مقالات وآراء سياسية

التشاكس بين أحزاب وعسكر السودان .

أسامة ضي النعيم محمد

عمر المرحلة ستة وخمسون عاما قضتها النخبة السودانية تتشاكس ، تارة بين الطوائف اذ استنجدت الميرغنية وحزبها الاتحادي بملك مصر ثم بعسكرها من بعده ليكون السودان تحت التاج المصري أو إقليما في حنوب مصر مضافا في اتحاد يحكمه باب عال من مصر، المبرر هو قطع الطريق لاحتمال أن يصير زعيم طائفة الانصار ملكا علي السودان بعد جلاء الحكم الانجليزي المصري من السودان ، في هذا التشاكس ضاع علي السودان صياغة برنامج الدولة وكيف تحكم لان الهم بين النخبة والطوائف كان هو من يحكم البلاد وأخذ صراع الوحدة مع مصر وقتا وجهدا عزيزين الي أن حسم الجدل من داخل البرلمان السوداني في 19 ديسمبر1955م بترجيح كفة الاستقلال والسودان للسودانيين.
لم تهدأ ارتدادات فشل فكرة الاتحاد مع مصر وتوجه البلاد الي الاستقلال دولة ذات سيادة ، وبدأت اليات الحفر تفعل فعلها وتمخض التدبير عن تسليم الحكم الي بداية دورة حكم العسكر ، تشاكسوا ايضا بينهم وكانت الانقلابات المضادة خلال الفترة من1958م الي 1964م ، وسجل التأريخ حركات انقلابية مضادة بقيادة عبد الرحيم شنان وعبد البديع كرار وغيرهم ، فترات الحكم العسكري كانت أيضا امتدادا لزخم حركة الضباط ط الاحرار الوافدة من مصر ، لم تهدأ محاولات الضباط في السودان للحنث بقسم الولاء لحماية حدود السودان من الاعداء الاجانب ، جاء جعفر نميري في 1969م بعصابة وعمامة يسارية يعتمرها ومن علي ظهر دبابة حكم السودان الي 1985م ، التشاكس بينه والإخوة الاعداء فاضت به كتب التأريخ ثم بينه والمكونات المدنية انتهي بمصالحة في عام 1977م ، تحت المصالحة كان وميض نار الاخوان الوافد المصري من بين صحف حسن البناء وسيد قطب أيضا تربص مشاكسا الي أن صعد تنظيم الاخوان بضباطه العسكرالي الحكم في 1989م.
القفز بين المراحل فقط لبيان حدة المشاكسات واثبات غياب الارادة السياسية عند النخبة السودانية بمدنييها وعسكرها وتفريطهم في الاحتفاظ بالسودان وحكم بنيه لبلادهم دولة ذات سيادة ، هي لا ارادة عند تلك النخب والطوائف فتارة غاية الاماني عندهم إقليم تحكمه مصرفي اتحاد صريح ، تعدل في حكم مايو الي تكامل مع مصر تخضع فيه ارادة السودان لغير السودانيين عند تنظيم الضباط الاحرار، يتقمصون لبوس حركة التنظيم المصري ويعتبرون أنفسهم حواري تحت امرتهم ، بذات الارادة المسلوبة في الحكم كان تنظيم الاخوان يرتبط بجهات أجنبية توزعت مدارسها بين تركيا وقطر وتونس ومصر وبعض دول الخليج الاخري وتحول التنظيم في السودان الي رعاية المصالح المالية للنافذين من عضويتة وغابت ارادة حكم السودان دولة مستقلة القرار السيادي.
البكاء علي اللبن المسكوب لا يجدي والسودان يحتاج الي ارادة سياسية تحكم البلاد حرة مستقلة القرار والارادة ، ثم خارطة طريق اقتصادية اضاعتها أحزابنا وعسكرنا طوال فترات ما بعد الاستقلال ، فقط لو ركزنا علي استنساخ تجربة مشروع الجزيرة وعممناها علي مناطق دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الازرق لتغير الوضع ولم نكن في حاجة الي منابر الدوحة وانجمينا وغيرها ، انكفأ الحزب الشيوعي علي عضوية مشروع الجزيرة وصبغها بلونه وغاب عن قيادة الحزب تكرار جوهر التجربة التي تنادي بها كتب وأدبيات الحزب في مسقط الرأس مزارع جماعية بإنتاج وافر ، بالصوت العالي يتحدثون هناك عن المزارع الجماعية ورسب في هذا الدرس السهل الرفاق في السودان ولم نسمع بتعاونهم مجتمعين لإنشاء حتي مزرعة خضروات حول العاصمة يمتلكها الحزب الشيوعي لسد حاجة عضويته داخل العاصمة ، ثم لا تفتر زعامة الحزب عن مهاجمة الامبريالية التي بنت سد خزان سنار لري مشروع الجزيرة وللمفارقة لا تجد زعامات الحزب عندما يضيق بها الحال بلدا تلجأ اليه الا عاصمة الامبريالية حيث يطيب لهم المقام في لندن وغيرها من مدن صاحبة الجلالة ، تلك بعض أمثلة لهرطقات نخبتنا التي تنعت نفسها بالاستنارة والتقدمية مع بيان حبها للتشاكس ويغيب عنها حتي أدب الاتفاق عند الاختلاف دع عنك الاتفاق علي برنامج وطني.
