مقالات وآراء سياسية

لماذا كل هذه المبالغة في تمجيد حمدوك؟

عبدالمنعم طه

لا أدري لماذا هذه المبالغة في تعقيد المهمة وفي نفس الوقت المدح والتمجيد للبطل القومي دكتور حمدوك وتضخيمه كسوبرمان أو على الأقل تقديمه كالأفضل والأجدر للقيام بها.
المهمة صعبة ومعقدة وعوامل التحبيط ومعاول التحطيم كثيرة وهذا ليس بالغريب ولا بالشاذ.
فقط الزعامة الحقيقية هي التي تستطيع التغلب على كل هذه الصعاب من مطاحنة ومنافسة سياسة الى توترات إثنية الى عداوات إقليمية ودولية الى مشاكل اجتماعية وثقافية. الأمثلة كثيرة أبدأها بألمانيا المدمرة تدمير كامل بعد الحرب العالمية التانية وأعرج على دول جنوب شرق آسيا ماليزيا وسنغافورة الى الكوريتين الى الصين وفي أفريقيا زامبيا ورواندا وسيراليون وغانا ثم لننظر الى تركيا اردوغان الذي استطاع أن يخلِّص وطنه من خيانات وعمالة العسكر وقفل الباب الى الأبد أمام الانقلابات العسكرية.
اذا نطرنا الى كل هذه الأمثلة سوف نحد أن الوضع في السودان ليس أكثر تعقيداً الآن ولم يكن اكثر تعقيداً بعد خروج الاستعمار.
المشكلة كانت ولا تزال كامنة في بروز زعامة قومية شجاعة ونظيفة وتقف فوق كل الانقسامات العرقية والطائفية والتحزبات السياسية والتشابكات العائلية والاجتماعية وتعي المفعول الضار للعادات والموروثات الاجتماعية الضارة ولا تتوانى في محاربتها بحملات التوعية.
حمدوك رضخ للعسكر ولا استبعد أنه تم تهديده بتصفيته جسدياً؛ كيف لا وهو يتعامل مع مجرمين قتلة مطلوبين للعدالة، الشعب كله يعرف فظاعتهم وبشاعتهم واستعدادهم للقتل وهو اسهل عندهم من شرب الماء.
لو تشجّع حمدوك وكان اكثر التصاقاً بالثورة والشعب والثوار، لو عرف نفسيات الخونة الذين أحاطوا به وأبعدهم عنه لاكتسب القوة والتأييد الشعبي في الداخل والحماية من الدول الأوروبية التي أبهرتها الثورة السودانية والشباب السوداني بفنه بثقافته بابداعاته وبتطلعاته للحرية والسلام والعدالة وبكل إيجابياته التي ظهرت أيام الاعتصام والتي أكدت للجميع إنه شباب يستاهل الحرية والسلام والعيش الكريم؛ لو تشجع حمدوك وطالب بتحقيق العدالة وبالسير الحثيث في التحقيقات والاستعانة بخبراء التحقيقات الجنائية من الدول الغربية – ألمانيا كانت على استعداد لارسال فريق مختص للمساعدة- لو فعل حمدوك ذلك لخلّص السودان من أكبر وأعمق أزمة يعيشها اليوم .. أزمة نفس الزول القاتل ولدك شال الفاتحة وحضنك .. أزمة الضمير ..أزمة النفاق .. أزمة الأرواح الطاهرة التي تصرخ في ضمائر كل الشعب مطالبة بالقصاص مطالبة بتحقيق الأهداف التي استشهدت من أجلها .. أزمة المفقودين المنسيين الذين تتحلل جثثهم في المشارح المكدسة .. أزمة الجرحى والمعوقين الذين يمد لهم المغيبون من هذا الشعب ألسنتهم قائلين: ذنبكم في جنبكم .. أزمة العروض التي هتكها الجنجويد في شوارع العاصمة ومدن السودان الأخرى

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..