
التكريم في أصله هو لجميع بني الانسان ، فكل إنسان يجب أن يمنح الكرامة اللائقة به ككائن حي متميز عن غيره من الكائنات والمخلوقات على هذه البسيطة ، ثم يأتي من بعد ذلك التكريم للمبدع بأعتبار ان المبدع إنسان حظى بخصائص ومزايا ومجالات عطاء ثرية تستحق التكريم ، فتكون العبرة في تكريم المبدع هى التحفيز ، والمكافأة ، والتشجيع من أجل مزيد من العطاء والتميز .
وحين ننظر الى مجالات الابداع نجدها عريضة ولا حدود لها ، فهناك الإبداع التكنولوجي، والإبداع العلمي، والإبداع الأدبي، والإبداع الصناعي، والإبداع المهني ، والإبداع اللغوي ، ومن شأن تكريم المبدعين في جميع هذه المجالات أن يعزز خصلة الوفاء في النفوس ويرتقي بالمجتمعات ، كما أنه يمنح الأجيال الفرصة الجيدة لكي تعبر عن اعتزازها وتبرز من إعترافها وفخرها بمبدعيها الذين ساهموا في مجدها وتاريخ نضلاتها ضد انكسارات الحياة وما اكثرها .
الحادبون على المصلحة يهتمون بالتكريم على مختلف مقاماته ، سوا من حيث أعلى مقام للتكريم وهو أن يتم توفير سبل الحياة الكريمة للانسان، أو على مستوى الالتفات الى المبدع في مجالات الابداع المختلفة فيقومون بتكريمهم حال حياتهم وكما ويخلدون من رحل منهم ، ذلك لأنهم يدركون أن المبدع ثروة حقيقية وقيمة مضافة ، فهو بمنتوجه يؤثر على جميع مناحي الحياة الاجتماعية والثقافية والتاريخية وعبر إسهاماته تتقدم منظومة الحياة الى الأفضل ، وترتقي المشاعر ، وتعلو قيمة الجمال فينسدل غطاء الابداع ليعم الفرد والجماعات والمؤسسات و العمل والخدمة وجميع ضروب الفنون والتعبير .
ان رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، لما نظمته دائرة الثقافة بالشارقة في دورتها الثالثة من تكريم ثقافي لاربعة من رموز الثقافة بالسودان هي في الواقع مبادرة فائقة الحسن ، طموحة وحادبة ومبتكرة وعابرة للقارات ، أن تكريم عيسى الحلو، ونبيل غالي، والحسن محمد سعيد، ومبارك حسن الخليفة هو في الواقع تكريم لكل سوداني بل هو تكريم للمشهد الابداعي العربي بشكل عام ، ولقد تابعت شخصيا وقائع التكريم وتحضيراته وكلمات المكرمين التى كان يكسوها الفرح والاحساس بالتقدير ثم لمحت في اعينهم طاقة التحفيز والتشجيع .
واذ نشكر الشارقة عاصمة الثقافة العربية لعظيم ما قدمت أتمنى أن تكون هناك برامج تكريم دورية جادة من جميع مؤسساتنا الوطنية بل وأن تكون هناك منح تفرغ تمنح من الدولة للمبدعين، ويكون لتلك المنح والبرامج بند أصيل في موازنة الدولة كل عام شأنها في ذلك شأن بند الأمن والدفاع والتنقيب عن البترول والثروات فالتكريم ضرورة اقتصادية وحياتية .