مبادرة حمدوك.. في ميزان القوى السياسية

أقام المركز الإقليمي لتدريب وتنمية المجتمع المدني أمس، حلقة تشاور وتفاكر حول مبادرة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك (الازمة الوطنية وقضايا الانتقال.. الطريق إلى الإمام)، تناولت الورشة المحاور الـسبعة التي جاءت في المبادرة بالتفصيل. ضمت الورشة ممثلي القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني ولجان المقاومة وأسر الشهداء وغيرهم.
بناء الثقة
الورشة عرضت المبادرة وأدارت حواراً فعالاً وبناءً حول مضمونها، وأبرزت الدور الحيوي الهام للمجتمع المدني في تنفيذ المبادرة، بالتالي نجاح الفترة الانتقالية.
القيادي بالحرية والتغيير جعفر حسن أشار في حديثه إلى أسس التسوية وقال البعض التقطها باستهبال ويريد أن (يغز عوده) في الفترة الانتقالية وأعتقد أنها ستشمل الصالح والطالح في مكان واحد، مؤكداً أن المشاركين في النظام السابق ليسوا جزءاً من كتلة الانتقال، لأنها أحزاب فاشلة وخرج وأسقطهم الشعب بثورة شعبية، بالتالي لا يمكن أن تصلح الفترة الانتقالية لأنها ليست جزءاً منها ” مشيراً إلى أن الكتلة الانتقالية معني بها المدنيون والثوار والقوى السياسية ولجان المقاومة ومنظمات المجتمع المدني وغيرهم.
حسن قال إن أشخاص –لم يسمهم –لديهم (جلابية وعمة) جاهزون لكل حكومة ويركبون فيها، وأضاف ” هؤلاء ملف العدالة ينتظرهم، ويجب أولاً أن يتم تفكيكهم والقضاء هو الذي يحدد إذا كانوا مجرمين أم لا، وإذا لم تتم إدانتهم فلينتظروا الانتخابات وينافسوا مع الآخرين، مشيراً إلى أهمية بناء الثقة بين أطراف الانتقال، وقال إن الأمر يتمظهر في أن البعض لم يتعاون في الفترة الانتقالية و(دس عدتو)، وقال إن القوات النظامية لديها مؤسسات مالية ضخمة لديها أموال كثيرة، لكن لم تساهم بها في الانتقال والجوع الحاصل، وتساءل هل الجيش ليس ملكاً للدولة؟ مشيراً إلى أن القائمين على الأمر يعتبرون أن هناك معركة قادمة ويجب أن (يدسوا ليها العدة بتاعتهم)، لافتاً إلى أن الدعم السريع لديه مؤسسات مالية كبيرة تعمل في مدن كثيرة، وهذه المؤسسات لم تشتر وقود أو دواء ولم تسلم أموالها للخزينة أيام (الزنقة)، وقال إن عدم المساهمة لحساباتهم بأن هناك معركة قادمة أمر خطر جداً، ويجب أن تكون معركتنا الانتقال ولا شيء غيره.
مصيبة وفضيحة
جعفر حسن أكد أهمية وجود ميثاق شرف لإعادة وتسخير الإمكانات لصالح الانتقال والوصول إلى الانتخابات، مشيراً إلى أهمية توحيد مراكز اتخاذ القرار التي ذكرها حمدوك خلال المبادرة، وقال (إن وزيرة الخارجية لديها 4 أو 5 دويلات تذهب إليها، ويوجد شخص واحد يذهب إلى السعودية، وآخر عمله الإمارات، وثالث شغلوا دول أخرى”. وأضاف يوجد تضارب في السياسات الخارجية وتوجد محاور متعددة شغالين فيها في محاور مختلفة، مشيراً إلى أن الوثيقة الدستورية تمت كتابتها في جو (كعب) وكل مجموعة كانت تريد تأمين نفسها وتحاول كتابة النصوص التي تحميها، ولم يكن الغرض الأول منها العبور بالسودان إلى بر الأمان، لذلك لا بد من قوانين مفسرة للوثيقة لضبط المصطلحات.
ووصف عدم توحيد الخطاب الإعلامي بـ(المصيبة) وظهر ذلك في حرب البيانات وهذا خطر، وقال نحن في الحرية والتغيير لم نستطع أن نكون معارضة أو حكومة وأضاف “هذه فضيحة والأفضل أن نكون واضحين ونتحدث بشفافية بأن الخطاب الإعلامي غير موحد بين الحاضنة السياسية وبين مجلس الوزراء والمجلس السيادي “، معتبراً أن تلك الجهات تحاول إزاحة التهمة عنها وأن تلبسها إلى الآخرين، موضحاً أن الأمر يحتاج إلى التحلي بالشجاعة لمواجهة الواقع وتحمل المسؤولية، وضرورة الانتقال من لغة المعارضة إلى التي عاشت فيها المعارضة 30 عاماً وكتابة البيانات إلى لغة رجال الدولة.