العسكر اليوم فيما بعد ثورة ديسمبر 2018م أيضا يواصلون التشاكس فيما بينهم ، تتوزع محطات استقبالهم اشارات الفعل بين الامارات ومصر وتركيا وقطر ومكونات داخلية تأخذها أشواق العودة للحكم ، تنظيم الاخوان ومن خلال ذراعه الامني يحاول بث الفرقة والشتات بين العسكر أيضا ، المكونات المدنية من أحزاب وقوي الحرية والتغيير تعودت علي الطعام الدسم من الامارات وبعض دول الخليج حيث تبسط الموائد هناك ومن مصر أيضا يرنون للدعم للبقاء في مسرح الفعل ، تغيب الارادة السياسية في حكم البلاد ولا يقدر أيا من النخبة العسكرية أو المدنية علي التأسي بمانديلا في علو الهمة مع طعام متواضع ويعانق ببصره الثريا بديلا عن الثري الغني في بلاده بالذهب والماس.
مبادرة معالي رئيس الوزراء الدكتور/ عبد الله حمدوك – حفظه الله – لم تأت عجلي ، للرجل صبر أيوب وحكمة لقمان وعدل سليمان في الفصل بين الخصومات ، المبادرة التي أطلقها هي لتوحيد الكتلة السودانية لخلق ارادة سياسية وتقديم رائدا سودانيا يملك عقلا جمعيا يمثل كل أهل السودان لانتزاع النخب بشقيها العسكرية والمدنية بعيدا عن أركانها الاجنبية التي تقصدها للمشورة في أساليب الحكم غير الراشد ، ثم تصويب جهد الكتلة السياسية الرائدة الموحدة نحو أهداف متفق عليها لبناء أمة السودان ، تأتي مهمة تحقيق الامن القومي السوداني كأم البيت والمدرسة التي يجب أعدادها لنعد شعبا طيب الاعراق ، مهمة لا ينكر أحدا أنها تقع علي المكون العسكري من أمة السودان وهو قد وضع تحت امرته اختيار وزيري الداخلية والدفاع مشاركة في الحكومة التنفيذية ، ثم صناعة وتوفير الامن مهمة جالبة للاستثمار الخارجي ويشير توفيرها للعالم الخارجي بالدخول للسودان حيث كلمة السر(الموقع تم تأمينه) ، ثم مع الامن يتحقق – بإذن الله- الاطعام من الجوع وهي مهمة الاقتصاد لتنمية السودان ، الوقت مناسب حيث نحن مع بداية الموسم الزراعي ووضع خطة زراعية في كل ولاية مع ربطها بحاجة موسم الهدي في الاراضي المقدسة فان أفلحنا في استخدام الوقت كما النقود، تدفقت الدولارات والخيرات ، ثم لا نذهب بعيدا فزراعة الذرة في مناطق دارفور وجنوب كردفان وتصديرها الي دولة جنوب السودان تتحقق منها عوائد بعملات صعبة بجهد بسيط وخط سكة حديد بابنوسة واو تحت الطلب.
الكتلة السياسية القائدة المرتقبة مع مجلس تشريعي يرفع صوت الامة ومكوناتها العسكرية والمدنية مراعيا أدب تباين وجهات النظر لتعضيد الشراكة هو المطلوب الان اضافته الي ثورة ديسمبر التي ينظر اليها العالم بإعجاب لتثبيت أركان حكم ديمقراطي يعمل – بإذن الله- بجناحه المدني للإطعام من الجوع وجناحه في القوات المسلحة تبني جيشا موحدا لبسط الامن والذود عن حمي الوطن والجميع يتغني (نحن جند الله جند الوطن).

‫2 تعليقات

  1. عذرا لا يفوت علي فطنة القارئ الكريم أن صحة العبارة في صدر المقال هي (عمر المرحلة خمسة وستون عاما) ، والست وخمسون عاما هي ما استغرقه الانجليز لبناء دولة السودان التي كانت عصرية وتكاسلا منا استغرقتنا خمسة وستون عاما لتحطيمها وتقسيمها لدولتين فاشلتين.

    1. المعارضة و الاحزااب و قحت و الكيزان و العسكر لا يمثلون السودان هم فقط يريدون مصالحم و حسب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..