مقالات سياسية

 الشايقية (شيّالة حال)..!

خط استواء
عبد الله الشيخ

رياحُ الأيام لم تترُك سِيد أحمد يهنأ بليالي المولاص في الجزيرة، رغمَ أن بِتْ مَحَبوبَة، كانت تحجِز له الرُّكن والبنْبَرْ، وتقول بنبرةٍ حاسِمة لرواد بيتها: هووي دَا محلْ (السّنْجَكْ).. و، و،  مع تمدُّد الخصخصة في مؤسسات القطاع العام، عرِف (السّنْجَكْ) أن المقام لن يطيب له فى صعيد الله والرسول، كما كان يسمي تلك النواحي.

 منذ البعْبَصة الأولى للثورة، أصبح (السّنْجَكْ) كثير الهذيان: 

– البلد بِقتْ مِقَحِّطي، الله يسنحْ السِّناحِي السوّاها فينا! 

كانَ يكتفي بهذا المستوى من الدعاء ضد النظام، لكون المتوجسين من عرب الجزيرة يتهيّبونَ نقد الحزب الحاكم بشَتْمِ سَناجِكه.

 كان سِيد أحمد يسخر من أوضاعه المعيشية بعد اعتماد النِّظام لسياسة الخصخصة ويقول إن  الفَلَس (مُصَنْقِرْ فوق ضَهَرو زي لّسْتِكْ الإسبير).. وهو فى ذاك الحال وصلته رسالة شفاهية من أمّه مع إحدى الشايقيات. سَعت نحوه بين رجال السوق، وقالت:

– سِيد أحمأ، أُمّكْ خَجِيجِي قالتْ لَكْ : الأصبع اليّابِسْ ما بيتلَحِسْ!

أهملَ الرّد عليها وقد فهم مضمون الرسالة، لكنه وسْوسَ بنبرة مَن يُحِّدث نفسه: زمن واللهِ زمن.. رعيناها زَمَن مِخَدِّرِي.. يا ربِّي الحال دَا بينصلِح تَاني، واللّا أخيرْ نرجَعْ (كَريمِي)؟

 لم يمر شهر على ذلك البَث المباشر حتى جاءت شايقية أخرى مِن البَلَد. كانت قاهرة وشيّالة حال ولا تعرف الاختِشاء.. وصلت إليه عند بِتْ محبوبة، صاحبة أشهر  محل بَقَنِيّة في كمبو المحالِج.. قالت له بين المُترَعين: 

– آآمايل الرُّجال، خَجِيجي قالتْ لكْ، إتْ مَاكْ عَارِفْ أمر الشّاي صَعِيب؟

رد عليها وهو  يأخذ تكويعته الكامِلة في جناحه الخاص داخِل البيت: 

– قوليلا إتِّي مَاكْ عَارفي، المَسَانيح ديل، بَاعوا السِّنَاحِي دَا؟

وأضافَ:

– نَان أجيبْ لَهَا من وين؟ الشّغَلانِي مِي جَاتْ زانقِي من ورا! 

رشَفَ (السّنْجَكْ) عبّاراً من الجّرْدَل الذي أمامه وقال متضجِّراً مِن زائِرته التي ربما كانت تنتظر منه (حقّ اللّبن):

– أمُرقي من فوقي، لا تغُزِّي كيعانِك فوقي، تشرَبِي دَمِّي..

 وأضاف:

– قُوليلاً كاتْلِي كاتْلِي، بي شوية التِّميرْ لامِنْ ربَّنا يفرِجا..

  سمعت بِتْ مَحَبوبَة عبارة التِّمير – البلح – على لسانه، فتدخلت فى الحوار :  

-(السّنْجَكْ) ياجعان، إنت عندك التّمُر، ويوم من ذات الأيام ما ضوَّقْتَنا منو؟

  صفقَ سيد أحمد يديه، وقال:

– يا خَرابة (فِه تمُر بياكلوهو) ؟

وأضاف:

 وَحَاتْ سِيدي الحَسَن أنا في البلد عِندي أكتر من مِيَّة عُودْ، وما حصلْ دخَّلْتَ مِنُّو حَبّة في خِشْيمي ده!

المواكب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..