إلى المُترف إبداعاً : الفنان ( محمد الأمين )

إلى المُترف إبداعاً : الفنان ( محمد الأمين )

عبد الله الشقليني
[email][email protected][/email]

(1)

لك سيدي أن تعتب علينا . حين جاء الزمان أن نكون شهود هذا الظلم الفادح الذي أحاق بك . حين أراد قلم ، مهما كان صاحبه ومهما كانت هناك من معزة نكنها له ، فقد تعدى سافراً على مبدعٍ كرس أكثر من خمسين عاماً في قضية الفن وجمّل وجدان التخوم والمدائن والأرياف . يحكي قصة كيف يبدأ المبدع حياته من غِمار الناس . يتخذ من موهبته مطية ، يدربها بالعلم والتجريب والتجويد . ويطرح ثمار مزرعته في سوق أسماع العامة والخاصة من أبناء الشعب . وضع بصمته الذهبية على الموسيقى والغناء منذ ستينات القرن الماضي . يمسك بالأسماع ويعودها على “نصف التون” الذي تعرفه بوادي وأرياف السودان الغربي دون غيرها ، فوطن النغم واعتادته الأذان . قصة حياة وسيرة مبدع في فن الغناء والموسيقى ، استطاع أن يحول قصائد في دفاتر الشعراء إلى نغم وإيقاع يبتني وطناً في الوجدان . وحين عزَّ الوطن وأصابته الغُمَّةِ السوداء الكالحة ، كان شعبنا يستريح في ذكرى ماضيه الطروب ، يداوي به أحزانه في عتمة الليل ، يحفظ ما بقي من توازن من ظلامات الموتورين الذين صادروا الحق في الفرح والحق في العيش الكريم . وتلك الخمسين عاماً من تعمير الوجدان وترقيق الحس ، وتذويب أشواك الذوق فترقى ،مثلها عاش المتنبي عمره الذي ملأ الدنيا وشغل الناس ،وذات الخمسين عاماً هي عمر الكاتب العالمي ” ويليم شكسبير .
(2)
فنحن في بُعدنا عن الوطن ، كنتَ سيدي راحلاً معنا بقيثارة الخير ،التي جمّلت آذاننا وحفرت في وجداننا ، وصقلتَ مشاعرنا . “يا أيها الجبل لا يهزّك ريح” ولا تُعكِّر صفوك لولبية سمومٍ في أبخرة النهار، تأتي ومثل ما جاءت ترحل . ففي ظل تلك الغمامة السوداء التي أغلقت منافذ الحرية والفن والشعر والرسم والموسيقى ، تأتي أقلام تحط من شأن مبدعينا الذين بهم نحلق ، وبأشجانهم نفترش غمامة لأحلامنا ،وسجادة خضراء بحياة نتأملها ستكون مورقة . لا تكتفي بالنَّيْل من كريم خصالكم ، بل توحي بأن الفنان العظيم قد خلا من العواطف الإنسانية ، وجفّ من الخلق ونبل المِعشر !!!.
أهذا هو المرتجى ؟
فما الذي تبقى من بعد أن احمرّ النيل غضباً من الذين دنسوا أرضه بالخطايا ،
ورمونا بالخطوب حتى تسنى لأحد صحابنا إذ يحاول بمعول القلم هدم هذا الهرم النبيل ؟.
(3)
أما علمت سيدي ، أنك صاحب لنا في أعشاش عشقنا البريء . بك تعلمنا الكلام في حضرة النفوس العاشقة حين يضطرب اللقاء وتصطخب من موج العواطف الطامحة .إنك قامتنا الباسقة الطول ، الغنية بالثمر الحلو ، في زمان ظل الوجدان مُتلألئاً بوجودك بيننا . فافرد جناحك أيها الطائر المُغرد . أنت لا تكلْ ولا تمل. فلا تبتئس ، فلن تُعكِّر صفوك نازلة عابرة ولا جيش يهزمك ولو حمل في وجهِكَ أسنة العقوق . فمن بقي من أمواج الشعوب السودانية ومشاعرها ، قادرة على إغراق كل السفائن التي ترغب أن تُعلِّم النيل العظيم آداب السلوك ، ونهج التعامُل .
(4)
نعلم أن الحياة قد قست عليك كثيراً في أواسط العمر ، ورحلتَ أنتَ كثيراً عن الوطن وحبُه متوطن فيكَ . وفي مقتبل العمر المديد الذي نتمنى لك ، كنا نعلم ونرى ،ولم نكن بعافيتنا لنوفيك حقك من التبجيل ، فرغم أن شعبنا الفقير جُله ، ليس له من غنى إلا محبته للصادقين ، فأن جموعه تغتني بمحبتك وتقديرك . وكانت محبتهم سرابيل الدعة والوداعة والطيبة ، و تاجاً ألبسوك إياه من فوق قُبعات السلاطين الذين يحلّون علينا دوماً بليل . فلن تمل سماؤك ألا أن تمتلئ بسحائب الرضى والفأل بأن الوطن سيكون بخير . يهلك الملوك جميعاً وتذروا الرياح ريح ذكراهم ،ويبقى المبدع في الوجدان أبداً .
(5)
من هذه الإطلالة ، نسأل المولى أن يرزقك بقدر ما تشتهي أنفُس مُحبيكَ بالخير والعافية . فاسمك محفورٌ في صخر المحبة التي لن تنال منها النبال . وزهرك الفوّاح الذي حلَّ بأكتوبرياتك العظيمة أبقتنا على ضفاف الوطنية ، نمُد ألسنتنا للقبلية المقيتة التي أطلت في أفقنا من جديد من فرط العقوق . وحللت أنت دائماً في سويداء القلوب . ألف سلام عليك في المهاجر والمواطن وأرض الشعوب السودانية التي تمزقت بين الأوطان ، وتوحدت بمحبتك ، فلا تبتئس .