وقال إن سلام جوبا تم الاعتراف به من المجتمع الدولي والإقليمي وداخل السودان، ولا حل غير الالتزام به حرفياً، لنثبت للشعب السوداني أن هذه الدولة ليست دولة (الكيزان) الذين يكتبون على الورق ولا يلتزمون بالاتفاق، مشيراً إلى أن أي شخص له غرض من هذه الثورة فالبعض همه السلام فقط، لذلك لن تستطيع أن تحدث مواطني المعسكرات عن الديمقراطية، وآخرون غرضهم العدالة فقط، فأسر الشهداء لا يمكن أن تحدثهم عن الترف الاجتماعي، مشيراً إلى أن الخطاب العام يتمثل في الحرية والسلام والعدالة، وقال إن البعض يعارض عمل لجنة التمكين، لكن التفكيك سيصل أي شخص، ويجب أن يكون مثل فحص كورونا.
تغول السيادي
من جانبه قدم مضوي إبراهيم ورقة حول العلاقات الخارجية، أكد فيها أن ضعف السلطة التنفيذية جعلت مجلس السيادة يتغول على صلاحياتها، مشيراً إلى إن الوثيقة الدستورية لم تمنح مجلس السيادة سلطات السياسة الخارجية، وقال بعد 3 أيام من أداء الحكومة التنفيذية للقسم أقال السيادي والي البحر الأحمر، فيما صمتت السلطة التنفيذية عن الأمر، وكان ذلك بمثابة اختبار لضعفها.
مضوي قال إن مبادرة حمدوك يفترض أن تكون قرارات السلطة التنفيذية، لكنها لا تقوم بالدور المطلوب، داعياً للاعتراف بأن الأحزاب السياسية ليس لديها قواعد منتشرة في بالبلاد، مؤكداً أهمية تكوين لجان منتخبة، مشيراً إلى أنها يمكن أن تحل كثيراً من المشاكل، وتساعد حتى في قيام المجلس التشريعي، وإدارة جهاز الدولة، مستدركاً: صحيح توجد معارضة لهذا الأمر لكن لا يمكن أن تكون السلطة معلقة في السماء.
حياة آمنة
القيادي بحركة العدل والمساواة أحمد تقد لسان قال خلال الورشة إن مبادرة حمدوك جاءت في وقت مناسب وحساس، وتهدف إلى الوصول إلى آلية لحماية الفترة الانتقالية، مشيراً إلى اتفاق جوبا للسلام خاطب قضايا مهمة ورسم خارطة الطريق.
لسان أكد ضرورة أن ينتقل المواطنون في مناطق النزاعات من حياة الذل والهوان إلى حياة آمنة، منوهاً إلى أن هؤلاء ليس من أولوياتهم قضايا الانتقال، مشيراً إلى أن مبادرة رئيس الوزراء أشارت إلى عقبات تواجه تنفيذ اتفاق جوبا، وقال “ما تم في اتفاق جوبا هو تعيين أشخاص لم يتجاوز عددهم أصابع اليد في بعض المواقع”، مشيراً إلى أنه تم تعديل المصفوفة الزمنية لتنفيذ الاتفاق لمرتين، رغم ذلك لم يتم الالتزام بها، مؤكداً أهمية توفر الإرادة السياسية لتنفيذ الاتفاق، وعلى رئيس الوزراء أن يضع هذا الأمر في الحساب.
الشراكة العدائية
الخبير العسكري اللواء كمال إسماعيل أكد خلال الورشة أن القطاع العسكري يحتاج إلى إصلاح، وقال هناك أخطاء لا بد من إزالتها، ولا بد من وحدة حقيقية بين ألوان الطيف السياسي، وقال إن وحدتها ستؤدي إلى خلق استقرار سياسي ومن ثم اقتصادي.
إسماعيل أوضح أن المصالحة العسكرية مهمة، ولا توجد حكومة بدون جيش، مشيراً إلى أن التفاوض بين المدنيين والعسكريين سماه البعض بالشراكة العدائية، لذلك لا بد من المصالحة السياسية التي تعزز التوافق الأمني.
السوداني



