نعم لمبادرة السيد رئيس الوزراء … لكن بعيدا عن العواطف والتطبيل (1-2)

عبد القادر محمد أحمد المحامي
—————————
بعد ما يقارب العامين من توليه رئاسة الحكومة التنفيذية الإنتقالية وقف د. عبد الله حمدوك أمام الكاميرا ليعلن مواطنيه بوجود تحديات تعترض مسار الإنتقال الديمقراطي أهمها الوضع الإقتصادي والترتيبات الأمنية والعدالة والسيادة الوطنية والعلاقات الخارجية واستكمال السلام وتعدد مراكز القرار وتضاربها والوضع الأمني والفساد وتعثر إزالة التمكين وبناء المؤسسات.
كما تحدث عن إختلافات داخل الكيانات المدنية وكذلك العسكرية وإختلافات ما بين المدنية والعسكرية، بما ينبئ عن أزمة سياسية عميقة لا تهدد الإنتقال الديمقراطي ومطلوباته فحسب، بل تهدد السودان في وجوده.
في تقديري المتواضع أن تحديد الموقف من هذه المبادرة ينبغي أن يقوم بالوقوف على سلبيات وإيجابيات ما ورد فيها وفي الخطاب التمهيدي.
فبالوقوف على السلبيات نجد أن إرجاع د. حمدوك كل أسباب الفشل في تحقيق مهام الفترة الإنتقالية للأزمة السياسية بالتفصيل الذي أورده لم يكن دقيقا، فالواقع أنه يتحمل نصيبا مقدرا من ذلك الفشل لما يلي :-
🧶 وفقا للوثيقة الدستورية فإن مسؤولية إنجاز معظم المهام المفتاحية المطلوبة للإنتقال الديمقراطي، تقع على عاتق حكومة د. حمدوك، أما المعوقات التي ظل يضعها المكون العسكري في طريق الثورة بإتخاذه أنصار النظام المباد كحاضنة عند الضرورة، بما أدى لوقوفه في طريق إزالة التمكين ومحاربة الفساد وإستقلال الأجهزة العدلية والإصلاح الإقتصادي، فكل ذلك كان أمرا متوقعا، لذلك جعلت الوثيقة مجلس السيادة مجلسا تشريفيا وعهدت تنفيذ المهام للحكومة التنفيذية، وظل الشعب بثواره وكل قواه الحية مستعدا للتصدي لكل ما يعيق طريق الحكومة، غير أن د. حمدوك ظل يتستر على تآمر العسكر على الثورة بالحديث عن شراكة نموذجية لا وجود لها، وظل يغطي على فشل حكومته بتصريحات يعلم أنها لا تعبر عن الواقع (سوف نعبر).! فكان طبيعيا أن يشعر المكون العسكري بالأمان ويتمادى في تحديه للثورة.
🧶 إن نشوب الإختلافات بين كيانات الحاضنة السياسية كان أمرا متوقعا، لكن طريقة السيد حمدوك في تصريف المهام وبطء إستجابته وتفاعله مع القضايا المهمة فاقم من تلك الإختلافات .!
لقد ظل السيد حمدوك يدير كافة الملفات الخاصة بمجلس الوزراء بعيدا عن الوزراء وقريبا من مستشارين دارت حولهم الأقاويل.!
🧶 يبدو أن د. حمدوك مقصر أيضا في الإستعانة بمستشارين قانونيين وهذا واضح من طريقة فهمه وتطبيقه للوثيقة الدستورية وقعوده عن تشكيل العديد من المفوضيات الواردة في الوثيقة، ذات الأهمية البالغة في تحقيق المهام.
🧶 لقد تبنى د. حمدوك برنامجا قاسيا للإصلاح الاقتصادي، أيا كان حظه من النجاح فقد كان يحتاج لمفاتيح إنجاحه، لكنه الآن يقول أنه فشل في إمتلاك تلك المفاتيح، والتي يأتي في مقدمتها التوافق والانسجام بين مكونات الحكم الإنتقالي وأهمية إزالة التمكين خاصة في المواقع المسؤولة عن تنفيذ السياسات، بما يعني أن سيادته وضع العربة أمام الحصان.! ومن نتائج ذلك أن الحكومة وجدت نفسها في حرب غير متكافئة مع أعداء الثورة المرابطين خارج وداخل المؤسسات المالية الحكومية، فكان ما نشهده الآن من عجز السيطرة على الدولار في مواجهة العملة الوطنية رغما عن أنف سياسة التحرير.
🧶 فشلت حكومة د. حمدوك في وضع مفهوم دقيق لإزالة التمكين وفي تبني برنامج عملي سريع لتحقيقه، ورغم ما قامت به لجنة ازالة التمكين في هذا الصدد يظل نجاحها محدودا بالنظر لحجم التمكين الذي لا يزال قابعا ومعوقا بل متعثر الإزالة على حد وصف د. حمدوك . وكذلك بالنظر إلى منهج اللجنة وطريقتها في ممارسة مهامها، وما نتج عن ذلك من أخطاء تحسب على مجمل الأداء الحكومي، وسأتناول ذلك تفصيلا في المقال الثاني.