عبد الله الشقليني
20أكتوبر 2012

تعليق واحد

  1. احسنت يا استاذ شقلينى
    من هو هذا المعز حتى يسيء الى الهرم الشامخ محمد الامين؟
    فهذا المعز مهما بلغ من موهبة وعلم وسارت باشعاره
    الركبان فلن تصل محبته الى عشر محبة الناس لابواللمين
    وماكان منه ان يكتب ماكتب حتى يتحقق ويتثبت من الحقيقة
    من كل الاطراف.. لكن اتضح ان له اغراضا اخرى وشيىء فى
    نفس يعقوب ..وكان كما قال الشاعر
    كناطح صخرة يوما ليوهنها فلم يغيرها واوهى قرنه الوعل

    سلمت يا ابا اللمين

  2. فى ابواللمين أقول:
    ياريتنى لو أقدر أقول فيك ااكلام الما إنكتب
    وأجلى المقاطع بالدهب
    وألبس جمال فنك وشاح
    يمسح عذاب عمرى المسطر باللهب
    ومعذرة لهاسم صديق للتصرف فى كلماته…

  3. المترف رقة وابداع باشمهندس عبداللة
    عدنا مع مقالك الشافي والوافي الي ماضي بعيد كانت فيه البلد بخيرها وكانت لنا من الزكريات الجميلة الشئ الكثير ايام كان يفيض الشوق في عيونا بحبنا للناس والوطن لكن تبدل الزمن وتغيرت الاشياء وما عادت كما الفناهافغيرت ريدتنا السنين وبدل احساسنا الزمن واصبحنا مشردين في المنافي نطوف من غربة لغربة والغريبة الساعةونحن في الوطن اصبحت مرة ما بتقدر نطيقها
    للقامة محمد الامين العتبي حتي يرضي ودة عقابنامن الايام السعيدة التي عشناها بالبلد

  4. وراء البسمات كتمت دموع بكيت من غير تحس بيا

    في عيونو فاض شوق بحبه للناس للوطن

    ما غيرت ريدته السنين وما بدل احساسه الزمن

    نصبر كمان نصبر شوية نشيل املنا نقابل اهلنا يقولوا اهلا خلاص كبرنا

    لا لا ما بنقبل نسيبك تمشي للوحدة وتعاني وبرضة ما بنقبل نقاوم شوقنا من بعدك ثواني

    ايها القامة ابو اللمين لك العتبي حتي ترضي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..