجدران دون فائدة…. أما (محمد عبد الله) القادم من منطقة الجزيرة يقول: تخرجت من الجامعة الأهلية (لغة إنجليزية) وبعد التخريج تقدمت لأكثر من موقع للعمل ولكني فشلت في الحصول على وظيفة وقلت بدلاً من انتظارها عاطلاً علي أن أبحث عن عمل آخر وبالفعل كنت قبل الدخول الى الجامعة أعمل في العجلات ولي محل في منطقتنا بالجزيرة وعليه فتحت محلاً في منطقة (دار السلام) وفتح الله علي فنسيت الشهادات وإحباط ملاحقة الوظائف وتطور عملي كثيراً حتى تحول مكاني الذي كان يتكون من (راكوبة شوالات) أصلح فيها الدراجات الى محل كبير لبيع وتصليح جميع أنواع الدراجات (كبيرة وصغيرة). وعن الشهادات يقول محمد: عشر سنوات تقريباً منذ أن تخرجت وهذه الفترة كافية لمسح الكثير من المعلومات ولكنني قد أعود لشهادتي التي لم أستخرجها حتى الآن لظروف قنعة على الأقل بالنسبة لي. وقال إن تجربته لم تكن الوحيد وإنه يعرف الكثيرين الذين لم يعملوا في تخصصاتهم بل تركوا شهاداتهم بجانب شهادات ميلاد أطفالهم وخرجوا الى السوق (قدح النبي) للعمل وحققوا أهدافهم بطريق مختصر مثلي, ويضيف أعتقد أن تجربتي أكدت لي أن فائدة التعليم ليست محصورة في العمل بالشهادة رفع قدراتك الذهنية للتكيف مع أي عمل بعيداً عن التخصص.

الاحداث

تعليق واحد

  1. وفقكم الله . بغض النظر المجال هو شنو طالما رزق حلال . الانسان يبدع فيه بما تعلمه من دراسته لانها هى التى فتحت افقكم . كم من شخص عمل فى مجالكم الذى ذكرتوه لكن لم يصب النجاح الذى حققتوه بفضل الله ثم بفضل مجهودكم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..