🧶 لقد سبق وان قام السيد البرهان بفتح بلاغ ضد أحد أعضاء لجنة إزالة التمكين، وفجأة عادت العلاقة في أفضل صورها بينه واللجنة، وتبع ذلك الصلح الصمت على هروب المتهم أوكتاي، كما أفلت من العقاب المتهم طارق سر الختم وآلت شركة سين للغلال للجيش لتضاف إلى جملة شركاته التمكينية، وقد حدث ذلك في وقت كانت تعلن فيه اللجنة عن عزمها على تحويل شركات الجيش لوزارة المالية.!
وبذلك تضعضعت عزيمة الحكومة ولجنتها في إزالة التمكين ومحاربة الفساد. ولما كان فيما حدث ما يمس إستقلال النيابة كمؤسسة عدلية، فقد أضعف ذلك أيضا العزيمة في العمل على إستقلال أجهزة العدالة.
🧶بدأ د. حمدوك متحمسا للإصلاح العدلي عبر مشروع قانون مفوضية إصلاح الأجهزة العدلية والحقوقية، ولما وجد ذلك المشروع هجوما من أعداء الثورة، نفى علمه به ولم يجز مجلس الوزراء مشروع ذلك القانون إلا بضغوط مارسها الشارع الثوري وبعد مضي الكثير من الزمن، ورغم أن القانون أجيز بواسطة المجلسين في أبريل ٢٠٢٠ إلا أنه ظل قابعا في الأدراج، ولا شك أن تحقيق هذا الهدف مسؤولية مجلس الوزراء بصريح نصوص الوثيقة الدستورية.
🧶 إن تخلي د. حمدوك عن ملف السلام للمكون العسكري وموافقته أو علمه المسبق بمقابلات الفريق أول البرهان لرئيس الوزراء الإسرائيلي وسكوته على كل التحركات الخارجية التي ظل يقوم بها رئيس المجلس السيادي ونائبه، بل وتكرار الحديث عن الشراكة النموذجية، كل ذلك أدى إلى تمدد المكون العسكري واستخفافه بالثورة، وكان لا بد أن ينتج عنه ما يشكو منه الآن د. حمدوك، من تعدد مراكز القرار والمساس بالسيادة الوطنية.!
🧶 قامت أكثر من جهة مهمومة بتقديم تصور عن كيفية إصلاح الشرطة والمخابرات العامة لكن د. حمدوك لم يبد إستجابة لأي منها فظل التمكين قابعا داخل تلك الأجهزة بما إنعكس سلبا على الوضع الأمني الذي يشكو منه الآن ! وقد إزداد سوءا بالسكوت على دخول الحركات الموقعة على إتفاقية السلام بسلاحها للعاصمة ومختلف المدن.!
🧶 كنت أتمنى لو سبقت مبادرة د. حمدوك إجتماعات بالمكون العسكري وقادة الحركات ومختلف الكيانات السياسية وقوى الثورة (خاصة لجان المقاومة فهو في حاجة لكسب ثقتهم بعد أن ظل يعرض عنهم) ، لطرح كل المخاوف والمحاذير وكيفية مواجهتها في هدوء، ولوتم ذلك لجاءت المبادرة أكثر وضوحا وقبولا، بدلا من أن يراها البعض مجرد طلقة في الهواء قد تزيد الأوضاع توترا.
وهكذا فإن أداء السيد حمدوك في العديد من الجوانب جانبه الصواب وجعل الشعب في حيرة من أمره، ومع كل ذلك نقول (نعم) لمبادرة السيد حمدوك، (لا) للدعوة لإسقاطه، وسنوضح الأسباب ونرصد الإيجابيات في الجزء الثاني من المقال بإذن الله.
حمدوك جاء السودان كرئيس وزراء الا انه طوال العامين عمل بعقلية مدير مشروع. قضاها تخدير و كلام عسل. بعد سنتين قدم تقريره!!! كان ممكن يعالج اغلب المشاكل في الشهر الأول خاصة بعد التأييد و المساندة من الشعب.
مقال جدآ محترم ومباشر فى تناول القضايا السياسية السودانية وينم عن فهم عميق للأحداث من رجل يعتبر من ابهى رموز الثورة ولكنه وجد نفسه بعيدآ عن موقع إتخاذ القرار الذى هو أصلآ زاهدآ فيه بقدر حاجة الناس الى جهد أمثاله .. يارب احفظ بلادنا
جهد مقدر مولانا عبدالقادر نحن كشعب لم ندعم حمدوك وتركناه للعسكر والفلول وحملناه أكثر من حمله مليون مره